عاود التضخم في السودان الارتفاع مجددا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليبلغ 68.93 في المائة. وتسببت الزيادات المتكررة في أسعار السلع الضرورية والأساسية، خلال الستة أشهر الماضية، في ارتفاع التضخم.
واحتلت اللحوم والبصل والزيوت والألبان قمة قائمة السلع المرتفعة التي سببت التضخم الشهر الماضي، والتي شهدت مسلسل زيادات في أسعارها، لم تستطع الكثير من الأسر أن تتحملها، رغم أن هذه السلع لا علاقة لها بارتفاع وانخفاض الدولار، وهو المبرر الذي يسوقه التجار والمنتجون، دوما للمستهلكين.
وبالفعل واصل الدولار الأميركي رحلة صعوده أمس في السوق الموازي في السودان، مقابل سعره الرسمي في آلية (صناع السوق)، والتي ابتدعتها الحكومة قبل أشهر لمساواة سعر الدولار في السوقين. وبلغ سعر الدولار أمس 58 جنيها سودانيا، فيما بلغ سعره في الآلية الرسمية 47.5 جنيها سودانيا.
ويعتقد الخبراء والمراقبون، أن الزيادات التي تحدث كل يوم في مختلف السلع الضرورية أو الأساسية أو مواد البناء والتجميل، لا يمكن كبحها بسهولة، إلا بإجراءات حاسمة تعاقب المتسببين في الزيادات، والذين يعملون في الخفاء كالسماسرة وغيرهم.
وتشهد الأسواق السودانية ركودا وضعفا في عمليات الشراء بسبب الزيادات في الأسعار، التي طالت الأدوات المكتبية والأواني المنزلية ومستلزمات التعليم والمدارس، بجانب الارتفاع الذي شهده قطاع العلاج، خاصة أسعار دخول المستوصفات وتكلفة الأدوية، بجانب الزيادات في مختلف رسوم الخدمات، والتي تحدث دون أي مبرر وفقا لمصادر مقربة من السوق السودانية.
وسجلت ولاية البحر الأحمر، أعلى معدل تضخم بنسبة 98.24 في المائة، وأدناه سجلته شمال كردفان بنسبة 55.89 في المائة. وتأتي ولاية الخرطوم كثاني أدنى ولاية، إذ بلغ التضخم فيها 59.68 في المائة.
ووفق البيان الصحافي للجهاز المركزي للإحصاء الذي صدر أمس، سجل معدل التضخم في المناطق الحضرية ارتفاعاً بلغ 62.67 في المائة، مقابل 61.14 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فيما سجل في المناطق الريفية انخفاضا إلى 74.22 في المائة، مقابل 74.58 في المائة في أكتوبر الماضي.
يذكر أن معدل التغير الشهري سجل ارتفاعاً بلغ 2.05 في المائة، ويعود ذلك لارتفاع مجموعة الأغذية والمشروبات التي ارتفعت بنسبة 1.74 في المائة.
إلى ذلك برر تجار لحوم وجزارون ارتفاع أسعار اللحوم مؤخرا إلى زيادة الطلب من الدول العربية على صادر اللحوم السودانية، بجانب الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، فضلا عن شح الجازولين، الذي تسبب بدوره في زيادة أسعار النقل والترحيل.
وقالوا إن فتح صادرات اللحوم أمام الدول وخاصة إلى مصر كان السبب في زيادة أسعار اللحوم المحلية، بجانب ارتفاع أسعار الحبوب الزيتية التي تستخرج منها الأعلاف، مشيرين إلى أن سعر جوال العلف ارتفع إلى 1500 جنيه، علاوة على أن شح المواد البترولية يقود إلى زيادة تكلفة النقل والترحيل، خاصة أن مناطق إنتاج المواشي بعيدة عن الأسواق أو المركز، لافتين لوجود لحوم بقرية من دول أخرى أسعارها أقل نسبة لعدم جودتها، حيث يبلغ سعر الكيلو منها 120 جنيها، بعكس اللحوم السودانية التي شهدت زيادات كبيرة.
من جهتهم، أشار تجار سلع تموينية في السوق العربي بالخرطوم أمس إن هنالك استقراراً في أسعار السلع كافة بسبب الركود وشح السيولة. وأشار تاجر إلى أن أسعار السلع تشهد هذه الأيام استقراراً نتيجة الركود والإجراءات الاقتصادية الأخيرة. وتعد فئة العمال أكثر الشرائح تأثرا بالزيادات التي تحدث في أسعار السلع الضرورية والاستهلاكية، بما حدا باتحاد عمال السودان للإعلان أمس في الخرطوم عن تخصيصه مشاريع إنتاجية عبر المجموعات للعمال، ممولة من بنك العمال والمؤسسة العمالية. وأكد رئيس الاتحاد يوسف علي عبد الكريم، أن هناك تحولاً كبيراً في هذا المشروع، حيث أصبح بإمكان الاتحاد تقديم تمويل لزراعة من 10 إلى 50 فدانا.
وأضاف «نسعى إلى استجلاب مطاحن وأفران للخبز تعمل وتوزع للعمال بأسعار مخفضة»، وأكد أن هدف الاتحاد تمكين العامل من السلعة الأساسية وليس الربح.
ودشن الاتحاد العام مشروع سلة الشتاء للعاملين بالخرطوم، في مخازن محفظة قوت العاملين القومية بالولاية، وذلك في إطار تخفيف أعباء المعيشة، بحضور ممثلة والي الخرطوم، الدكتورة أمل البيلي، وزيرة التنمية الاجتماعية.