أزمة في حكومة نتنياهو مصدرها تيارات المتديّنين

إذا لم يتمكن من تسويتها فإن الاتجاه الغالب سيكون تبكير موعد الانتخابات

أزمة في حكومة نتنياهو مصدرها تيارات المتديّنين
TT

أزمة في حكومة نتنياهو مصدرها تيارات المتديّنين

أزمة في حكومة نتنياهو مصدرها تيارات المتديّنين

دخلت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية في أزمة جديدة تهدّد بسقوطها، ومصدرها هذه المرة حزب اليهود الأشكناز المتدينين، الذي هدد أحد قادته المؤثرين موشيه غفني، رئيس قائمة «ديغيل هتوراة» في تكتل «يهدوت هتوراة»، بالاستقالة من الائتلاف إن لم يتم تمرير قانون تجنيد الشبان المتدينين.
وتنطوي هذه الأزمة على مصاعب كبيرة لدى نتنياهو، لأن هناك خلافا داخليا محتدما في «يهدوت هتوراة» حول الموضوع. وهذه القائمة مؤلفة من حزبين متحالفين، هما «ديغيل هتوراة» بقيادة غفني، و«أغوداة يسرائيل» بقيادة نائب وزير الصحة، يعقوب ليتسمان. وفي حين يؤيد غفني تمرير القانون، يعارضه ليتسمان ويطالب بإجراء تعديلات جوهرية فيه. ويهدد هو الآخر بالانسحاب من الحكومة في حال تمرير القانون بصيغته الحالية.
ويبدو نتنياهو عاجزا إزاء هذه المشكلة، لأن نص القانون المقترح حاليا هو نص نهائي بالنسبة للجيش وللكثير من أحزاب الائتلاف اليميني. وموضوع هذا القانون مطروح على طاولة محكمة العدل العليا، التي تمارس هي أيضا الضغوط على نتنياهو ليحسم الأمر. وقبل أسبوع، مدّدت هذه المحكمة المهلة التي منحتها للحكومة لتعديل هذا القانون أو إقراره. وحددت موعدا نهائيا لذلك هو الخامس عشر من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
ومعلوم أن الائتلاف الحكومي، ومنذ استقالة رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، من منصبه وزيراً للأمن الإسرائيلي وانسحابه من الائتلاف في الشهر الماضي، بات الائتلاف ضيّقاً مكوناً من 61 مقعداً (من مجموع 120 نائبا)، وتكفي استقالة أي نائب من الائتلاف لتفكيكه وسقوطه.
وتشير معظم التوقعات السياسيّة الإسرائيليّة إلى أن ائتلاف نتنياهو الضيّق لن يصمد حتى موعد الانتخابات المقرّر في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وحتى لو تمت تسوية هذه الأزمة، فإن هناك قوانين أخرى مطروحة على جدول أعمال الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وتوجد خلافات حولها داخل كتل الائتلاف الحكومي. وقدم أعضاء كنيست من حزب «كولانو»، برئاسة وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، وحزب «البيت اليهودي» برئاسة وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، اقتراحا خلال محادثات مغلقة مع أعضاء «الكنيست» من حزب الـ«ليكود» الحاكم، يقضي بتمرير مشروع القانون المسجل على اسم رئيس الوزراء، نتنياهو، حول تشكيل الحكومة. وينص المشروع على تقييد صلاحيات الرئيس الإسرائيلي لدى تكليفه شخصا بتشكيل الحكومة، ذلك أن القانون اليوم يتيح لرئيس الدولة أن يلقي مهمة تشكيل الحكومة على أحد نواب الكتلة الأكبر، ولكنه لا يلزمه بأن يكون هذا النائب هو رئيس الكتلة.
بعبارات أخرى، فإن الرئيس الحالي رؤوبين رفلين، يستطيع حسب القانون الحالي، ألا يكلف نتنياهو تشكيل الحكومة بعد الانتخابات القادمة، بل يكلف شخصا آخر في كتلة حزبه البرلمانية. ويخشى نتنياهو من أن يقرر رفلين تكليف جدعون ساعر، المرشح لخلافته في رئاسة الليكود، والذي يعتبره نتنياهو خصما لدوداً، لمجرد قراره التنافس على رئاسة الحكومة. وقد تحدث نتنياهو عن مؤامرة بهذا الخصوص بين رفلين وساعر علنا. ولذلك يريد إلزام رئيس الدولة بتكليف رئيس الكتلة الأكبر، فقط، لتشكيل الحكومة.
ويعارض هذا القانون حاليا عدد من نواب الائتلاف، لذلك يسعى نتنياهو إلى إحداث شرخ داخل أحزابهم حتى لا يقفوا ضد هذا القانون. وفي حال نجح أو فشل، فإنه لن يستطيع الصمود في ائتلافه الضيق. ويرجح المراقبون أن يتم حل «الكنيست» والحكومة والتوجه لتبكير موعد الانتخابات، الذي سيكون على الأرجح في شهر مايو (أيار) المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».