باكستان: مخاوف من نجاح الجماعات المتطرفة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

باكستان: مخاوف من نجاح الجماعات المتطرفة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
TT

باكستان: مخاوف من نجاح الجماعات المتطرفة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

باكستان: مخاوف من نجاح الجماعات المتطرفة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

أثار نجاح الجماعات المتطرفة، مثل «تحريك لبيك» الباكستانية وغيرها من التنظيمات المسلحة، في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكفاءة عالية، مخاوف دوائر صناعة القرار في البلاد من أن تتمكن تلك التنظيمات من إفساد الحياة المدنية في المستقبل.
ازداد الخوف وسط دوائر صناعة القرار في باكستان من أن يحرك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الحركات الاحتجاجية على نطاق واسع لأسباب واهية.
ولتلك المخاوف دوافعها المحلية أيضا، نظرا لأن جميع مثيري الشغب في المشهد السياسي الباكستاني دائما ما يحاولون استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لأبعد مدى. فمنذ شهر واحد مضي، حاولت جماعة «تحريك لبيك» حشد الرأي العام الباكستاني عندما برأت المحكمة العليا في باكستان سيدة مسيحية تدعى آسيا بيبي من تهمة الإساءة إلى الإسلام، وألغت حكم الإعدام الصادر ضدها. لكن الإعلام الحكومي الباكستاني؛ بما في ذلك التلفزيون الرسمي والصحف، قام بالتعتيم على مسيرات جماعة «تحريك لبيك» الاحتجاجية التي طافت كثيراً من المدن الباكستانية عقب حكم المحكمة العليا. ويرجع القلق من تلك الحركات إلى احتمال تسبب ما تقوم به جماعة «تحريك لبيك» في إحداث ما يطلق عليه «تأثير كرة الثلج» في الشارع، ولذلك طالبت الحكومة وسائل الإعلام بعدم تغطية تلك المسيرات الاحتجاجية.
لم تمنع محاولات التعتيم الإعلامي جماعة «تحريك لبيك» من مواصلة السير في الاتجاه التحريضي ذاته، حيث انتشر بصورة كبيرة وخلال فترة وجيزة مقطع مصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر قادة تلك الجماعة يطلقون فتاوى تبيح قتل قضاة المحكمة العليا ويدعون الجيش إلى الانقلاب على قادته. ونتيجة لذلك، أصبحت الدولة الباكستانية في مواجهة ما يشبه حالة شغب في كثير من المدن التي خرج فيها العمال الموالون لحركة «تحريك لبيك» عن السيطرة عقب مشاهدة المقطع المصور والتصريحات والخطب الصادرة عن قادة الجماعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولمواجهة ذلك، حاولت الحكومة لبعض الوقت السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي بقطع الإنترنت في بعض المناطق، لكن تنفيذ ذلك كان مستحيلا بسبب انتشار التكنولوجيا في باكستان.
ولا يمكن وصف احتجاجات جماعة «تحريك لبيك» بأنها ثورة شعبية، لكنها مجرد مثال على نجاح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إثارة غضب وحنق المجتمع، وهو ما يمكن أن يتسبب في إفساد الحياة العامة في المجتمع. لكن يمكن أن تلقى رسالة جماعة «تحريك لبيك» قبولا وتحقق انتشارا واسعا حال فتح أمامها المجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فانتشار التكنولوجيا في هذه المرحلة يشكل خطرا كبيرا على المجتمع، نظرا لأن الجميع تقريبا في المناطق الحضرية (حيث يزداد خطر اندلاع تلك الحركات الاحتجاجية) يحملون هواتف ذكية ويملكون أجهزة كومبيوتر محمولة، والعدد في ازدياد.
وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» حول مخاوف صناع القرار في باكستان من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وإمكانية أن تتسبب في قيام ثورات، استبعد خبير إعلامي إمكانية حدوث ذلك في الوقت الحالي. وأشار إلى أن الدولة يمكنها تنظيم مجالات التواصل الاجتماعي من خلال سن القوانين والقواعد المنظمة، مؤكدا أهمية عدم قطع الإنترنت أو فرض الرقابة عليها، ذلك لأن «تلك المواقع كانت سببا في حالة الانفتاح في المجتمع وباتت مؤشرا على الديمقراطية».
وناهيك بجماعة «تحريك لبيك»، هناك كثير من الجماعات المسلحة التي تستخدم هي الأخرى مواقع التواصل الاجتماعي لغرض الحشد الاجتماعي والسياسي.


مقالات ذات صلة

ترمب: اعتقال مخطط هجوم كابول الانتحاري ونقله إلى الولايات المتحدة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب أثناء إلقائه خطابه أمام الكونغرس (رويترز)

ترمب: اعتقال مخطط هجوم كابول الانتحاري ونقله إلى الولايات المتحدة

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الثلاثاء عن اعتقال أحد المشتبه بهم الرئيسيين في الهجوم الانتحاري الذي استهدف مطار كابول، وأسفر عن مقتل 13 جنديا أميركيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)

إردوغان يلوح لأوروبا بالأمن... وحزب كردي يطالب بحرية «أوجلان»

دعا حزب تركي مؤيد للأكراد إلى تخفيف ظروف سجن زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان حتى يتمكن من القيام بمهامه في الدعوة التي أطلقها لحلّ الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي مقاتلون حوثيون يستعرضون قوتهم في صنعاء باليمن... 21 سبتمبر 2024 (رويترز) play-circle

الخارجية الأميركية تصنّف جماعة الحوثي اليمنية «منظمة إرهابية أجنبية»

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، أنها صنّفت جماعة الحوثي في ​​اليمن، المعروفة رسمياً باسم «أنصار الله»، «منظمة إرهابية أجنبية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جانب من المباحثات التركية - البريطانية في أنقرة (الخارجية التركية)

تركيا طالبت خلال محادثات مع بريطانيا برفع كامل للعقوبات الغربية

أكدت تركيا ضرورة رفع جميع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا ودعم شعبها في المرحلة التي تسعى فيها إلى استعادة عافيتها

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا أفغان ينتظرون عبور معبر تورخام المغلق مع باكستان، حيث تبادلت القوات الباكستانية والأفغانية إطلاق النار بين عشية وضحاها في تورخام بأفغانستان يوم الاثنين 3 مارس آذار 2025 (أ.ب)

تراجع الاشتباكات بين باكستان وأفغانستان وآلاف يبحثون عن مأوى

قال سكان ومسؤولون إن اشتباكات اندلعت خلال الليل بين قوات الأمن الباكستانية والأفغانية عند معبر الحدود الرئيسي بين البلدين تسببت في فرار آلاف السكان من منازلهم

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».