غريفيث ينجح في نقل عدوى التفاؤل إلى طرفي المشاورات

قرب تطبيق {اتفاق الأسرى} وانقسام حول خطة الحديدة وحديث عن جولة جديدة مطلع 2019

غريفيث خلال المؤتمر الصحافي في «قصر يوهانسبيرغ» شمال ستوكهولم أمس (رويترز)
غريفيث خلال المؤتمر الصحافي في «قصر يوهانسبيرغ» شمال ستوكهولم أمس (رويترز)
TT

غريفيث ينجح في نقل عدوى التفاؤل إلى طرفي المشاورات

غريفيث خلال المؤتمر الصحافي في «قصر يوهانسبيرغ» شمال ستوكهولم أمس (رويترز)
غريفيث خلال المؤتمر الصحافي في «قصر يوهانسبيرغ» شمال ستوكهولم أمس (رويترز)

ارتدت الأرض المحيطة بالقصر الملكي السويدي «يوهانسبيرغ سلوت»، حلة بيضاء، أمس. تساقطت نطف الثلج واشتدت برودة الطقس الذي شهد في اليوم الخامس من أيام المشاورات اليمنية يوماً وصفه المسؤولون من الطرفين بالإيجابي.
اللافت أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي كان المتفائل الوحيد حول نجاح المشاورات، لم يعد وحيداً. وتشي تصريحات المسؤولين من طرف الحكومة اليمنية أو الحوثيين بأن «عدوى التفاؤل» انتقلت إلى هنا، على أمل أن تقنع 26 مليون يمني ينتظرونها لتترجم عملية السلام، وينتهي كابوس الحرب الذي بدأ بالانقلاب على السلطة الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014. وبسؤالها كيف استطاع المبعوث نقل «عدوى التفاؤل» إلى الطرفين، قالت الدكتورة وسام باسندوة أستاذة العلاقات الدولية: «هي ليست انتقالاً للعدوى بقدر ما هو تجهيز جيد لهذه الجولة من المفاوضات من قبل المبعوث الدولي ومملكة السويد، فالمبعوث الدولي معني بالخروج بأي نجاح من هذه الجولة، ويضغط على الطرفين لتقديم تنازلات ولو طفيفة في الملفات والزوايا الممكنة، خصوصاً في القضايا غير الجوهرية لدى كلا الطرفين». وتابعت: «كما أن الأطراف المتحاورة لكل منها أسبابها التي تجعلها تسعى لإنجاح هذه الجولة التشاورية، فالحكومة اليمنية أتت للسويد محملة بهموم الناس ومعاناتهم وآمالها وتطلعاتها وهي تسعى بجدية لإحداث حلحلة في الملفات المتعلقة بالأزمة الإنسانية (...)، هذه الأسباب المتوفرة لدى كل طرف هي ما تجعل هالة التفاؤل تحيط بجولة المشاورات برأيي».
وكشفت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، عن تسلم وفدها في مشاورات السويد ورقة حول الاتفاق الإطاري (الحل الشامل)، ليرتفع عدد الأوراق التي سلمها المبعوث الخاص للشرعية إلى ثلاث، بعدما سلم الفريقين في اليوم الرابع ورقتي تعز والحديدة. وقال المصدر إن الورقة تحتوي على مبادئ عامة، لكنها تستند على المرجعيات الثلاث ونص القرار 2216، واصفاً إياها بالمبادئ العامة والخطوط العريضة لمشاورات مقبلة.
وكان من المنتظر أن يتسلم وفد الحكومة ورقة رابعة أيضاً تتعلق بالجوانب الاقتصادية، لا سيما وأن اجتماعات اقتصادية انعقدت أمس في الأردن برعاية منظمات مالية دولية.
وأمس، شهد الجدول المقرر للاجتماعات لقاءات حول «الأسرى» واجتماعاً للفريق مع المبعوث، واجتماع اللجنة الاقتصادية، وفقاً للمصدر الذي قال: «كل هذه الأوراق سيجري نقاشها مع المبعوث ومساعديه خلال الأيام القليلة».
وبعد الحديث مع أكثر من شخص داخل الوفد الحكومي اليمني، تبين، أمس، أن الأوراق التي تسلمتها الحكومة تحمل جوانب معقولة. ويقول المصدر: «سنتعاطى معها. هناك نقاط نرى أنها تحتاج إلى دخول في تفاصيل أوسع، خصوصاً فيما يتعلق بوقف إطلاق النار أو الانسحابات وغيرها، التي تحتاج إلى الدخول في تفاصيل الوضع الأمني والعسكري».
وحول اتفاق تبادل الأسرى، الذي توصل إليه الطرفان في وقت سابق، أعلن مسؤول في وفد الحكومة اليمنية، أمس، أن الاتفاق سيدخل مرحلة التطبيق قريباً، على أن يستكمل الشهر المقبل. وقال هادي هيج، مسؤول ملف الأسرى في فريق المفاوضين التابع للحكومة، على هامش محادثات السويد، «هناك إجراءات، وأول إجراء هو تسليم الكشوفات (الأسماء)»، مضيفاً أن موعد التسليم اقترب. وأفادت مصادر بأن الاتفاق سيستكمل بشكل نهائي في يناير (كانون الثاني) المقبل في حال بدأ تبادل الأسرى خلال الأيام المقبلة. من جهته، قال مستشار لفريق المتمردين إن لائحة الأسماء «قد يتم تسليمها بنهاية اليوم (أمس)»، مضيفاً: «قد يكون هناك إعلان عن تواريخ محدّدة».
بدورها، تقدّمت الأمم المتحدة، أمس، باقتراح حول مدينة الحديدة ينص على انسحاب المتمردين من المدينة الساحلية في مقابل وقف القوات الحكومية هجومها، ثم تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة. وبحسب نص الخطة، فإنّ الأمم المتحدة تعرض نشر مراقبين في ميناء الحديدة وموانئ أخرى في المحافظة للمساعدة على تطبيق الاتفاق.
وقال عضو وفد الحكومة المعترف بها دولياً هادي هيج، تعليقاً على المبادرة، «الورقة قيد الدراسة». وبدوره، قال وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، أمس، إن الحكومة مستعدة لقبول اضطلاع الأمم المتحدة بدور في ميناء الحديدة، لكنها لا تقبل وجوداً طويل الأمد في المدينة.
وصرح اليماني لوكالة «رويترز»، بأن الحديدة ينبغي أن تكون تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً. وتابع أن فكرة نشر قوات لحفظ السلام أو نوع من الوجود الدائم للأمم المتحدة - مثل قوات على الأرض - أو جعلها مدينة محايدة، أمر لن تقبله حكومته أبداً. وشدد على ضرورة وضع المدينة تحت سيطرة قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، باعتبار ذلك مسألة تتعلق بالسيادة.
بدوره، أشار عضو وفد المتمردين سليم مغلس إلى أن النقاشات في ملف الحديدة «لا تزال كبيرة»، مكرّراً موقف الحوثيين القائل بأن الانسحاب من مدينة الحديدة يجب أن يكون جزءاً من اتفاق سلام شامل.
ومن أمام القصر الواقع شمال العاصمة استوكهولم، أعلن غريفيث أنه يأمل في اتفاق الأطراف على عقد جولة مقبلة من المشاورات مطلع العام المقبل. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أمس، أنه سيتم تقديم خطة تفصيلية لتلك المحادثات، وأن الجولة المقبلة ستبحث الترتيبات الأمنية. وقال إن محادثات السويد، التي بدأت الأسبوع الماضي، ستكون الأولى ضمن كثير من جولات المشاورات. وأردف غريفيث بأن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتخذ القرارات دون ضغط من أحد، مبشراً بقرب إعلان اتفاق إطلاق سراح الأسرى. وأضاف أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مطار صنعاء بعد، مشيراً إلى أن الرئيس هادي طرح عليه وضع الأسرى أولوية كونه يدرك وضع الأسر. ونفى غريفيث كتابته أي وثيقة للحل، في إشارة إلى مقترح الحديدة وتعز الذي تم تداوله اليوم، مشيراً إلى أن مهمته وضع مسودات للنقاش حولها.
وعن الأولويات الضرورية للخروج بنجاح في هذه الجولة، قالت الدكتورة وسام باسندوة: «في هذه الجولة المسائل الإنسانية؛ الأمور التي تمس حياة المواطن اليمني المعيشية كفك الحصار عن تعز وفتح مطار صنعاء مع ضوابط التفتيش والرقابة والأمور الاقتصادية»، وأضافت في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «أعتقد فيما يتعلق بملف الأسرى هناك خطوات واسعة أُنجزت، وأصلاً كما بات معلوماً فإن القضية هذه كانت حسمت وتم التوقيع عليها قبل التوجه للسويد، بينما بقي الاتفاق حول الآلية، وهو ما يعتقد أنه يسير بإيجابية حتى الآن، لكن باعتقادي ملفات حصار تعز والحديدة وفتح مطار صنعاء ما زالت قضايا محل خلافات جوهرية ليس حول الآليات فقط».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.