شاشة الناقد: أداء سكارلت يوهانسن في {لوسي} من الحار إلى البارد

سكارلت يوهانسن في «لوسي»
سكارلت يوهانسن في «لوسي»
TT

شاشة الناقد: أداء سكارلت يوهانسن في {لوسي} من الحار إلى البارد

سكارلت يوهانسن في «لوسي»
سكارلت يوهانسن في «لوسي»

الفيلم: لوسي Lucy
إخراج: لوك بيسون
أدوار أولى: سكارلت يوهانسن، مورغن فريمن، عمرو واكد
الولايات المتحدة- فرنسا (2014).
تقييم الناقد: (2*)

في مطلع عهدها بالتمثيل، لعبت سكارلت يوهانسن أدوارا شفّـافة وذات معنى. كانت، في منتصف التسعينات، ما زالت صغيرة تسعى لشق طريقها بين النجوم قبل أن تتحوّل إلى البطلة الأنثى فيلم «مفقود في الترجمة» أمام بيل موراي. ثم ها هي تقود بطولة «الفتاة ذات الحلق اللؤلؤ» سنة 2003 لتستمر بعد ذلك في كسب جولاتها مع أفلام ذات قيمة من بينها «في صحبة طيّبة» لبول فايتز و«ماتش بوينت» لوودي ألن (الذي كان بداية تعاون على فيلمين آخرين بينها وبين ألن) كما «الداليا السوداء» لبرايان دي بالما و«السمعة» لكريستوفر نولان (كلاهما سنة 2006).
شيء ما حدث بعد ذلك كلّـه عندما قبلت عرضا لتأدية دور واحدة من أبطال «آيرون مان 2» سنة 2010. دور لم تكن بحاجة إليه وصلاحيتها له، كفتاة ناعمة أو كممثلة برصيدها، لم تكن مؤكدة، لكنه كان قرارا لدخول سينما الكوميكس وأفلام الصيف الكبيرة تبعته بدورها في «المنتقمون» حيث كانت الأسوأ بين روبرت داوني جونيور ومارك روفالو وكريس إيفانز وكريس همسوورث وجيرمي رنر. ليس أن هؤلاء كانوا يقدّمون شخصيات شكسبيرية على الشاشة، لكنهم كانوا متأقلمين كأبدان حقيقية في ساحات القتال الرجالية الصعبة. هي كانت النشاز.
هذا النشاز يأخذ في «لوسي» الدور البطولي الوحيد. في مطلعه هي مجرد فتاة عادية تعيش وتدرس في تايوان. يخطفها تاجر المخدّرات جانغ (تشوي مين سيك) ويحشو معدتها بمخدرات لكي تهرّبها. لكن المخدّرات تستولي على عقلها. تجعلها خارقة الذكاء والقوّة. إذا لم يكن ذلك دعاية للمخدرات فعلى الأقل لإمكانية كل فتاة في أن تترك ما تناله من دروس العلم والثقافة في الجامعة وتلتحق بمعاهد الكمال البدني لكي تمارس القتل كما يحلو لها.
الفرنسي لوك بيسون ليس غريبا عن هذا النوع من الأفلام. لقد وضع آن بارييو في بطولة «الأنثى نيكيتا» وجلب نتالي بورتمان لبطولة «المحترفة» وميلا جوفوفيتش لبطولة «العنصر الخامس» والمنوال هو واحد: امرأة فوق العادة في مغامرات تقودها وكلما سارت بضعة مشاهد إلى الأمام تركت وراءها ضحايا من الرجال. يذكّـرني ذلك بأدوار نادية الجندي في الثمانينات والتسعينات، لكن مع اختلاف الأسلحة وطموحات الحكايات.
لمنح الفيلم ثقلا علميا، هناك مورغن فريمن في دور البروفسور سامويل نورمن الذي يحاضر في باريس حول قدرات العقل غير المحدودة إذا ما استطاع التحرر من قيوده. هذا قبل أن يدرك أن لوسي حققت هذا الوعد ولو بالصدفة عندما انتشر المخدّر الخاص في خلاياها وخلق منها امرأة تستطيع أن تواجه كل معضلة بذكاء نادر. هذا ما يجلب السؤال حول إذا ما كانت بمثل هذا الذكاء فلماذا نراها تدخل في مآزق تعمد فيها إلى القتل لكي تبقى حيّـة؟ ثم إذا ما كانت بهذه القوّة، لم علينا أن نكترث لمصيرها حين مواجهة الأشرار؟. منذ أن تتحوّل لوسي من فتاة عادية إلى امرأة لا شيء عاديا في حياتها، يتغيّـر أداء سكارلت يوهانسن من الحار إلى البارد فإلى الصقيع. إنه أكشن على الواحدة ونص: امرأة بالكعب العالي وبالملابس المغرية تطلق أنثويّـتها لتمارس رجولية غير ضرورية.
هناك دور مساند من المصري عمرو واكد يؤديه بقدرته المقنعة، لكن وجوده يبقى خلفيا في أكثر من مناسبة فهو من يسعى لأن يفهم في الوقت الذي يتولّـى مورغن فريمن تفسير ما لا داعي لتفسيره.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.