الحوثيون يرفضون التهدئة العسكرية غير المعلنة لإنجاح المشاورات

TT

الحوثيون يرفضون التهدئة العسكرية غير المعلنة لإنجاح المشاورات

رفضت الميليشيات الحوثية الانصياع للهدنة غير المعلنة من قبل الجيش اليمني وتحالف دعم الشرعية بمناسبة انعقاد مشاورات السويد، وواصلت عملياتها العسكرية في جبهات صعدة والحديدة والبيضاء.
وأكدت مصادر ميدانية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الموالية لإيران كثفت في الأيام الماضية من تعزيز وجودها العسكري في مدينة الحديدة، عبر استقدام مئات من المجندين الجدد والاستمرار في حفر الخنادق والأنفاق وإطلاق القذائف المدفعية والصاروخية على الأحياء السكنية الواقعة جنوبي مدينة الحديدة.
وذكرت المصادر أن القذائف الحوثية أدت إلى قتل 4 مدنيين وإصابة 3 آخرين بينهم نساء وأطفال، ليل السبت، في حي الربصة الواقع جنوبي مدينة الحديدة، بعد أن استهدفت منزلين يقعان إلى الشرق من منطقة «دوار الربصة».
وبحسب المصادر نفسها، سقط كثير من القذائف الحوثية في مناطق متفرقة أمس من الأحياء السكنية جنوب المدينة، فيما أدى القصف إلى تدمير مصنع للألبان في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة.
وأكدت المصادر الميدانية أن أكثر من 10 قذائف حوثية وقعت على المجمع الصناعي العائد لمجموعة «إخوان ثابت» التجارية، ما أدى إلى إحداث دمار واسع في المباني والتجهيزات الخاصة بالمجمع.
وفي حين التزمت القوات الحكومية التهدئة في جبهات الساحل الغربي ومختلف الجبهات الأخرى، تسعى الجماعة الحوثية بحسب مراقبين عسكريين إلى استغلال الوضع من أجل استعادة المواقع التي سبق أن فقدت سيطرتها عليها قبل التهدئة التي دعا إليها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث قبل انعقاد المشاورات.
وفي السياق نفسه، أفادت مصادر قبلية في محافظة البيضاء لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات المقاومة اليمنية صدت أمس هجوماً عنيفاً للميليشيات الحوثية باتجاه مواقع تمركز المقاومة في مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء، وكبدتها خسائر في الأرواح والمعدات.
وذكرت المصادر أن عناصر الميليشيات استهدفوا عدداً من القرى الآهلة بالسكان بالقذائف في رد انتقامي على فشل هجومهم الذي سقط فيه 10 حوثيين على الأقل بين قتيل وجريح قبل أن يتم إجبار القوة المهاجمة على الفرار.
إلى ذلك، أفاد الموقع الرسمي للجيش اليمني بأن القوات الحكومية في محافظة صعدة شنت هجوماً مضاداً على مسلحي جماعة الحوثيين في مركز مديرية باقم شمالي محافظة صعدة؛ حيث المعقل الرئيسي للجماعة الموالية لإيران.
ونقل الموقع عن قائد «اللواء 102 - قوات خاصة» العميد ياسر الحارثي، قوله إن الحوثيين حاولوا شن هجوم على مواقع القوات الحكومية في محيط مركز مديرية باقم.
وقال الحارثي: «إن قوات الجيش صدت الهجوم وشنت هجوماً مضاداً وتقدمت في مركز المديرية، واقتربت من المباني الحكومية، فيما ساندت المقاتلات الحربية القوات الحكومية وشنت عدداً من الغارات».
وأسفرت المواجهات والضربات الجوية - بحسب العميد الحارثي - عن مصرع وإصابة العشرات من عناصر الحوثيين، بينهم قيادات ميدانية، لافتاً إلى أن الفرق الهندسية تعمل حالياً على تطهير المواقع المحررة من الألغام والعبوات الناسفة التي خلفها الحوثيون.
وبحسب ما ذكره موقع الجيش اليمني، عثرت القوات الحكومية بعد توقف الاشتباكات وفرار عناصر الميليشيات، على 4 جثث لقتلى الجماعة مرمية في مناطق المواجهات، إضافة إلى عدد من الجثث التي كانت الميليشيات قامت بانتشالها قبل تراجعها عن هجومها الفاشل.
وفي حين شهدت الجبهات في محافظة حجة حيث مناطق حرض وحيران هدوءاً نسبياً، في الأيام الماضية، ذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن تعزيزات حوثية وصلت أمس من جهة مديرية مستباء باتجاه مديرية حرض، في مسعى لفك الطوق المفروض على جيوب الجماعة المتبقية في مديرية حرض.
وذكرت المصادر المحلية أن ضربات لمقاتلات التحالف الداعم للشرعية استهدفت أمس مواقع وتجمعات للجماعة الحوثية في مديرية حرض، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من عناصر الحوثيين.
وطبقاً لمصادر عسكرية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» كانت قيادة الشرعية وجهت وحدات الجيش في مختلف الجبهات بلزوم التهدئة، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى تهيئة أجواء المشاورات في السويد لإنجاز اتفاق حول ملفات بناء الثقة.
وتوعدت الحكومة الشرعية في وقت سابق الجماعة الحوثية بالحسم العسكري في حال أصرت على إفشال المشاورات المنعقدة في السويد مثل كل مرة، وهو الأمر الذي يرجحه كثير من المراقبين.
وذكرت المصادر الرسمية أمس أن محافظ الجوف اليمنية اللواء أمين العكيمي التقى بقيادة الألوية العسكرية التابعة لمحور خب والشعف، وقال: «إن الاهتمام بالمعسكرات ودعم الجيش الوطني هي الكفيلة والوحيدة لتحرير ما تبقى من المحافظات».
وأكد العكيمي أن الجيش اليمني سيحقق النصر الكبير على الميليشيات الحوثية، التي وصفها بأنها «أعداء الحرية والإنسانية وتطهير الأرض»، وأن الجيش اليمني سيرد الاعتبار للجمهورية.
ويرجح كثير من المراقبين العسكريين أن الميليشيات الحوثية الموالية لإيران ليست في واردها التخلي عن مكاسبها الانقلابية العسكرية في أي اتفاق، وأن هدفها من الذهاب إلى المشاورات هو التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب أوراقها الميدانية لإطالة أمد الحرب.
وسبق أن أفشلت الجماعة أكثر من جولة للمشاورات التي رعتها الأمم المتحدة في سويسرا والكويت، لعدم موافقتها على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي نص على إنهاء الانقلاب وتسليم أسلحة الدولة المنهوبة والانسحاب من المدن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.