خلاف حول ميثاق الهجرة الأممي يعصف بالائتلاف الحكومي في بلجيكا

TT

خلاف حول ميثاق الهجرة الأممي يعصف بالائتلاف الحكومي في بلجيكا

سيتولّى رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال قيادة حكومة أقلية، بعدما انسحب الحزب القومي الفلمنكي من الائتلاف الحاكم أمس احتجاجا على ميثاق الأمم المتحدة للهجرة. وكان حزب «التحالف الفلمنكي الجديد»، وهو الأكبر بين الأحزاب الأربعة المكونة للائتلاف الحاكم، هدّد بالانسحاب في حال دعم ميشال ميثاق الهجرة المثير للجدل، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقبل العاهل البلجيكي الملك فيليب استقالات وزراء حزب التحالف الفلمنكي الجديد أمس، عقب لقائه ميشال في القصر الملكي، بحسب ما ورد في بيان. وقدّم ميشال للملك أسماء الأشخاص الذين سيحلون محل وزراء الحزب في وزارات الداخلية والمالية والدفاع والهجرة.
ويعني انسحاب الحزب الفلمنكي أن ميشال لن يحظى بالأغلبية البرلمانية لمدة خمسة أشهر، قبيل الانتخابات التشريعية المقررة أواخر مايو (أيار).
وفي وقت سابق من يوم أمس، أكد وزير الداخلية وعضو التحالف الفلمنكي الجديد جان جامبون أنه سيتنحى وبقية وزراء الحزب. وقال لإذاعة وتلفزيون بلجيكا الناطق بالفرنسية «آر تي بي إف»، إن «الأمر واضح»، مؤكدا الاستقالات بعد ساعات من الغموض.
ولطالما شابت الانقسامات بشأن سياسات التحالف الفلمنكي الجديد المناهضة للهجرة صفوف الائتلاف الحاكم منذ أربع سنوات. وأمهل رئيس التحالف الفلمنكي الجديد، بارت دي فيفر، رئيس الوزراء حتى ليل السبت مهددا بأن حزبه سينسحب من الائتلاف في حال غادر ميشال إلى مراكش للمشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة لعرض ميثاق الهجرة من أجل الموافقة عليه. وقال: «إذا لم يعد لدينا صوت في هذه الحكومة، فلا فائدة من الاستمرار» فيها.
لكن ميشال تشبث بموقفه، مؤكدا أنه سيمثل بلجيكا في المؤتمر، الذي ينطلق في المغرب اليوم ويستمر يومين، «كرئيس ائتلاف (حكومي) يتحلى بالمسؤولية». وعقد اجتماعا حكوميا في وقت متأخر السبت، لكنه فشل في تجاوز الخلافات بين الأحزاب.
وفي البداية، دعمت الأحزاب الأربعة المشاركة في الائتلاف الحكومي الاتفاق الأممي غير الملزم الذي يدعو لاتخاذ نهج عالمي مشترك حيال تدفق المهاجرين. لكن التحالف الفلمنكي الجديد غيّر موقفه في أواخر أكتوبر (تشرين الأول).
وتواصلت الأزمة على مدى أسابيع، قبل أن تظهر إلى العلن الثلاثاء عندما توجه ميشال إلى البرلمان إثر فشله في توحيد مواقف أعضاء حكومته حيال الميثاق. ودافع رئيس الوزراء الليبرالي بشدة عن الميثاق، مشيرا إلى أن «مصداقية» بلجيكا على المحك. وبينما دعم أغلبية النواب الاتفاق، صوت ممثلو التحالف الفلمنكي الجديد وحزب «المصلحة الفلمنكية» (فلامس بيلانغ) اليميني المتشدد ضده.
والسبت، ندّدت زعيمة اليمين المتشدد الفرنسي مارين لوبن ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب السابق ستيف بانون بالميثاق الأممي خلال مناسبة استضافها «حزب المصلحة الفلمنكية» في بروكسل. وقالت لوبن إن «الدولة التي توقع على الميثاق إنما تبرم اتفاقا مع الشيطان».
وتعدد الوثيقة الأممية 23 اقتراحا لفتح المجال أمام الهجرة الشرعية وإدارة موجة الهجرة العالمية، التي تشمل نحو 250 مليون شخص يشكلون ثلاثة في المائة من سكان العالم بشكل أفضل.
وانسحبت الولايات المتحدة من المحادثات المتعلقة بالاتفاق العام الماضي، بينما رفضته دول على غرار المجر والنمسا ولاتفيا وبولندا وبلغاريا وسلوفاكيا وأستراليا. ويتوقع أن تتم المصادقة على الميثاق في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ 19 ديسمبر (كانون الأول).



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.