دراسة علمية: ارتفاع نسبة «الكادميوم» في مياه البصرة وراء حالات التسمم

ملاحقة أمنية لمشاركين في مظاهرات أمام حقل القرنة النفطي

TT

دراسة علمية: ارتفاع نسبة «الكادميوم» في مياه البصرة وراء حالات التسمم

بيّنت دراسة علمية قامت بها جامعات ومراكز بحوث علمية في البصرة، الأسباب التي تقف وراء إصابة أكثر من 140 ألف مواطن بحالات تسمم وإسهال خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، وكانت من بين الأسباب الرئيسية لزيادة النقمة الشعبية على السلطات المحلية، والخروج عليها بموجة احتجاجات غاضبة.
وأعلنت السلطات المحلية في المحافظة، أن نتائج الدراسة أظهرت ارتفاعاً في نسب عنصر «الكادميوم» بشكل خطير في مياه شط العرب، معتبرة أنه السبب الرئيسي في إصابات التسمم والإسهال التي تعرض عشرات آلاف المواطنين. وقال النائب الإداري لمحافظ البصرة ضرغام الأجودي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، إن «البصرة سجلت إصابة أكثر من 140 ألف مواطن بحالات تسمم خلال الأشهر القليلة الماضية تزامناً مع ارتفاع نسبة ملوحة مياه شط العرب، ولذلك تم تشكيل فريق علمي للوقوف على الأسباب الدقيقة لتلك الحالات».
وأجريت الدراسة بتوصية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومن فريق باحثين من جامعة «النهرين» ومركز «الدنا العدلي» ومركز الطاقات المتجددة، وبمشاركة دائرة معالجة وإتلاف المواد الكيمياوية الخطرة وقسم علوم الحياة في جامعة بغداد، وبدعم من مكتب رجل الدين محمد اليعقوبي. وأشار الأجودي إلى أن «عملية البحث والتقصي استغرقت بحدود شهرين، وأخذت عينات من المياه السطحية والعميقة ومن أطيان قيعان وشواطئ شط العرب والأنهار المتفرعة منه ومحطات المياه، وتم إخضاع العينات البالغ عددها 56 عينة إلى فحوصات مختبرية دقيقة باستخدام أجهزة حديثة».
ولفت إلى أن الفحوصات والتحليلات أظهرت أن «مياه شط العرب ملوثة بعدة أنواع من البكتريا وبقايا الأسمدة والمبيدات الحشرية والمخلفات الكيمياوية الصناعية والنفطية، وارتفاع مستويات النترات والكبريتات والإشعاع عن المستوى الطبيعي، لكن الملوث الأخطر هو عنصر (الكادميوم)، حيث بلغت مستويات التلوث به أكثر من 53 ضعفاً عن الحد الأعلى المسموح به، فيما كانت نسبة الرصاص أعلى بعشرة أضعاف»، مؤكداً أن «نسبة التلوث تزداد خطورة في المناطق المشتركة من شط العرب بين العراق وإيران».
واعتبر الأجودي أن «الأعراض التي عانى منها المواطنون في البصرة تتطابق مع أعراض التسمم الحاد بعنصر (الكادميوم)، الذي قد يسبب السرطان وهشاشة العظام والفشل الكلوي في حال التعرض له لمدة طويلة ولو بتراكيز قليلة»، مشدداً على أنه «من الضروري بناء ناظم على شط العرب، ليس لمنع تقدم اللسان الملحي فقط، وإنما من أجل فصل المنطقة التي يقع فيها مصدر التلوث في الجزء الجنوبي من الشط عن الجزء الشمالي».
من جهته، يتفق مدير بيئة البصرة أحمد حنون مع الدراسة التي أعلن نتائجها مساعد محافظ البصرة، لكنه يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «عمليات الفحص التي قمنا بها سابقاً لم تؤشر لدينا ارتفاع نسبة عنصر (الكادميوم)، في مقابل ارتفاع نسبة الأملاح الكلية الذائبة في مختلف مناطق البصرة». لكن حنون يستدرك قائلاً: «ربما قام فريق الدراسة المتخصص بأخذ عينات من مياه شط العرب بعيدة عن العينات التي قمنا بدراستها سابقاً، ومع ذلك الدراسة تثبت حجم التلوث الموجود في مياه البصرة، وهذا شيء مؤكد بالنسبة لنا»، مضيفاً أن «من الصعب تفسير ما يحدث في البصرة عبر أخذ مجموعة من العينات فقط، فنوعية مياه شط العرب تغيرت بالكامل وتحولت إلى مياه ذات مواصفات بحرية مالحة».
في غضون ذلك، أبلغ ناشطون، «الشرق الأوسط»، عن قيام قوات من الجيش والشرطة بتطويق منطقة الهوير في قضاء المدينة شمال البصرة بحثاً عن مطلوبين شاركوا في المظاهرات أمام حقل القرنة النفطي في غضون الأيام الأخيرة. وأكد الناشط المدني حامد حافظ قيام قوات الجيش، أمس، بتطويق حي الهوير في قضاء المدينة بالمدرعات وعربات «الهمر» بحثاً عن أشخاص يعتقد أنهم شاركوا في المظاهرات. وأضاف حافظ، وهو من الناشطين الذين التقوا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الشهر الماضي: «يبدو أن رئيس الوزراء تراجع عن التعهدات التي قطعها سابقاً لوفد البصرة وتعهد بها بعدم ملاحقة المحتجين، واليوم تشهد البصرة موجة جديدة من الملاحقات».
وحول الدراسة المتعلقة بموضوع التلوث في البصرة، يرى حافظ أن «الدراسة بحد ذاتها مهمة، وربما تساعد على فهم ما يجري في البصرة، لكن المشكلة أن الجميع يتحدث عن تلوث المياه في البصرة فقط ولا يتحدثون عن مشكلة تلوث الهواء بالغازات المنبعثة من آبار النفط، وهي مسألة لا تقل أهمية عن تلوث المياه».
من جهة أخرى، قرر مجلس محافظة البصرة، أمس، فتح باب الترشيح لمنصب المحافظ خلفاً للمحافظ الحالي أسعد العيداني الذي فاز بعضوية البرلمان الاتحادي عن ائتلاف «النصر» في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو (أيار) الماضي. وواجه العيداني في الأشهر الأخيرة حملة انتقادات واسعة من قبل الحراك الاحتجاجي الذي يتهمه بالإخفاق في إدارة ملف الخدمات في البصرة وقمع المتظاهرين.
وقال مدير إعلام المجلس، علي يوسف، في بيان، إن «فترة التقديم تستمر لمدة 4 أيام اعتباراً من اليوم الأحد ولغاية نهاية الدوام الرسمي ليوم الأربعاء المقبل».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.