بعد يوم واحد على فوزها بزعامة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا خلفا لأنجيلا ميركل، بدأت «المستشارة الألمانية في الانتظار»، كما لقبتها بعض الصحف، أنغريت كرامب كارنباور بمحاولات توحيد صفوف الحزب وكسب «الغاضبين» لخسارة مرشحهم فريدريش ميرز. فاختارت الزعيمة الجديدة التي طبعتها الصحافة الألمانية بـ«ميني ميركل» دعم شاب وصفته صحيفة «زيت» بأنه «ميني ميرز» ليحل مكانها في المنصب الذي تركته، ويصبح أمين عام الحزب الجديد. وفاز بول زيماك، الشاب الذي يبلغ من العمر 33 عاما ويرأس اتحاد الشباب داخل الحزب، بأصوات المندوبين ليصبح أصغر أمين عام للحزب.
وجاء خيار كرامب كارنباور دعم زيماك مفاجئا للبعض لكونه أعلن في الماضي تفضيله العلني لفوز أحد الرجلين اللذين كانا مرشحين ضدها. وقبل أسبوعين من مؤتمر الحزب في هامبورغ، سألت كرامب كارنباور زيماك إذا كان مهتما بتولي منصبها في حال فازت بالزعامة، فرفض حينها طلبها معلنا تفضليه لميرز أو المرشح الثالث يانس شبان الذي يعد من أصدقائه.
وشكل كذلك قبوله الترشح مفاجأة لمؤيدي ميرز، ما أدى إلى امتناع بعض المندوبين المؤيدين للمرشح الخاسر للزعامة عن التصويت له غضبا، بحسب ما تناقلت بعض الصحف. وقال محللون إن كرامب كارنباور تحاول كسب مؤيدي ميرز إلى صفها وإعادة توحيد الحزب الذي بدا منقسما على نفسه. وفازت الزعيمة الجديدة التي تعرف اختصارا بـ«أ كا كا»، بفارق ضئيل لا يتعدى الـ25 صوتا من أصل ألف 1001 صوت. ورغم فوزها فإن التصويت أظهر انقساما كبيرا داخل الحزب حول طريقة المضي قدما في مرحلة ما بعد ميركل.
وكان يأمل مؤيدو ميرز بأن يستعيد الحزب الأصوات التي خسرها مؤخرا لصالح حزبي البديل لألمانيا اليميني المتطرف والخضر اليساري. واعتبروا أن ميرز، رجل الأعمال الثري الذي غاب عن السياسة طوال الأعوام العشرة الماضية وانتقل إلى عالم الأعمال، هو المرشح الأفضل لانتشال الحزب من تراجعه الشعبي. ورأى مؤيدوه أن الناخبين الذين ابتعدوا عن الحزب سيقتنعون بالعودة إليه في ظل حكم ميرز بسبب خلفيته الاقتصادية ودعواته لإصلاحات أنظمة المرتبات والتقاعد والضرائب وغيرها، إضافة إلى سياساته المحافظة التي تميل لليمين المتطرف المتعلقة باللجوء.
ولكن في النهاية اختار المندوبون، وإن بفارق ضئيل، مرشحة هي أقرب للمستشارة في طرحها للسياسات الاجتماعية والاقتصادية. واستخلصت صحيفة «فرانكفورتر زيتونغ» من فوزها بأن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لم يشأ المغامرة كثيرا ولا التجربة بزعيم مثل ميرز سيدفع من دون شك بالحزب أكثر نحو اليمين. وكتبت الصحيفة أن هذا الأمر يبدو أنه كان «خطرا أكثر مما كان بعض الأعضاء مستعدين للمراهنة به».
وذكرت الصحيفة أن ميرز كان قادرا على الاستقطاب وإحداث انقسامات أكثر من كارن باور، وأنه بعد سنوات من الغياب عن السياسة بدا أضعف من المرشحة الفائزة التي كانت رئيسة وزراء ولاية سارلاند ولها تاريخ طويل في التدرج السياسي. وتحدثت الصحيفة أيضا عن قدرة كرامب كارنباور «للاستماع» للناخبين على عكس ميرز، واستنجت أنه «من الواضح أن الحزب يثق بها أكثر من ميرز لإعادة توحيد الحزب». ورغم قناعة المندوبين بأن رجل الأعمال الثري كان سيكون قادرا على استعادة الأصوات التي خسرها الحزب لصالح «البديل لألمانيا»، فإن ذلك قد يؤدي إلى خسارة أصوات ومن الوسط لصالح حزب الخضر.
وبالفعل، فقد عبر «البديل لألمانيا» عن سعادته لفوز كرامب كارنباور، وقال رئيس الحزب ألكسندر غاولاند في تصريحات صحافية إن الزعيمة الجديدة «هي امتداد لميركل بوسائل مختلفة، وتشارك في تحمل مسؤولية سياسة اللجوء ولن تصححها». وبنى «البديل لألمانيا» كثيرا من شعبيته على التهجم على ميركل بسبب سياستها للجوء.
ومن بين استنتاجات الصحيفة أيضا أن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لم يشأ طي صفحة عهد ميركل. وأشارت إلى أن كرامب كارنباور رغم أنها «ليست نسخة عن ميركل لأنها أكثر محافظة، فإنها مقربة جدا منها ودائما ما قدمت لها الدعم الكامل خاصة في قضية اللاجئين التي قسمت المجتمع». وأضافت الصحيفة أن الحزب أظهر أيضا أنه يريد السماح لميركل بأن تخطط للعهد ما بعد حكمها. وبغض النظر عن بقائها في الحكم مستشارة حتى نهاية عهدها أم لا، فإنها على الأقل تكون قد فتحت الطريق لتسليم دفة زعامة الحزب لزعامتها.
ولم تعلن بعد كرامب كارنباور عن خططها أو برنامجها لإعادة تحريك القاعدة الشعبية للحزب، إلا أن «عدم اليقين» هذا بدأ ينعكس أيضا مخاوف على الشريك الحاكم في الائتلاف الحكومي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقال الأمين العام للحزب لارس كلينغبايل إن هناك اتفاقا بين ثلاثة أحزاب للحكم وإن هذا الاتفاق يجب أن يتم المحافظة عليه. وقال: «حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي اتخذ قرارا شخصيا. ونحن كحزب اشتراكي، سننظر بشكل حذر إلى الاتجاه الذي ستتطور فيه علاقتنا، وهذا سيصبح أكثر وضوحا في الأشهر المقبلة». وأضاف: «هناك أسس واضحة للتعاون، هناك اتفاق لحكومة ائتلافية تم الاتفاق عليه بيننا وعلى هذا الأساس نقدم دعمنا البناء للسيدة كرامب كارنباور».
«المستشارة الألمانية في الانتظار» تبدأ كسب «الغاضبين» بعد يوم من انتخابها
«المستشارة الألمانية في الانتظار» تبدأ كسب «الغاضبين» بعد يوم من انتخابها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة