المركزي اليمني يتوعد المضاربين بالعملة ويؤكد استقرار سعر الصرف

شركات صرافة موالية للميليشيات تتعمد إرباك الجهود الحكومية

TT

المركزي اليمني يتوعد المضاربين بالعملة ويؤكد استقرار سعر الصرف

على وقع الاستقرار الذي شهدته أسعار صرف العملة اليمنية في الأسبوعين الأخيرين بسبب الإجراءات والتدابير الحكومية، دفعت الميليشيات الحوثية جهات مصرفية موالية لها إلى العودة مجدداً للمضاربة بأسعار العملة في مسعى للإضرار بالاقتصاد اليمني الذي أخذ في التعافي عقب التدخل السعودي المباشر لمنعه من الانهيار.
ودفعت العودة إلى المضاربات البنك المركزي اليمني في عدن إلى توجيه تحذيرات شديدة اللهجة إلى شركات الصرافة المخالفة، مؤكدا فيها أنه سيتخذ بحقها الإجراءات القانونية، وبخاصة في ظل حالة الاستقرار التي تشهدها السوق واستمرار البنك في تغطية طلبات التجار من العملة الصعبة من الوديعة السعودية.
وكان رئيس اللجنة الاقتصادية اليمنية ومستشار الرئيس اليمني، حافظ معياد، كشف في وقت سابق في بيان له عن ملاحظة «عملية مضاربة غير طبيعية بالعملة الوطنية، الأمر الذي يفرض على البنك المركزي القيام بدوره كما يجب». وحذر معياد في بيانه المضاربين والمتواطئين معهم من عواقب ذلك، مؤكدا أن القيادة السياسية تتابع عن كثب ما يجري ولن تقف موقف المتفرج مما يحصل وستقوم بما يلزم لحماية المواطن من التلاعب بالعملة وأضرارها على معيشة المواطنين.
من جهته، قال محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام في سياق تحذيره للمضاربين: «إن البنك سوف يتخذ الإجراءات القانونية ضد الشركات ومحلات الصرافة التي تقوم بالمضاربـة»، مشيراً إلى أخذ تعهدات في وقت سابق من بعض تلك الشركات إلا أنها لم تلتزم بتعهداتها مما يضطر البنك لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وأكد زمام في بيان رسمي أن الاعتمادات للمواد الأساسية من قبل البنك المركزي مستمرة بشكل مناسب، وأن البنك «قد استكمل جميع المتأخرات بما في ذلك تغطية الاعتمادات الخاصة بشركة فاهم بمبلغ 52 مليون دولار لاستيراد القمح والأرز، مشيراً إلى أن البواخر سوف تغادر موانئ دول التصدير يوم الاثنين حسب تأكيد الشركة».
وأوضح محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام، أن معاملة جميع الدفعات من الثامن حتى الحادي عشر بالسعر المعلن عنه 440 ريالاً للدولار، وأن هذه الأسعار مستقرة.
وكشف زمام عن استقرار احتياطيات البنك المركزي الخارجية بمبلغ 2.7 مليار دولار، بما في ذلك الوديعة السعودية، والتي لم يسحب منها - بحسب قوله - سوى ثلاثمائة وستة وخمسين مليون دولار فقط، موضحاً أن البنك سيستمر بموجب خططه والموازنة الموضوعة بتغطية الاعتمادات للمواد الأساسية حتى نهاية 2019 من خلال الموارد الخارجية الحالية، مع إشارته إلى وجود جهود كبيرة لتعزيز الموارد الخارجية للبنك المركزي.
وحذر محافظ البنك المركزي من تداول أخبار غير صحيحة، لافتاً إلى أن المصدر الوحيد لأخبار ومعلومات البنك المركزي يجب أن تؤخذ من المصادر الرسمية اليمنية.
وعن صرف رواتب المتقاعدين، قال زمام إن البنك المركزي اليمني نفذ قرار الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بصرف مرتبات جميع المتقاعدين، كأهم شريحة متضررة من توقف المرتبات، وبموجب أوامر وشيكات الصرف الصادرة من وزارة الخدمة المدنية وهيئة التأمينات الاجتماعية بصرف مرتبات المتقاعدين بدءا من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 وبشكل مستمر بشكل شهري.
وبخصوص الرواتب المتأخرة قال زمام إنها «تخضع لإجراءات وزارة الخدمة وهيئة التأمينات الاجتماعية، وبموجب إجراءات البنك المركزي في إدارة النقدية في البلاد»، مؤكداً أن البنك يواجه عقبات كثيرة لوصول الكتل النقدية إلى مناطق تواجد المتقاعدين وخاصة في العاصمة صنعاء.
وأكدت مصادر مصرفية في صنعاء، أن سعر صرف الريال اليمني عاد للانخفاض مجددا متجاوزا حاجز 500 ريال للدولار الواحد، يومي الخميس والجمعة، قبل أن يعود إلى التراجع أمس السبت في العاصمة المؤقتة عدن إلى مستوى 480 ريالا وهو السعر الذي حددته نقابة الصرافين.
وأوضحت النقابة في بيان أمس أنه أبرم اتفاق مع البنك المركزي اليمني والجهات المختصة يقضي بتحديد أسعار الصرف عند 480 ريالا للدولار الأميركي و127 ريالا للريال السعودي، مشيرة إلى أنها «تخلي مسؤوليتها الكاملة في حال المخالفة للسعر، حیث سیتم توقیف أي صراف مخالف».
وكان الريال اليمني شهد حالة من التعافي التدريجي بعد أسابيع من الانهيار أمام العملات الصعبة بفعل عمليات المضاربة وإقدام الميليشيات الحوثية على شراء العملات الأجنبية واكتنازها عن طريق الصرافين الموالين لها في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.
وأدى التدخل السعودي المباشر إلى تعافي الريال من جديد بفعل الوديعة المقدرة بملياري دولار للبنك المركزي إلى جانب المنحة المقدمة بمبلغ 200 مليون دولار، ودعم المشتقات النفطية الخاصة بتوليد محطات الكهرباء بمبلغ 60 مليون دولار شهريا.
وإلى جانب الدعم السعودي قادت التدابير الحكومية التي لجأت إليها اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي اليمني إلى إحداث حالة من الاستقرار في أسعار الصرف والتراجع النسبي في أسعار السلع الغذائية، وبخاصة بعد فتح باب اعتماد تمويل واردات تجار السلع الأساسية من الوديعة السعودية، ورفع نسبة الفائدة على الودائع المحلية إلى نحو 27 في المائة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الجماعة الحوثية سياستها في تجريف الاقتصاد ونهب الموارد، فمن المقرر أن تبحث المشاورات الجارية في السويد برعاية الأمم المتحدة بين الوفد الحكومي ووفد الميليشيات الجوانب الاقتصادية بما فيها توحيد عمل البنك المركزي وصرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الميليشيات.
وكان الجماعة الموالية لإيران أقدمت منذ أكثر من عامين على وقف دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، مكتفية بجباية الأموال من المؤسسات الخاصة والعامة ومن كبار التجار لتمويل مجهودها الحربي والإنفاق على عناصر ميليشياتها وقادتها.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.