سون هيونغ مين... يضيء الدوري الإنجليزي الممتاز بأدائه الراقي

عندما كان المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو يتحدث عن عدم قدرة فريقه على التعاقد مع اللاعبين الذين يريدهم أشار إلى لاعبي توتنهام هوتسبير وخص بالذكر اللاعب الكوري الجنوبي سون هيونغ مين، بالإضافة إلى كل من هاري كين وديلي آلي وكريستيان إريكسن، باعتبارهم لاعبين رائعين لكن من الصعب التعاقد معهم.
وفي الحقيقة، لم يكن من الغريب أن يعلن أي مدير فني عن رغبته في التعاقد مع سون، نظرا لأنه يقدم أداء رائعا وثابتا مع توتنهام هوتسبير على مدى السنوات الماضية. لكن لم يكن من السهل تجاهل حقيقة أن سون لم يحصل على ما يستحق في كرة القدم الإنجليزية حتى الآن. وحتى بعدما أبهر اللاعب الجمهور الألماني خلال الفترة التي لعب خلالها لكل من هامبورغ وبايرن ليفركوزن، وبعدما أصبح أغلى لاعب آسيوي في التاريخ عقب انتقاله إلى توتنهام هوتسبير مقابل 22 مليون جنيه إسترليني، لم يكن يشارك بصفة أساسية مع توتنهام هوتسبير خلال الموسم الأول له مع الفريق، ولذا ذهب إلى المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو وسأله إن كان بإمكانه الرحيل عن النادي!
وشعر بوكيتينو بأن سون ما زال بحاجة إلى بعض الوقت من أجل التأقلم على اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وطلب منه أن يقدم ما يثبت أنه يستحق الوجود في التشكيلة الأساسية للفريق، ونحن نعرف جميعا ما حدث بعد ذلك. ويتفق الكثيرون على أن سون يعد إضافة رائعة للدوري الإنجليزي الممتاز بأكمله، رغم أنه يلعب في فريق توتنهام هوتسبير، الذي أثبت بعد خسارته بأربعة أهداف مقابل هدفين أمام آرسنال أنه لم يصل بعد للمكانة التي تؤهله للمنافسة بقوة على البطولات والألقاب.
وقد أظهر اللاعب الكوري الجنوبي أنه يمكنه تقديم شيء استثنائي بفضل سرعته الفائقة ووعيه الخططي والتكتيكي وقدرته على اللعب بكلتا قدميه، وهو الأمر الذي يجعلك تستمتع وأنت تشاهده وهو يصول ويجول داخل المستطيل الأخضر. وعندما تشاهد ملخصا لما قدمه سون خلال الثلاثة مواسم ونصف التي لعبها في الدوري الإنجليزي الممتاز فإنك تجد نفسك تبتسم بصورة تلقائية.
ويمكن القول بإن سون هو أول «لاعب هجين» في عالم كرة القدم، حيث يجمع بين اللاعب الحقيقي ولاعب الـ«بلاي ستيشن»، ويبدو وكأنه يمتلك «بطارية» مختلفة عن باقي اللاعبين، ولذا فهو لا يتوقف عن الركض بطول الملعب وعرضه. وقدم سون أداء استثنائيا أمام تشيلسي على ملعب «ويمبلي» في المباراة التي فاز فيها توتنهام هوتسبير بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، وأحرز اللاعب الكوري الجنوبي الهدف الثالث بشكل رائع ليثبت مرة أخرى أنه بارع في إنهاء الهجمات بثقة كبيرة. ورغم أن سون قد أهدر فرصتين في تلك المباراة، فإنه أبى إلا أن يترك لمحة لا تنسى من خلال إحرازه هذا الهدف الجميل من فرصة صعبة - إن كان من الممكن أن نقول إنها فرصة من الأساس. وفي الحقيقة، لم نعتد على رؤية كثير من هذه الأهداف الرائعة على ملعب «ويمبلي» معقل فريق توتنهام في الوقت الحالي، ومن المؤكد أيضا أن مدافع تشيلسي البرازيلي ديفيد لويز لن ينسى هذا الهدف مطلقا بعدما تلاعب به سون.
وقد نال إريكسن النصيب الأكبر من الإشادة بعد فوز توتنهام هوتسبير في المباراة التالية على نادي إنتر ميلان الإيطالي بعدما شارك كبديل وأحرز هدف المباراة الوحيد، رغم أن بعض المحللين أشاروا إلى أن توتنهام هوتسبير قد حصل على قوة دفع كبيرة عندما تم الدفع بسون قبل ذلك بدقائق قليلة. وكان توتنهام هوتسبير يقدم أداء مملا لمدة تصل لنحو الساعة، لكن نزول سون غير شكل المباراة وفتح مساحات كبيرة في دفاعات الفريق الإيطالي.
وقد ذكرنا سون بالأداء القوي الذي قدمه قبل أكثر من عام في المباراة التي فاز فيها توتنهام هوتسبير على ليفربول بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وهي المباراة التي أرهق فيها لاعب خط وسط «الريدز»، جيمس ميلنر، وقدم خلالها أداء جعل البعض يشير إليه باسم «يوسين سون» تشبيها بالعداء الجامايكي يوسين بولت، بسبب السرعة الفائقة في الانطلاقات داخل الملعب. وقد سجل سون هدفا رائعا في تلك المباراة من لمسة واحدة.
ورغم أن سون يبذل مجهودا كبيرا على أطراف الملعب، فإنه لا يتوقف عن محاولة الوصول إلى المرمى والتمركز في مناطق خطيرة من أجل التفوق على المدافعين وهز شباك الفرق المنافسة، وهو الأمر الذي يجعله لاعبا متكاملا يستحق المشاهدة. ورغم أن لاعبي الفرق المنافسة يعرفون جيدا طريقة لعبه وما يريد القيام به، فإنهم يجدون صعوبة كبيرة في مراقبته وإيقافه.
ومن المؤسف، ونحن في وقت توزيع الجوائز، أننا لا نجد لاعبا بهذه القدرات والإمكانيات يحصل على التقدير الذي يستحقه. وقد ينتظر سون سنوات أخرى من أجل الحصول على أي بطولة مع توتنهام هوتسبير، وبالتالي فإنه نظرا لعدم حصوله على البطولات وعدم تألقه في بطولة مثل كأس العالم فمن الصعب أن ينافس على أي جائزة فردية في ضوء المعايير المتبعة في هذا الأمر. وربما ينبغي ابتكار جائزة جديدة يطلق عليها اسم «أفضل لاعب مساعد»، أو جائزة لأفضل لاعب يمتع الجمهور بأدائه حتى يحصل سون على جائزة.
وفي المقابل، لا يعد سون أحد أفضل اللاعبين من حيث القدرات الفردية والقدرة على لفت الأنظار إليه، لكنه في المقام الأول والأخير لاعب جماعي، وبالتالي قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يحصل على الاهتمام الذي يستحقه، لكنه رغم كل ذلك نادرا ما يترك أي مباراة يشارك بها من دون أن يترك بصمته الخاصة. وخلال الصيف الماضي، كان مورينيو محقا عندما أشاد بسون، وأعتقد أن هناك فرصة نادرة الآن لكي يتفق الجميع مع تصريحات المدير الفني البرتغالي في هذا الشأن، لأن سون لاعب يتمنى أي شخص وجوده في فريقه.