الحركات المتشددة تعزز انتشارها في بوركينا فاسو

بوركينا فاسو
بوركينا فاسو
TT

الحركات المتشددة تعزز انتشارها في بوركينا فاسو

بوركينا فاسو
بوركينا فاسو

خمدت الأسواق التي كانت تعج بالحركة، وأغلقت الحانات الشعبية أبوابها، وتوقف السياح عن المغامرة بالتوجه إلى الأمكنة الجاذبة في المناطق التي يهددها زحف المتشددين المسلحين في شرق وشمال بوركينا فاسو، بحسب تحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية من مدينة فادا نغورما.
يقول أمادو نصوري الذي يدير مسلخاً للحوم في فادا نغورما بشرق البلاد: «في السابق، إبان زمن لصوص الطرق السريعة، كنا نستطيع أن نتدبر الأمور بشكل أفضل، لكن مع (المتشددين) فإن الأمر في غاية الخطر». وتقع المدينة قرب مناطق نفوذ للمتشددين، إن لم تكن تحت سيطرتهم.
وأضاف نصوري لوكالة الصحافة الفرنسية: «اليوم، هناك مناطق لا يذهب إليها المرء لكي ترعى ماشيته بسبب (المتشددين)»، موضحاً أن أعداد الذين كانوا يتبضعون في الأسواق المحلية انخفضت. وتابع في هذا السياق: «أجد صعوبة في تأمين الطعام لعائلتي». وقد تخلت السلطات في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا إلى حد كبير عن مناطق في الشمال والشرق، تصنف الآن أنها مناطق «محظورة» بسبب الهجمات المتكررة وخطر الاختطاف.
وتظهر الأرقام الرسمية أنه منذ بدء أعمال العنف للمتشددين في مارس (آذار) 2015، قتل أكثر من 200 شخص، بينهم عدد كبير من العسكريين.
وتُعزى معظم الهجمات إلى «جماعة أنصار الإسلام»، التي ظهرت قرب حدود مالي في ديسمبر (كانون الأول) 2016، و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي بايعت تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
وكانت جماعة «أنصار الإسلام» أول قوة للمتشددين يتم تشكيلها داخل بوركينا فاسو، مع انتشار العنف من مالي، حيث استولى متطرفون على مدن الصحراء الكبرى عام 2012، قبل أن تطردهم القوات الفرنسية. وقال مصدر أمني إن مجموعات أصغر تنشط أيضاً مع عدد من المقاتلين يقدر بـ«نحو 500».
ويبسط المتشددون سيطرتهم تدريجياً بشكل يرغم العاملين مع الحكومة وغيرهم ممن يعارضونهم على الفرار. وقد أدى العنف حتى الآن إلى نزوح نحو 40 ألف شخص. ويرحب البعض بهؤلاء بسبب آيديولوجيتهم، بينما يريدهم الآخرون لمصالح اقتصادية، فحكم المتشددين يحظر الضرائب التي تفرضها الدولة.
وفي الشمال والشرق، يصف شهود الاستراتيجية المحسوبة للمتشددين، إذ يتم وضع الأساس من قبل الدعاة الذين يعظون وفق «الإسلام الحقيقي»، بدل التعاليم «الخطأ»، وينددون بـ«دولة موسي»، في إشارة إلى الغالبية العرقية التي تتركز في العاصمة واغادوغو. ويعود تاريخ عرقية «موسي» إلى ممالكها القوية التي حكمت غرب أفريقيا ما قبل الاستعمار، من القرن الحادي عشر حتى عام 1896.
وذكرت الوكالة الفرنسية أن المتشددين يلعبون بورقة خيبة الأمل إزاء «دولة موسي»، وبناها التحتية الضعيفة، وفشلها في توفير الضروريات، مثل الكهرباء أو إمدادات المياه. ويقول لي بوكاري، من مؤسسة «سيتيزانز بروم» للحكم الرشيد، لوكالة الصحافة الفرنسية، في بلدة واهيغويا الشمالية: «لقد تم تحقيق هدف (الإرهابيين)»، أي: «فرض الإرهاب». وقد غادر كبار المسؤولين الشمال الذي يفتقد إلى المصانع أو أي نشاط اقتصادي آخر، مما يعني التخلي عن السكان الذين باتوا عرضة للاستغلال.
وأضاف: «إنها مسألة فقر قبل أي شيء. فالشباب لا عمل لديهم؛ من السهل رشوتهم من خلال منحهم 20 أو 25 ألف فرنك أفريقي (40 و43 يورو)، وإلا فإنهم لن يحصلوا على شيء».
وفي الشمال، تتحرك الجماعات المسلحة بحرية عبر حدود البلاد التي يسهل اختراقها. كما تساعد الهجرات الموسمية لرعاة المواشي من الفولاني على نشر رسالة المتشددين من خلال صغار الرعاة. وغالباً ما يستهدف المتشددون قوات الأمن بشكل أساسي، لكنهم يهاجمون أيضاً المسؤولين الحكوميين والزعماء المحليين الذين يعارضونهم.
كما أن المدرسين معرضون للخطر بسبب معارضة المتشددين الشرسة للتعليم العلماني الفرنسي، مما أدى إلى إغلاق مئات المدارس في الشمال والشرق.
وخوفاً على حياتهم، فر كثير من المدرسين، لكن المتشددين استهدفوا المدنيين أيضاً. يقول الصحافي غي ميشال بولوف، العامل في صحيفة «ليه إيكو دو ليست» المحلية في فادا نغورما: «هذه الأماكن منطقة عازلة ينعدم الأمن فيها بشكل تام»، وأضاف: «إنهم داخل بوركينا فاسو، لكنهم لا يمتون إليها بصلة». وواجهت سلطات هذه المدينة ضغوطاً اضطرتها إلى إغلاق 5 حانات شعبية «لأسباب أمنية». وقال باسكال انين، مالك الفندق الذي كان يقف عند مدخل «كاليبسو بار» بجانب أكوام من الكراسي يغطيها الغبار، إنه يفتقد إلى «الأجواء الرائعة».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.