نائب وزير الداخلية اليمني: خطة حماية صنعاء تفتقر إلى الإمكانات المادية

علي ناصر لخشع أكد لـ {الشرق الأوسط} أن اللواء الترب لم يستقل ولا صحة لوجود خلافات معه

اللواء لخشع نائب وزير الداخلية اليمني («الشرق الأوسط»)
اللواء لخشع نائب وزير الداخلية اليمني («الشرق الأوسط»)
TT

نائب وزير الداخلية اليمني: خطة حماية صنعاء تفتقر إلى الإمكانات المادية

اللواء لخشع نائب وزير الداخلية اليمني («الشرق الأوسط»)
اللواء لخشع نائب وزير الداخلية اليمني («الشرق الأوسط»)

لا تنطفئ أزمة في اليمن إلا وتشتعل غيرها.. فبعد هجمات الحوثيين على عمران، وتهديدهم العاصمة صنعاء، وازدياد وتيرة الهجمات الأمنية على قادة الجيش والشرطة، اشتعل الشارع اليمني، أمس، بسبب قرار الحكومة رفع الدعم عن المواد النفطية، وخروج المحتجين الذين حولوا الشوارع إلى نيران.
وزارة الداخلية اليمنية كانت دائما وسط تلك الأزمات. وتشير أنباء إلى أن الوزير اللواء عبده حسين الترب تقدم باستقالته بعد نقل صلاحياته الأمنية في صنعاء إلى نائبه اللواء علي ناصر لخشع. وتحدثت أنباء عن أنه غادر البلاد احتجاجا على تلك الخطوة.. لكن اللواء لخشع نفى في حوار مع «الشرق الأوسط» تلك الأنباء، مؤكدا وجود الترب في السعودية لأداء العمرة، وأنه سيعود لمزاولة عمله بدءا من يوم الجمعة، كما نفى وجود أي خلافات بينهما.
اللواء لخشع أكد أيضا أن أكبر المهددات التي تواجهها البلاد يتمثل في انتشار السلاح بين المواطنين، إضافة إلى تفاقم مشكلة البطالة، التي تستغلها الجماعات الإرهابية من أجل استقطاب عناصر الشباب. وأكد أيضا وجود خطط لحماية العاصمة صنعاء من الانفلاتات الأمنية لكنها تفتقر إلى الإمكانات المادية لتنفيذها، وأشار إلى وجود تنسيق عال وتعاون وثيق مع أجهزة الأمن السعودية من أجل ضبط الأمن في الحدود بين البلدين، لمنع تكرار الانفلاتات الأمنية. وهنا نص الحوار:
* اندلعت أعمال شغب في العاصمة نتيجة رفع الدعم عن المشتقات البترولية.. ما الموقف الآن؟ وهل جرت السيطرة على الوضع؟
- الوضع الآن هادئ في العاصمة.. أقول ذلك ليس لأني نائب وزير الداخلية، ولكن لأنها الحقيقة، فالأوضاع مستتبة.. حصلت بعض الحرائق بواسطة المحتجين الذين قاموا بإحراق الإطارات الفارغة، وجرى التعامل معها بشكل سلمي من قبل أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية.
* ولكن أسباب هذه الأحداث قائمة.. بسبب رفع الدعم عن المواد النفطية، هل تتوقعون أن تتواصل هذه الاحتجاجات أو أن تمتد لمواقع أخرى؟
- لا أتوقع مزيدا من الاحتجاجات، لأن قرار رفع الدعم عن المواد النفطية هو قرار اتخذ بواسطة كل شركاء العمل السياسي في الجمهورية.
* جرى نقل سلطة الأمن في صنعاء إليكم، ماذا يعني هذا الإجراء؟
- أولا، أريد أن أوضح لكم أن عملية نقل سلطة الأمن في صنعاء لي، هو إجراء عادي ومتبع.. ومن الطبيعي أن يوكل وزير الداخلية إلى نائبه أي مهام يراها، لكن تظل المسؤولية الأولى تقع على عاتق الوزير نفسه. نحن نعمل كفريق واحد لوضع الحلول الأمنية، بهدف الحد من وقوع الجريمة في صنعاء ومحافظتها.
* ولكن هناك من ربط هذا الإجراء بأنباء استقالة وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب ومغادرته البلاد.
- هناك تسريبات تشير إلى استقالة الوزير الترب، وهذا غير صحيح؛ الوزير الترب موجود الآن في السعودية لأداء العمرة.. وسيعود يوم الجمعة المقبل. لا أساس للأنباء التي أشارت إلى استقالته.
* بعد توليك مسؤولية أمن صنعاء، هل وضعتم أي خطة أو استراتيجية لحماية العاصمة؟
- هناك خطط موجودة ومرسومة، ولكن تنقصنا الموارد المالية والإمكانات لتنفيذها، ونعمل الآن بالتنسيق مع وزارة الدفاع وجهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى لسد الثغرات. ونقوم بالتنسيق فيما بيننا ونتبادل المعلومات لما من شأنه المحافظة على أمن البلاد والعاصمة، والحد من وقوع الجريمة. لا أريد أن أستبق الأمور.. الخطة تسير بشكل حسن، ونحتاج لوقت أو نحو شهر على الأقل لنعيد تقييم النتائج.
* ما المهددات التي تواجهها صنعاء حاليا؟
- أكبر المهددات يتمثل في انتشار السلاح بين المواطنين، الذي يؤدي بدوره إلى وجود جماعات مسلحة هنا وهناك. وبالتالي يؤدي ذلك إلى احتكاكات ومشاكل أمنية. إضافة إلى ذلك تفاقم مشكلة البطالة التي تستغلها الجماعات الإرهابية في جذب هؤلاء إلى أوكار الإرهاب. وهي مشكلة تؤرقنا جميعا، ولكننا نتوقع أن تتلاشى هذه الظاهرة بعد إقرار الحكومة لمصفوفة الإصلاحات الاقتصادية. وهي تعالج قضية العطالة والأزمات الاقتصادية، ومن بينها قضية رفع الدعم عن المحروقات. هناك قائمة طويلة من الإصلاحات ستعلن بعد اجتماع الحكومة، الأحد المقبل.
* هل يمكن أن تحدثنا عن بعض هذه الإصلاحات المنتظرة؟
- تتعلق بجوانب كثيرة تهم المواطنين، وتسهيل حياتهم، من بينها على سبيل المثال، إلغاء الضرائب على المنتجات والمدخلات الزراعية، ومن بينها مدخلات الطاقة الشمسية كاملة التي تدخل ضمن مدخلات التكنولوجيا الزراعية. كما تعالج الإصلاحات الخلل في مجالات الإدارة والمال، وإعادة توجيه الإجراءات الضرائبية، بحيث تصوب على مجالات التنمية المستدامة، مما يخفف كثير من الأعباء على المواطنين. ونأمل أن تساهم هذه الإجراءات في القضاء على العجز في الميزانية العامة.
* الحوثيون بعد عمران هددوا صنعاء.. هل ما زال خطرهم ماثلا؟
- خطر الحوثيين زال بعد توقيع اتفاقات معهم، سمحت بانسحابهم عن عمران، والآن عناصر القوات المسلحة منتشرة هناك وتقوم بحفظ الأمن وتؤدي دورها كاملا.
* تتوالى عملية قتل الضباط.. وما الجهود التي تبذل من أجل وقف هذه الظاهرة؟
- هناك خطوات إيجابية متوقعة لوقف هذه الظاهرة، حيث قمنا بالتعاون مع جهازي الأمن القومي، والأمن السياسي، ووزارة الدفاع، بتعقب المتورطين في تلك الأحداث، وإيقاف الكثيرين منهم، وقياداتهم التي تقوم بالتخطيط لهذه العمليات، كما جرت تصفية عناصر كثيرة تورطت في مثل هذه الأحداث في صنعاء والمحافظات الأخرى، والآن نتوقع أن تحال مجموعة من هؤلاء الموقوفين، الشهر المقبل، إلى القضاء ليقول كلمته، وستكون المحاكمات علنية.
* هل هناك إحصائيات حول أعداد المقتولين من الضباط خلال العام الحالي؟
- لا تحضرني الأرقام هنا، ولكن عددهم يبلغ نحو 150 خلال هذا العام والماضي.
* قمتم بكثير من التغييرات في القيادات الأمنية.. إلى أي مدى أفاد هذا الإجراء؟
- تحسن الأداء كثيرا، وكما قلت في السابق: نحتاج لوقت حتى تظهر النتائج بشكل واضح. وزير الداخلية يعمل على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، فيما يتعلق بهيكلة وزارة الداخلية، بما يتفق مع بناء الدولة الفيدرالية. نلمس تحسنا كبيرا الآن، ولكن نريد للمواطن أن يقول ذلك، وليس نحن.
* هل تريدون مساعدات من الخارج لاستباب الأمن؟
- نحن نرحب بأي مساعدات من الخارج، وخاصة من أصدقائنا العرب وفي الخليج. ولدينا علاقات وثيقة مع كثير من الدول، ولدينا تعاون مشترك، على مدار السنة، وفي كل الاتجاهات.. ونأمل أن يتطور هذا الأمر إلى برامج تلبي احتياجات الأمن ليكون في جاهزية عالية دائما للقيام بمهامه.
* تتوالى الأحداث على الحدود بين اليمن والسعوديين.. آخرها مقتل جنود سعوديين.. ما خطتكم لاستعادة الأمن في تلك المنطقة؟ وهل لديكم تنسيق مع الأجهزة الأمنية السعودية؟
- لدينا تنسيق مشترك وتعاون وثيق مع أجهزة الأمن السعودية من أجل ضبط الأمن في هذه المنطقة، ونقوم بتبادل المعلومات والآراء التي تساهم بشكل كبير في الحد من هذه الظاهرة. ونعمل جاهدين في مكافحة عمليات التسلل في الحدود، بما يخدم الأمن في البلدين. كما أن لدينا تعاونا وثيقا في مجال مكافحة الإرهاب ساهم كثيرا في ضبط عناصره واستهداف أوكاره.. ونأمل أن يستمر هذا التعاون بشكل أعمق، بما يخدم الأمن في البلدين.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.