المالكي يهاجم الذين يقدمون «غطاء سياسيا» لـ«داعش»

ائتلافه ينفي انسحابه من سباق رئاسة الوزراء

المالكي
المالكي
TT

المالكي يهاجم الذين يقدمون «غطاء سياسيا» لـ«داعش»

المالكي
المالكي

رغم مرور نحو شهرين على سقوط الموصل وصلاح الدين بيد تنظيم داعش، يواصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتهاماته لسياسيين عراقيين بـ«التواطؤ» مع «داعش» من دون تسميتهم، باستثناء اتهاماته لأربيل (في إشارة إلى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني)، بكونها باتت مقرا لـ«داعش» وهو ما دعا بارزاني إلى سحب الوزراء الكرد من الحكومة، مطالبا المالكي إما بالاعتذار أو دفع ثمن تلك التصريحات، لكن المالكي لم يعتذر، بينما لا يزال بارزاني مصرا كجزء من الثمن الذي وعد المالكي بدفعه بعدم القبول به رئيسا للوزراء لولاية ثالثة.
وفي كلمته الأسبوعية، أمس، عد المالكي أن «الغطاء السياسي لـ(داعش) أخطر من الغطاء الأمني، وأنه برر لهم أعمالهم، لكن اليوم، وبعد أن اتضحت حقيقة هؤلاء المجرمين، عبر ما يمارسونه من مذابح جماعية ويقدمونها على أنها هدية للناس بمناسبة العيد؛ يفرحون بقتل الناس، أثبتوا أنهم أعداء الإنسانية بشكل عام، إذ استهدفوا الأقليات والجميع». ودعا المالكي العراقيين إلى «أن يكون هناك موقف مع السياسيين الذين لا يريدون إلا مصالحهم، حتى ولو كانت على حساب أمن واستقرار الآخرين».
وأوضح أن «صورة (داعش) واضحة، ولكن هذه الصورة كانت فرصة لبعض المتنافسين السياسيين لكي يركبوا هذه الموجة، وأعطوها صفات، وقالوا عنها إنها ثوار»، مشيرا إلى أن «من يتحمل المسؤولية هو من لم يعط فرصة للدولة لأن تحشد الطاقات السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية لمواجهة هذا الخطر الداهم، الذي تسلل إلى العراق عبر مناطق نفوذ (القاعدة) و(داعش) في سوريا وغيرها».
وبشأن الجهود التي بذلتها حكومته على صعيد إغاثة النازحين، قال المالكي إن «الحكومة خصصت 500 مليار دينار لمساعدة العوائل النازحة، وسيبقى باب المساعدات مفتوحا لحين إعادة النازحين إلى مدنهم».
من جهته، أكد عصام العبيدي القيادي في كتلة «متحدون للإصلاح» بزعامة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ما يقوله المالكي ويعبر عنه هو إنما هو نوع من سياسة الهروب إلى الأمام وافتعال أزمات مع الشركاء السياسيين، عبر خطاب مأزوم ومليء باتهامات لم يتمكن من إثبات أي تهمة منها».
في السياق نفسه، أكد الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ الكرمة بالفلوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة، وهي تعاني أزمة كبيرة على كل الأصعدة، فإنها لا تريد أن تفرز بين أصحاب المطالب الحقيقية والإرهابيين}.
وأضاف أن «خلط الأوراق وكيل الاتهامات لن يؤدي إلى نتيجة، لا سيما أن المالكي يدعو أبناء المناطق الغربية إلى التطوع لقتال (داعش)، ويتهم كل من يخالفه بوصفه داعشيا، وهو منطق لن يأتي بالحل المطلوب».
على صعيد متصل، فإنه في الوقت الذي نفى فيه نائب عن ائتلاف دولة القانون مقرب من زعيمه المالكي، سحب الأخير ترشيحه لرئاسة الوزراء، تفيد المعلومات المتداولة داخل أروقة التحالف الوطني الشيعي بأن الخلافات بشأن مفهوم الكتلة الأكبر بدأت تتسع، لا سيما مع إصرار ائتلاف دولة القانون على أنها الكتلة الأكبر، وأن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم سيكلف مرشحه، المالكي، بتشكيل الحكومة.
غير أن ما صدر عن رئاسة الجمهورية لدى استقبال الرئيس فؤاد معصوم لزعيم منظمة بدر هادي العامري هو التأكيد على الثوابت نفسها التي أكدت عليها المرجعية الدينية في النجف، وهي تشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل الجميع.
وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن الرئيس معصوم أكد أن «المرحلة الراهنة بحاجة إلى تعاون جميع الأطراف لتجاوز الأزمة السياسية وتشكيل حكومة شراكة وطنية طبقا للنصوص الدستورية».
وكان عبد السلام المالكي، النائب عن ائتلاف دولة القانون، أعلن، أمس، عدم صحة الأنباء التي تحدثت عن سحب المالكي ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.