عون يدفع باتجاه مخرج لأزمة تأليف الحكومة اللبنانية

اعتبر أن ما يجري «بدأ يأكل من رصيده»

أضاء الرئيس ميشال عون أمس شجرة الميلاد في القصر الجمهوري بحضور أفراد عائلته ومسؤولين (دالاتي ونهرا)
أضاء الرئيس ميشال عون أمس شجرة الميلاد في القصر الجمهوري بحضور أفراد عائلته ومسؤولين (دالاتي ونهرا)
TT

عون يدفع باتجاه مخرج لأزمة تأليف الحكومة اللبنانية

أضاء الرئيس ميشال عون أمس شجرة الميلاد في القصر الجمهوري بحضور أفراد عائلته ومسؤولين (دالاتي ونهرا)
أضاء الرئيس ميشال عون أمس شجرة الميلاد في القصر الجمهوري بحضور أفراد عائلته ومسؤولين (دالاتي ونهرا)

لم يسجَّل أي خرق بالملف الحكومي، وتحديداً حيال الاقتراح الأخير لتشكيل حكومة من 32 وزيراً، وهو الطرح الذي لم يقدّم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري جواباً عليه، بعد إعلان كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري تأييدهما له.
لكن مصادر لبنانية متابعة للملف، كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عون يدفع بقوة من أجل إيجاد مخرج لأزمة تأليف الحكومة، مشيرة إلى أنه أبلغ بعض زواره أنه يدرس الوسائل الدستورية التي تتيح له وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وأنه لم يسقط من حساباته توجيه رسالة إلى البرلمان بهذا الخصوص. وأوضحت المصادر أن عون يعتبر أن ما يجري «بدأ يأكل من رصيده، ويجر البلاد إلى أزمات كبرى ولا بد من إيجاد مخرج».
وفي حين قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري لم يعطِ رده الرسمي على الطرح لا سلباً ولا إيجاباً؛ يرى رئيس البرلمان نبيه بري أن هذه الصيغة قابلة للإنعاش، وفق ما نقلت مصادر مقربة منه لـ«وكالة الأنباء المركزية»، وهي التي طرحها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وتقضي بإضافة وزيرين إلى التشكيلة الثلاثينية الجاهزة؛ واحد مسيحي لتمثيل الأقليات، والثاني لتمثيل العلويين، ما يؤدي إلى حل عقدة تمثيل نواب سنّة «8 آذار» في الحكومة.
وقالت المصادر إن «هذه الصيغة لم تسقط كما يشاع، ولا تزال قابلة للإنعاش، وتعدّ منطلقاً لإخراج عملية التأليف من غرفة العناية المشددة أو الموضوعة فيها»، وترى أنها «الأكثر حظوظا من غيرها من الصيغ المتداولة على خط حل عقدة التشكيل، كما يؤكد الرئيس نبيه بري الذي لا يمانع في أي حل للمأزق الراهن، ولا يرفض حتى الطرح الذي عبر عنه مجلس المطارنة في اجتماعه الأخير لتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة تأخذ على عاتقها معالجة المشكلات الأساسية؛ من سياسية واجتماعية ومالية، وإخراج البلاد من كبوتها».
وفي هذا الإطار، ورداً منه على سؤال حول رأيه بما يقال عن «حكومة الـ32 وزيراً» بوصفها مخرجاً للأزمة الحكومية القائمة، قال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة: «لم يعرض علينا بالتفصيل... وما زلنا على موقفنا القائل بحكومة وحدة وطنية تضم الجميع».
من جهته، أكد وزير مكافحة الفساد نقولا تويني أن «رئيس الجمهورية ميشال عون يقوم بما في وسعه لتأليف الحكومة بأسرع وقت». وقال في حديث إذاعي: «ليس الأمر متعلقا بوزير أو وزيرين، إنما مسألة التشكيل متشابكة بين القوى الداخلية والخارجية»، عادّاً أن «لبنان في عين العاصفة اليوم، لأن ما يجري في المنطقة تسونامي جارف دمرها ووتّر العلاقات الدولية».
في موازاة ذلك، نفى النائب في «كتلة التنمية والتحرير» ميشال موسى، المعلومات التي تحدثت عن «سحب قوى (الثامن من آذار) التكليف من الرئيس المكلف»، مؤكدا أنه «لا مواد في الدستور تسمح بذلك».
ولفت في حديث إذاعي إلى أن «الأفرقاء جميعهم يحاولون إيجاد الحلول لأزمة تشكيل الحكومة»، معلنا أن «المشاورات تكثفت في الآونة الأخيرة لتسريع التشكيل»، مشددا على «ضرورة تدوير الزوايا وإيجاد الحلول بعد التشنج الذي شهده لبنان».
وعدّ أن «طرح توسيع الحكومة جاء لتحريك المياه الراكدة... وكثيرون لا يعارضونه»، ورأى أن «المطلوب اليوم هو حل شامل يفرج عن الحكومة، ولا يمكن وضع مواعيد نهائية للإعلان عن التشكيلة الحكومية، لأن الأمور معقدة في لبنان».
وحذر النائب في «حزب القوات اللبنانية» جورج عدوان من التداعيات الاقتصادية لتأخير الحكومة، قائلاً إن «لبنان يدفع ثمن الوقت غالياً بسبب التأخير في تشكيل الحكومة». وشدد على أن «كل يوم تأخير في تأليف الحكومة سيدفع اللبنانيون جميعاً ثمنه من دون أي استثناء»، مناشداً مرة جديدة الجميع «العمل على تأليف الحكومة وتجاوز شد الحبال القائم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».