اشتعلت شوارع العاصمة اليمنية بالنيران أمس، إثر خروج مئات المتظاهرين اليمنيين احتجاجا على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود. وقال شهود عيان إن امرأة قتلت أثناء تفريق قوات الجيش والأمن للمظاهرات، بينما بررت الحكومة رفع الأسعار لتلافي وصول البلاد إلى حالة الانهيار الاقتصادي.
وفرقت قوات من الجيش والأمن مئات المحتجين، بعد إغلاقهم معظم الشوارع الرئيسة داخل العاصمة، إضافة إلى قطع الطرق التي تصل المدن بها، وتمكنت السلطات من السيطرة على المظاهرات، وفتح الشوارع الرئيسة داخل العاصمة، بعد إطلاق الرصاص في الهواء. وأفادت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» بأن «توجيهات عليا صدرت برفع الجاهزية القصوى لقوات الجيش والأمن، خصوصا في العاصمة صنعاء، لمواجهة أي تهديدات أو أعمال تخريبية بسبب رفع الدعم»، وأكدت المصادر أن القوات الجوية وضعت في استعداد قتالي تام، وشاهد سكان محليون طائرات حربية ومروحيات تحوم في سماء صنعاء، بينما جرى تشديد الحراسة الأمنية على المنشآت الحيوية والمرافق والمصالح العامة وتفعيل دور الحزام الأمني بالمحافظات.
وأقر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق، التي يتقاسمها حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، رفع الدعم عن المشتقات النفطية بعد أربعة أشهر من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، وقال مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار وافق عليه جميع الأطراف بعد سلسلة لقاءات بين هادي وقيادات الأحزاب السياسية المشاركة في حكومة الوفاق».
من جهة ثانية أكد نائب وزير الداخلية اليمني اللواء علي ناصر لخشع أن الوزير اللواء عبده حسين الترب لم يستقل، نافيا وجود أي خلافات بينهما، بعدما أشارت أنباء إلى أن الترب استقال وغادر البلاد احتجاجا على نقل صلاحياته الأمنية في صنعاء إلى نائبه اللواء لخشع.
وأكد لخشع في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الترب موجود في السعودية لأداء العمرة، وأنه سيعود إلى البلاد يوم غد الجمعة لمزاولة نشاطه. وأكد لخشع وجود خطط لحماية العاصمة صنعاء من الانفلاتات الأمنية لكنها تفتقر إلى الإمكانات المادية لتنفيذها.
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.
تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.
وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.
وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.
في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.
وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.
وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.
تدابير مالية
في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.
وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.
وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».
دعم صيني للإصلاحات
وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.
وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.
وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.
وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.