تفاقم الأزمة العراقية بعد انهيار توافق «الفتح» و«سائرون»

عبد المهدي يرفض حضور جلسة البرلمان اليوم ويصر على تمرير مرشحيه المرفوضين

الصدر وهادي العامري خلال مؤتمر صحافي سابق وقت إعلان تحالفهما في النجف (رويترز)
الصدر وهادي العامري خلال مؤتمر صحافي سابق وقت إعلان تحالفهما في النجف (رويترز)
TT

تفاقم الأزمة العراقية بعد انهيار توافق «الفتح» و«سائرون»

الصدر وهادي العامري خلال مؤتمر صحافي سابق وقت إعلان تحالفهما في النجف (رويترز)
الصدر وهادي العامري خلال مؤتمر صحافي سابق وقت إعلان تحالفهما في النجف (رويترز)

نأى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بنفسه عن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد؛ نتيجة ما وصفها بـ«الفوضى» التي حدثت في البرلمان أول من أمس، إثر الفشل في تمرير مرشحيه الثمانية للوزارات المتبقية.
وأبلغ عبد المهدي البرلمان بأنه لن يحضر جلسة اليوم الخميس ما لم يحدث توافق بين الكتل السياسية على تمرير المرشحين بالأغلبية، معلنا تمسكه بمرشحيه، لا سيما مرشح حقيبة الداخلية فالح الفياض، المرفوض من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ومرشح الدفاع فيصل الجربا المرفوض من «المحور الوطني السني» الذي يؤيد توزير هشام الدراجي للمنصب.
وقال عبد المهدي خلال مؤتمره الصحافي مساء أول من أمس إنه لن يقدم قوائم وزراء إضافية لإكمال الكابينة الحكومية، فيما أعرب عن تطلعه لاتفاق نيابي للتصويت على الوزراء المقدمين.
ورغم وجود خلافات كردية - كردية حول وزارة العدل، ومسيحية حول وزارة الهجرة، ومن «المحور الوطني» بشأن وزارة التربية، فإن الأزمة السياسية تكاد تنحصر بالدرجة الأساس في مرشح وزارة الداخلية فالح الفياض الذي كان خروجه من «ائتلاف النصر» بزعامة العبادي قد رجح كفة «البناء» التي تضم كلاً من «الفتح» بزعامة هادي العامري، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، وجزءاً من «ائتلاف النصر» يقوده فالح الفياض المنشق عن حيدر العبادي، على حساب «تحالف الإصلاح» الذي يضم «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي.
وفشل البرلمان العراقي، أول من أمس، في التصويت على شغل 8 وزارات شاغرة وسط تنافس بين الكتل السياسية.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد أعلن، مساء الاثنين الماضي، عن 8 مرشحين لشغل الحقائب الوزارية الشاغرة في الحكومة العراقية. وقال عبد المهدي، في رسالة إلى رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، إن الأسماء المرشحة لشغل الحقائب الوزارية هم: «قصيّ السهيل مرشحا لمنصب وزير التعليم العالي، وهناء عمونائيل لوزارة الهجرة والمهجرين، ودارا نور الدين وزيرا للعدل، ونوري ناطق وزيرا للتخطيط، وفيصل الجربا وزيرا للدفاع، وفالح الفياض وزيرا للداخلية، وصبا الطائي وزيرة للتربية، وعبد الأمير الحمداني وزيرا للثقافة». وتأجل التصويت عدة مرات على الوزراء الذين سوف يشغلون الحقائب الوزارية الباقية بسبب خلافات بين الكتل السياسية.
من جهته؛ أعلن «تحالف الإصلاح» عن عقد اجتماع للهيئة العامة، أمس الأربعاء، وأن هدف الاجتماع هو بيان «موقف سياسي مهم بشأن الأحداث السياسية الحالية». وكان نواب كتل «سائرون» و«النصر» و«الحكمة» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» رفعوا شارة النصر بعد إفشال عقد الجلسة، مؤكدين أن قرارهم عراقي.
وفي هذا السياق، أعلن علي السنيد، القيادي في «تحالف النصر» بزعامة حيدر العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحالفنا متمسك بالقرار الوطني العراقي وعدم السماح تحت أي ظرف بمصادرة هذا القرار الوطني من جهات خارجية لها أدواتها الداخلية». وأضاف السنيد أن «ما حصل في جلسة الثلاثاء برفض تمرير فالح الفياض وزيرا للداخلية، وكذلك المرشحين الآخرين الذين لم يحصل حولهم توافق وطني، إنما عبر عن إرادة الشارع العراقي الذي أبدى فرحته حيال هذا الأمر، نظرا لأن ما حصل كان تعبيرا عن إرادة وطنية، وهو ما عبر عنه نواب (تحالف الإصلاح) الذين رفضوا بالمطلق مبدأ كسر الإرادة الوطنية».
وبين أن «الشارع العراقي لم يعد قادرا على الانتظار، خصوصا في ظل الأزمات التي يعيشها؛ وآخرها أزمة الأمطار والسيول التي كشفت جانبا كبيرا من الخلل الذي نعانيه في كل المجالات».
ودعا السنيد رئيس الوزراء «عادل عبد المهدي إلى أخذ دوره والتصرف كقائد وطني شجاع وحازم من خلال الاهتمام بالمشروع الوطني العراقي، وأن يأخذ قراراته بشجاعة دون إملاءات من أحد». وردا على سؤال بشأن الاجتماع الذي يعقده «تحالف الإصلاح»، يقول السنيد إن «هذا الاجتماع تأكيد لمتانة التحالف وتحوله إلى قوة كبيرة وبنية مؤسساتية، وبالتالي فإنه في الوقت الذي يعمل فيه على رص صفوفه، فإنه يمكن أن يتخذ القرارات التي من شأنها استئناف الحوار الوطني مع الكتل الأخرى، لا سيما (كتلة البناء)، من أجل الخروج من الأزمة السياسية الراهنة التي تحمل مخاطر كثيرة على السلم الأهلي في العراق».
في السياق ذاته، أكد المتحدث الأسبق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما جرى في مجلس النواب كان متوقعا، وكان المفترض برئيس الوزراء عادل عبد المهدي ألا يحضر إلى قبة البرلمان في ظل تنازع واختلاف الكتل وتجاذبها العنيف على بعض مرشحي الوزارات وعدم اتفاقها»، مبينا أن «القبول والرفض لم يعد بيد رئيس الوزراء بل بيد الكتل السياسية».
وأوضح الدباغ أن «الحل هو إما الاتفاق على شخصيات غير مختلف عليها، أو بعرض أكثر من اسم من أجل أن يتخلص من حرج الرفض ويترك الأمر للنواب لكي يختاروا ويصوتوا على من يعتقدون أنه مؤهل».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».