آخر الحلول الحكومية ترسو عند طرح «32 وزيراً»

عون يدعمها وبرّي وافق عليها... ومصادر الرئاسة: يفي بالغرض المطلوب

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة في افتتاح المكتبة الوطنية بحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أول من أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة في افتتاح المكتبة الوطنية بحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أول من أمس (دالاتي ونهرا)
TT

آخر الحلول الحكومية ترسو عند طرح «32 وزيراً»

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة في افتتاح المكتبة الوطنية بحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أول من أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة في افتتاح المكتبة الوطنية بحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أول من أمس (دالاتي ونهرا)

بعد الجمود الذي شهدته مشاورات الحكومة الأيام الماضية عاد الملف إلى الواجهة مع عودة الحديث عن طرح تشكيلها من 32 وزيرا بدل 30 لحلّ ما بات يعرف بالعقدة السنية المتمثلة بمطلب سنة «8 آذار» مدعومين من «حزب الله» بتمثيلهم في الحكومة.
وهذا الطرح يمثّل إحدى الأفكار الثلاث التي قدّمها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي تولّى مؤخرا مهمة العمل على تذليل هذه العقدة، ويلقى قبول رئيس الجمهورية ميشال عون كما رئيس البرلمان نبيه بري الذي أبدى موافقته عليها فيما ينتظر موقف رئيس الحكومة المكلّف منها.
وفيما قالت مصادر مطّلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحريري رفضها، اكتفت مصادره بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لا جديد على خط حلّ العقدة، وآخر كلام للرئيس المكلف كان تمسّكه بالثلاث عشرات، منتظرا أسماء وزراء (حزب الله)».
من جهتها، أشارت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا الطرح إذا لاقى قبول الأطراف المعنية فقد يفي بالغرض المطلوب وهو يحقّق توجّهات الرئيس ميشال عون حيال العدالة والمساواة في التمثيل.
وأمس، قال النائب في كتلة التنمية والتحرير علي بزي الذي التقى بري مع عدد من النواب ضمن لقاء الأربعاء النيابي: «سقطت فكرتان من تلك التي طرحها باسيل والفكرة الثالثة لا تزال مستمرة، والرئيس بري يقبل بتوسيع الحكومة إلى 32 وهي لا تزال قابلة للنقاش». وشدد على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة»، مشيرا إلى «أننا نعول على حركة باسيل فيما يتعلق بالمقترحات للوصول إلى حل نهائي للموضوع».
وأكد بزي أن «الرئيس بري مصر على ممارسة المجلس النيابي لأدواره التشريعية خصوصا بعد تشكيل الحكومة ووعد بأن ستكون هناك جلسات متتالية للمساءلة والمحاسبة».
وقالت مصادر مطلّعة على المشاورات، إن طرح 32 وزيرا يقضي بزيادة وزيرين من الأقليّات، وزير علوي وآخر من السريان، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «وبذلك إما أن يبقى مع الرئيس وزير سني يكون من حصّة (8 آذار) ويحصل على وزير إضافي للسريان، أو أن يحصل الحريري على وزير علوي مقابل تنازله عن وزير سنّي، ليبقى بذلك عدد وزرائه الستّة كما هو، على غرار عدد وزراء الرئيس و(التيار الوطني الحر) الذي يبقى 12 وزيرا، أي الثلث المعطّل». وهنا تؤكد المصادر أن الهدف من حراك باسيل لم يكن إبقاءه على الثلث المعطّل بقدر العمل على إيجاد حلّ يرضي جميع الأطراف وينهي أزمة الحكومة.
وبانتظار ما سترسو عليه مشاورات «طرح الـ32 وزيرا»، كان لافتا ما أعلنه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بالقول في حديث إذاعي «حراك الوزير جبران باسيل لحل العقدة الحكومية يعول عليه وذو صدقية وسيصل إلى نتيجة بصرف النظر عن التوقيت»، مضيفا: «هو يحمل مجموعة أفكار يصار إلى دراستها وإنضاج ظروفها ومضمونها، وأحد المخارج التي يتم الحديث عنها بعيدا عن الأضواء وهو رفع العدد داخل الحكومة إلى 36 وزيرا».
في المقابل، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر سياسية مطّلعة، قولها، إن الحريري لا يزال رافضا لتوسعة الحكومة، مرجّحة أن «يكون السبيل الوحيد إلى الخروج من النفق، متمثلا بلعب رئيس الجمهورية دور (أمّ الصبي)، فيضحّي من كيسه ومن حصّته الوزارية، ويجيّر السنّي الذي من حصّته لصالح سنّي معارض (لا يستفزّ الرئيس المكلّف)، إنفاذا لعهده وتغليبا للمصلحة الوطنية العليا، التي تقتضي في هذه المرحلة الحساسة، إكمال عقد المؤسسات ووقف حرق الوقت والمماحكات».
وبحسب المصادر: «لم تعد الرئاسة بعيدة من هذا التوجّه، إلا أنها تنتظر تعهدا من الجميع بأن حلّ هذه العقدة، لن يعقبه (تفريخ) عقدة جديدة في اللحظة الأخيرة، تعيد مساعي الحلحلة إلى النقطة الصفر، على غرار ما حصل الشهر الماضي».
وفي اجتماعه الأسبوعي، أمس، أكد «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) النيابي، التزامه بالتحرك الذي يقوم به باسيل، في ملف تأليف الحكومة، معتبرا أن «الحلول متوافرة من دون أن يشعر أحد بأنه مستهدف ومن المفترض الوصول لقواسم مشتركة من دون تأخير لأن التأليف ضروري في ضوء التحديات». وأكد ضرورة تشكيل «الحكومة الأمس قبل الغد، ومستمرون بالمسعى الذي نقوم به بالروحية نفسها والتضحية ضرورية لإطلاق عمل السلطة التنفيذية لتتحمل مسؤولياتها سياسيا واقتصاديا وماليا».
ومع غموض صورة الحل الحكومية، عبّر المطارنة الموارنة عن قلقهم من غياب أي بصيص أمل بتأليفها. واعتبروا في اجتماعهم الشهري أن سبب هذا الوضع يعود إلى «تمسك كل فريق بمطلبه وموقفه، فيما تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية». ودعوا المعنيين «إلى اتقاء الله في وطنهم وشعبه ومؤسساته»، مؤكدين أنه لا مبرر لتأخر تشكيل الحكومة. وأضافوا في بيانهم: «ويتكل الآباء على حكمة فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على مؤسسات الدولة وخير شعبها، كي يجد الحل المناسب للمعضلة التي تحول دون ولادة الحكومة الجديدة، من أجل خلاص الوطن من الأخطار المحدقة به داخليا وخارجيا».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.