منتدى في مراكش ينتقد استخدام المهاجرين «كبش فداء»

انطلاق فعاليات منتدى الهجرة والتنمية بمشاركة وفود من 135 بلداً

الوزير عبد الكريم بنعتيق يتحدث في منتدى الهجرة والتنمية بمراكش أمس (أ.ف.ب)
الوزير عبد الكريم بنعتيق يتحدث في منتدى الهجرة والتنمية بمراكش أمس (أ.ف.ب)
TT

منتدى في مراكش ينتقد استخدام المهاجرين «كبش فداء»

الوزير عبد الكريم بنعتيق يتحدث في منتدى الهجرة والتنمية بمراكش أمس (أ.ف.ب)
الوزير عبد الكريم بنعتيق يتحدث في منتدى الهجرة والتنمية بمراكش أمس (أ.ف.ب)

انتقد مشاركون في فعاليات المنتدى العالمي للهجرة والتنمية، الذي انطلقت أشغاله في مراكش، أمس، توظيف الهجرة ككبش فداء في التعاطي مع المشكلات الداخلية في بعض الدول، ودعوا إلى عدم السقوط في الخطابات السلبية حول الهجرة وتعبئة «النيات الطيبة» بهدف التعاطي الإيجابي مع الظاهرة.
وشهدت جلسة افتتاح المنتدى، الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام، ويتناول موضوع «الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين لأجل التنمية»، بمشاركة ممثلي منظمات وطنية ودولية وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص من 135 بلداً، مداخلات مهّد لها كل من الحبيب ندير، عن الجانب المغربي بالرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية، والسفير غوتز شميدت بريم عن الجانب الألماني.
وقال عبد الكريم بنعتيق، وزير الجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة: إن تنظيم المنتدى، عشية انعقاد المؤتمر العالمي من أجل ميثاق كوني لهجرة آمنة ومنتظمة (في 10 و11 ديسمبر/كانون الأول)، يمثّل لحظة أساسية واستثنائية في التعاطي مع الموضوع، مشيراً إلى أن المنتدى نموذج لتعاون وتوافق بين الشمال والجنوب، كما يأتي، في دورته الحالية، في مرحلة صعبة على مستوى تدبير قضايا الهجرة.
وبسط بنعتيق معطيات وإحصاءات تؤكد أن الهجرة صارت إحدى أهم تعقيدات القرن الـ21، حيث يبلغ عدد المهاجرين عبر العالم 258 مليون مهاجر يعيشون خارج أوطانهم، أي 3 في المائة من سكان العالم، ويساهمون في تنشيط الاقتصاد العالمي، برقم تحويلات سنوية يناهز 450 مليون دولار، أي 9 في المائة من الناتج الخام العالمي.
وأشار بنعتيق إلى أن الهجرة كانت اختيارية، ثم أصبحت، في السنوات الأخيرة، قسرية، مشيراً إلى أن عدداً من دول العالم يعيش هشاشة أمنية، وعدم استقرار، وصراعات إثنية وعرقية دينية، تؤدي إلى نزوح بشري نحو المجهول. وأبرز أن هذا التحول دفع الأمم المتحدة، في لحظات مفصلية، إلى «إعادة التفكير والاهتمام الجدي والاستثنائي في الظاهرة، فكانت خطة التنمية المستدامة التي تبنتها المنظمة الدولية في 2015 بمثابة انطلاقة نوعية التعاطي الاستثنائي، برؤية استراتيجية، مع موضوع الهجرة، ثم جاءت محطة إعلان نيويورك في 2016 حول المهاجرين واللاجئين، ليعطي الانطلاقة الفعلية للتفكير، ثم الاشتغال من أجل صياغة ميثاق عالمي من أجل هجرة آمنة، منظمة ومنتظمة؛ وهو ما يعني أن المنظمة الأممية اعترفت بأن تدبير التدفقات البشرية هو تدبير معقد، ومن هنا اعتبار أن إعلان الميثاق هو لحظة تاريخية بكل المقاييس، وأن اعتماده يعني إحداث قطيعة مع تدبير أحادي كان سائداً يوم كانت الهجرة اختيارية، وبالتالي بروز ثقافة المسؤولية المشتركة بين كل الدول، عالمياً، وقناعة بأن كل الدول هي دول منشأ ودول عبور، وأيضاً دول استقبال».
من جهتها، قالت لويز أربور، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للهجرة الدولية: إن الرئاسة بالشراكة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية هي «شهادة على أهمية التعاون في مجال الهجرة».
وبعد أن هنأت الإكوادور مستضيفة المنتدى المقبل، أكدت أربور أن العالم يمر بمرحلة مهمة في موضوع الهجرة، مشيرة إلى أن السنوات الأخيرة جعلت الهجرة في قلب الأجندة العالمية، باعتبارها ظاهرة عابرة للحدود. وشددت على أن التعاون والشراكة مهمان لتجاوز مشكلات الهجرة وإيجاد حلول لها، داعية إلى أن تكون المقاربة شاملة في ظل إرادة إيجابية للحوار.
ورأت أربور أن من شأن الميثاق العالمي حول الهجرة، الذي تم بلوغه بعد 18 شهراً من التشاور، أن يمنح أفضل الفوائد للجميع، أفراداً ودولاً، كما سيقلص من الجوانب السلبية للهجرة، الحاملة للبلبلة والتشويش، فضلاً عن أنه سيمكن من تدبير عالمي، آمن ومنتظم، لا يميز بين جهة وأخرى، في ظل أنه سيرسخ تعاوناً متناغماً، يقلص من حدة تداعيات الظاهرة.
وتحدث أنطونيو فيتورينو، المدير العام للمنظمة العالمية للهجرة، عن مستجد ربط الهجرة بالتنمية، مشيراً إلى أن هذا التطور يرجع الفضل فيه إلى المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، ومعتبراً أن القارة الأفريقية هي التي تطورت أكثر في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بموضوع الهجرة.
وأكد فيتورينو، أن التحدي الكبير الذي يواجه العالم، في تعاطيه مع الهجرة، سيأتي بعد المصادقة على الميثاق، بعد أيام، بمراكش، داعياً إلى التطلع إلى ضمان مقاربة متعددة، وأن تعمل الدول على تفعيل مضامين هذا الميثاق، مع تعبئة الجميع لأجل ميثاق مفعل محلياً، وطنياً وعالمياً. وانتقد فيتورينو المناخ السياسي في بعض الدول، من خلال «التوظيف السياسوي» للموضوع من قبل بعض الأطراف، التي تهدد بتوجهاتها الاحترام الواجب لحقوق البشرية، مشدداً على أن ركوب التحدي للتصدي للموضوع يجب أن يتم عبر التفاعل والتجديد والإبداع، كما كان الحال مع أهداف المنتدي العالمي حول الهجرة والتنمية.
واعتبر أن كل بلد لا يرقى إلى التعامل مع الموضوع لا يمكنه، بالمقابل، أن يرقى إلى التعامل مع إيجابيات الهجرة.
من جهته، انتقد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، بعض الدول التي تتعامل بسلبية مع الموضوع، حيث قال: «من الغريب أن الدول التي تدعو إلى الكونية والتعايش والانفتاح على الآخر تناست فجأة جميع هذه القيم عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين في وضعية غير قانونية».
وأكد حق الدول في حماية حدودها، مستدركاً بأن ذلك لا يعفيها من ضمان حقوق المهاجرين في ولوج أراضيها والإقامة بها. وزاد: «نتتبع بقلق التشدد التي يتم التعاطي به مع موضوع الهجرة، من خلال توظيف خطابات سياسية تؤسس للخوف من الآخر، باستعمال توصيفات من قبيل (مهاجر غير قانوني) و(ابن البلد مهما كان)، دون اعتبار لمبادئ عدم التمييز بين البشر على مستوى اللون أو العرق، أو غيره».
يشار إلى أن الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية بين ألمانيا والمغرب تعد مثالاً حديثاً للمقاربة الإيجابية للظاهرة. كما تعتبر الرئاسة المشتركة لألمانيا والمغرب مبادرة فريدة، لثلاثة أسباب على الأقل: أولاً، كون الرئاسة المشتركة تضع شركاء الشمال والجنوب على قدم المساواة في تدبير النقاشات حول الانشغالات المشتركة المتعلقة بالهجرة. ثانياً، وللمرة الأولى، قامت هاتان الدولتان بوضع أهداف واضحة ومركزة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على مدى عامين (وهي الفترة التي تتزامن مع إعداد الميثاق العالمي للهجرة والتنفيذ السريع للجوانب المتعلقة بالهجرة في أهداف التنمية المستدامة). ثالثاً، أعطت الدولتان في السنوات الأخيرة المثال من خلال تطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى بلديهما.
وحددت الرئاسة المشتركة بين المغرب وألمانيا أولوية للمنتدى تكمن في «التركيز على الروابط القائمة بين المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية والميثاق العالمي للهجرة وأجندة 2030، وتحليل ودراسة مساهمة المنتدى في الحوار العالمي ووضع سياسات في مجال الهجرة والتنمية، إضافة إلى اقتراح إجراء جرد للنجاحات والتحديات التي عرفها المنتدى خلال السنوات العشر الأخيرة فيما يخص الهجرة والتنمية؛ وذلك بتعبئة فريق من الخبراء».
وبشأن المجالات الموضوعاتية المقترحة من طرف الرئاسة المشتركة، فستدور حول إضفاء مقاربة متوازنة لجوانب الهجرة والتنمية في مختلف مراحل المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي سيناقش «الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين لأجل التنمية».
ويتوقع أن تكون النقاشات التي ستجري في المنتدى امتداداً لسابقتها التي جرت في القمة العاشرة في برلين سنة 2017، حول موضوع «نحو عقد اجتماعي عالمي حول الهجرة والتنمية»، في إطار الموضوع العام «الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين من أجل التنمية».
ومن خلال انعقاد القمة الحادية عشرة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية «سيكون الميثاق العالمي للهجرة في المراحل النهائية قبل اعتماده بعد سلسلة من المشاورات الوطنية والإقليمية والدولية بشأن هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة؛ وبذلك تم تدشين مرحلة مهمة نحو إرساء عقد اجتماعي عالمي».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.