ستيفن هوكينغ يحذر من احتمال ظهور «السوبرمان»

«أجوبة موجزة لأسئلة كبيرة» صدر بعد وفاته

ستيفن هوكينغ
ستيفن هوكينغ
TT

ستيفن هوكينغ يحذر من احتمال ظهور «السوبرمان»

ستيفن هوكينغ
ستيفن هوكينغ

ذكر تيموثي ولوسي هوكينغ، ابنا عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ، كم كان والدهما سيشعر بالسعادة لو كان قد شهد تدشين كتابه الأخير «أجوبة موجزة لأسئلة كبيرة» في متحف العلوم في لندن. لقد كان حفل التدشين، بعد غياب مؤلفه، حدثاً محملاً بالمشاعر الفياضة عند جميع أفراد أسرته وأصدقائه ومؤيديه وأكاديميين كانوا مقربين جداً من ذلك العالم.
يتكون الكتاب من مجموعة من المقالات التي يزيد عدد كلماتها على مليون كلمة، قام بجمعها ومراجعتها أفراد أسرته وزملاؤه. ويوضح هوكينغ، الذي اشتهر بنظرياته عن الثقوب السوداء، في تلك المقالات الأخيرة قلقه البالغ بشأن الإنسانية، والتغير المناخي، والهندسة الوراثية، لكنه يتبنى في الوقت نظرة إيجابية للمستقبل رغم اعترافه في الكتاب بقوله: «من الصعب علي أن أكون إيجابياً».
إنه يتحدث في هذا الكتاب عن كل شيء تقريباً، ويوضح فيه كيف يتصل العلم حتى بأصغر الأشياء في عالمنا، بالإضافة إلى موضوعه الأثير السفر عبر الزمن، وهو من أكثر الأمور التي كان مهووساً بها، وكذا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المقرر أن يتم في مارس (آذار) 2019، وفي هذا السياق، يحذر هوكينغ في كتابه قائلا: «نحن نواجه أيضاً خطر أن نصبح منعزلين ثقافياً ومنفصلين، وأن نبتعد أكثر فأكثر عما تم تحقيقه من تقدم».
ومن نظرياته التي ربما يجدها القراء أكثر إثارة للقلق هي احتمال ظهور «السوبرمان» (الإنسان الفائق) الذي يتمتع بمواهب فائقة من خلال الهندسة الوراثية. ويوضح هوكينغ قائلا: «لن يتمكن البعض من مقاومة إغواء تحسين الصفات البشرية مثل حجم الذاكرة، ومقاومة الأمراض، وطول العمر. بمجرد ظهور الإنسان السوبرمان، ستظهر مشكلات سياسية كبيرة بسبب وجود البشر الذين لم يتم تحسينهم، وبالتالي لن يتمكنوا من خوض المنافسة».
ورغم تناول الكتاب، كما هو متوقع، موضوع الفيزياء المتقدمة، فإنه عالجها بأسلوب بسيط بحيث يمكن أن يفهمها أي شخص ليس على دراية ومعرفة كبيرة بالعلوم، فمن أهم وأعظم مواهب هوكينغ قدرته على شرح وتفسير المشكلات والمسائل شديدة التعقيد بطرق مفهومة لقطاع عريض من القراء والجمهور، والدليل على هذه القدرة هو حجم مبيعات كتبه الكبير.
كتب توطئة الكتاب إيدي ريدماين، الممثل الإنجليزي الشهير، الذي أدى دور الأستاذ ستيفن هوكينغ في فيلم «نظرية كل شيء» الذي أنتجته هوليوود. وكانت كلمات إيدي تتسم بطابع شخصي جداً، حيث يتذكر رأي هوكينغ بالفيلم، وقوله له: «لقد حرك الفيلم مشاعري، لكن كان من الأجدر بالفيلم أن يتضمن قدراً من الفيزياء أكبر من المشاعر، فمن المستحيل الجدال في أمر المشاعر».
تثير بعض نظرياته الكثير من الجدل، ومن المتوقع أن تستمر مناقشتها لسنوات مقبلة، لكن مما لا شك فيه أن حياته كانت درساً دائماً ومتواصلاً للإنسانية عن كيفية نجاح شخص ذي إعاقة شديدة، وغير قادر على تحريك أي عضلات من جسمه سوى عضلات وجهه، في القيام بأمور عظيمة. وسيتم تذكر هوكينغ دوماً كواحد من ألمع وأذكى العقول في كافة العصور. وتم طرح «أجوبة موجزة لأسئلة كبيرة» في الأسواق قبل فترة، وهو متاح أيضاً كنسخة صوتية. وكان حفل تدشين الكتاب فرصة للاستماع إلى صوت هوكينغ للمرة الأخيرة، التي دعا فيها الجميع إلى التمتع بالفضول والنظر إلى النجوم والعالم. وذكرت أسرته في حفل التدشين أنه كان سيشعر بالسعادة لو عرف أنه قد تم دفنه إلى جانب شخصيات علمية بارزة مثل إسحاق نيوتن، وتشارلز داروين، في كنيسة «وستمنستر آبي» في قلب لندن.


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي
TT

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

صدر عن دار «نوفل - هاشيت أنطوان» كتاب «موجَز الرحلتَيْن في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحَيْن» للكاتب والسياسي العراقي الكردي سردار عبد الله. في هذا الكتاب، الذي نال تنويهاً من جائزة ابن بطّوطة لأدب الرحلات، يحاول سردار عبد الله، من خلال رحلتين قام بهما في عام 2018 إلى الهند، ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي.

هناك، في مدينة جيهان آباد القديمة، قضى الشيخ خالد النقشبندي عاماً في منتصف القرن التاسع عشر، أسهمت تلك السنة في تعزيز دور الشيخ لإحداث تغييرات بعد عودته؛ إذ تبنى الطريقة النقشبندية التي باتت تسمى فيما بعد باسمه «النقشبندية الخالدية». تقودنا هذه الرحلة إلى أحداث تاريخية مهمة حينها مثل سقوط ولاية بغداد والطريقة الصوفية البكتاشية. فكانت طريقته الصوفية بمثابة البديل الروحي أولاً؛ ما أحدث تحولاً كبيراً في تركيبة الزعامة الكردية، التي انتقلت من طبقة الأمراء والإقطاع إلى رجال الدين المتنوّرين.

اتخذ الكاتب قراراً جازماً بألا يعود من الهند ما لم يعثر على ذلك المكان المجهول، غير أنه في رحلة بحثه تلك، يخوض في التاريخ تارة وفي العجائب والطرائف التي يصادفها في تلك البلاد تارة أخرى.

«كيف لنملةٍ أن تطارد نسراً؟»، يتساءل الكاتب، كيف لمريدٍ أن يقتفيَ آثارَ شيخٍ حملَ الشريعةَ على جناحٍ والحقيقةَ على آخر، وجابَ بهما أصقاع الدنيا مُحلِّقاً؟

في هذه الرحلة الممتعة في الزمان والمكان والروح، يُشاركُ الكاتب قرّاءَه تفاصيلَ رحلتَيْه إلى الهند عام 2018؛ بحثاً عن خانقاه الشاه عبد الله الدهلوي. هناك، في مدينة جيهان آباد القديمة، قضى الشيخ خالد النقشبندي عاماً خلال بدايات القرن التاسع عشر، عاد من بَعدِه إلى كردستان وبغداد والشام، يحملُ طريقةً أحدثتْ تحوّلاً كبيراً في المنطقة، في فترةٍ مهمّةٍ تاريخيّاً شهدتْ سقوط ولاية بغداد، وسقوطَ الإمارات الكُرديّة؛ ما خلق فراغاً رهيباً في السلطة.

في كتابه، الذي يقع في 216 صفحة، يتساءل سردار عبد الله ثانية: «لماذا يثور مَن تتلمذ على يد الشيخ النقشبندي، بدءاً بالشيخ النهري في كردستان وصولاً إلى الأمير عبد القادر في الجزائر، ضدّ المحتلّين؟»، فتأخذ الرحلة بُعداً أعمق...

ويكتشف كاتبُنا. فبعدما اتخذ قراراً جازماً بألّا يعود من الهند ما لم يعثر على المقام المنشود، سيعثر المُريد على كنوز المعرفة ودُرَرِ المشاهَدات وهو في طريقه إلى الوجهة الأساسيّة.

وسردار عبد الله - كاتبٌ وسياسيّ كرديّ ومرشَّحٌ سابق لرئاسة العراق. ترأّس هيئة تحرير مجلّاتٍ وصحفٍ كرديّةٍ عدّة، بعد سنواتٍ قضاها في جبال كردستان ضمن قوّات البيشمركة الكرديّة. له إصدارات عدّة باللغتَيْن الكرديّة والعربيّة. «موجز الرحلتَيْن في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحَين» هو كتابه الثاني الصادر عن «دار نوفل» بعد روايته «آتيلا آخر العشّاق» (2019).