متحف طبرق الليبي يحصّن طلاب المدارس ببرنامج تثقيفي للحفاظ على الهوية

يستهدف التعريف بموروث البلاد الأثري

بعض المقتنيات الأثرية والتراثية (متحف طبرق)
بعض المقتنيات الأثرية والتراثية (متحف طبرق)
TT

متحف طبرق الليبي يحصّن طلاب المدارس ببرنامج تثقيفي للحفاظ على الهوية

بعض المقتنيات الأثرية والتراثية (متحف طبرق)
بعض المقتنيات الأثرية والتراثية (متحف طبرق)

وضع متحف طبرق الوطني في ليبيا، برنامجاً يستهدف تعريف طلاب المدارس والجامعات والمعاهد بتاريخ البلاد، وأهم المعارك التي دارت على أراضيها من مئات السنين.
وقالت إدارة المتحف، إنّ البرنامج الذي يأتي تحت عنوان «اعرف تاريخ بلادك»، هو بمثابة عملية تثقيفية مجانية لجميع الطّلاب، مشيرة إلى أنّ المتحف خصص يوماً في الأسبوع لتلك الفئات كي يتذكر الطّلاب المراحل التي خاضتها البلاد عبر التاريخ، وصولاً إلى العصر الحديث، بهدف الحفاظ على الهوية.
ومتحف طبرق الوطني، عبارة عن مبنى عتيق لكنيسة إيطالية الطراز تحوّلت إلى متحف، يجمع مقتنيات تعود إلى الحقب الزمنية المختلفة التي مرت على ليبيا، وهي عبارة عن قطع أثرية للفترة الرومانية واليونانية، وأسلحة ومتعلقات جنود تعود للحرب العالمية الثانية، وفترة الحرب ضد الإيطاليين، بالإضافة إلى مقتنيات للعهد الملكي، وأخرى تعود للجنود الليبيين الذين شاركوا في القتال إلى جانب الحلفاء فيما عرف بـ«القوة العربية الليبية».
وقال محمد الصاوي، أحد المشرفين على المتحف لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنّ «برنامج (اعرف تاريخ بلادك)، الذي أطلقه المتحف في نسخته الثالثة، يهدف إلى تعريف الطلاب بالموروث الثقافي للدولة الليبية من حيث التنوع الثقافي، للمواطنين الليبيين بكل تنوعاتهم العرقية، من عرب وتبو وأمازيغ، مشيراً إلى أنّه (البرنامج) يعتمد في المقام الأول على تعريف الأجيال المختلفة بالتاريخ الليبي، بصفة عامة، وطبرق بشكل خاص، بجانب شرح لتاريخ الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها في مدينة طبرق بين دول الحلفاء، والمحور».
ونوّه الصاوي إلى أنّ البرنامج «يشمل اطلاع الطلاب وخاصة صغار السن، على الموروث الشعبي من الحضارة القديمة، في البلاد، مروراً بالفتح الإسلامي، وحتى تاريخ شيخ المجاهدين عمر المختار ورفاقه»، لافتاً إلى التذكير بمعاهدة «أوشي» أو «لوزان الأولى» التي تم توقيعها عام 1911 بين إيطاليا والسلطنة العثمانية، بموجبها انسحبت الدولة العثمانية من ليبيا، بعد حصولها على امتيازات في ليبيا، وتركت أهلها وحدهم وجهاً لوجه أمام الإيطاليين.
ويعتمد المتحف في المقام الأول، على الجهود الشخصية، وتبرعات المواطنين، بجانب القطع الأثرية التي يُعثر عليها، وتسلم لإدارة المتحف، بالإضافة إلى تبرع جمعية قدامى المحاربين الفرنسية بسبع لوحات جدارية تشرح معركة بئر حكيم، التي وقعت عام 1942 في الصحراء الليبية جنوب طبرق، بين القوات الفرنسية والقوات الألمانية والإيطالية بقيادة الكولونيل جنرال إرفين رومل.
وتعاني المواقع الأثرية المنتشرة على طول الساحل الليبي، من إهمال شديد خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد انتفاضة 17 فبراير، والصّراع الحالي في ليبيا بما يتضمنه فوضى السّلاح وغياب للأمن.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض