البابا تواضروس: لقاءات محمد بن سلمان مفيدة للأمة... وزيارتي للرياض قريباً

قال إنه يتذكر بإعجاب رسالة بعث بها إليه نيل آرمسترونغ بعد عودته من القمر

البابا تواضروس (غيتي)
البابا تواضروس (غيتي)
TT

البابا تواضروس: لقاءات محمد بن سلمان مفيدة للأمة... وزيارتي للرياض قريباً

البابا تواضروس (غيتي)
البابا تواضروس (غيتي)

في عام 1969 لفت خبر هبوط الإنسان لأول مرة على سطح القمر، شابا مصرياً كان يبلغ من العمر 16 عاما، ويدعى وجيه صبحي باقي سليمان. فكتب وجيه رسالة إلى رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ وطلب منه توقيعه.
بالطبع، لم يتوقع الشاب المصري أبدا أن يلبي أرمسترونغ طلبه، ومع ذلك كان لديه أمل في أن يرد عليه رائد الفضاء الأميركي الراحل. بعد بضعة أسابيع، وصل ظرف يحتوي على صورة الهبوط على سطح القمر، ملوّنة وموقّعة. بالنسبة لمراهق في منطقة نائية في بلدٍ نامٍ مثل مصر، ما حصل كان معجزة.
اليوم، ينتشر كثير من الشيب في شعر وجيه وهو يتحدث كثيرا عن «معجزات» لكنها من نوع آخر. نادرا ما يشار إليه الآن باسم ميلاده، فهو الآن بالنسبة لما يزيد على 100 مليون مصري وإلى العالم أجمع، بات يعرف بـ«قداسة البابا تواضروس الثاني»، البابا الثامن عشر بعد المائة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الإسكندرية.
وفي مقره الكائن في كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية في منطقة العباسية في القاهرة، جرت هذه المقابلة لصحيفة «عرب نيوز» (تنشرها «الشرق الأوسط» بالتزامن).
يقول الأنبا تواضرس، إنه لا يزال مغرما بتلك التجربة، بعدما يقارب الخمسين عاما على تلقيه تلك الرسالة، من أرمسترونغ، رغم أسفه الشديد، على ضياع الصورة منه. وبصوت ضعيف وابتسامة لطيفة، يتذكر، كيف حصل على عنوان، رائد الفضاء الراحل، من برنامج إذاعي كان يشجع أصدقاء المراسلة على الكتابة إليه عبر راديو (صوت أميركا).
«بعثت له برسالة أخبرته فيها بأنني أتمنى أن أرى صورة ملوّنة له على القمر، لأن الصحف كانت تنشر صوره بالأبيض والأسود... لقد فوجئت عندما تلقيت ظرفًا (بعد أسابيع)... صورة ملونة جميلة له على القمر مع توقيعه عليها».
ويتذكر قائلا: «كان يشدني اسمه (نيل) (مثل نهر النيل). في الغرب، اعتادوا على تسمية نيل. ولكن هنا في مصر، لا أحد يسمي ابنه (نيل، على الرغم من أنه اسم جميل»، مفترضاً أن الراحل أرمسترونغ سمي على اسم النهر المصري الشهير.
تواضروس اليوم، الزعيم الروحي لنحو 15 مليون قبطي في مصر، بالإضافة إلى مليونين آخرين في الخارج. (وفقًا لسجل الكنيسة، مع التنويه بعدم وجود رقم رسمي من الدولة). يعتنق الأقباط المسيحية التي بشرهم بها القديس مرقس في القرن الأول الميلادي. ومثل معظم المسيحيين - والأقليات - في المنطقة، عاش الأقباط فترات مختلفة من الاضطهاد.
تولى تواضروس الثاني منصب البابا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وقد جاء اختياره، الذي يستغرق حسب الطقوس القبطية أشهرا ويعتمد في النهاية على الصدفة، في وقتٍ عسيرٍ للأقباط المصريين والبلد بشكل عام. فجاء اختياره في نوفمبر 2012 بعد فترة وجيزة من انهيار نظام مبارك وبالتزامن مع فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين التي لم تدم طويلاً ومع ظهور «داعش».
ومع ذلك، لم تقتصر المعاناة في السنوات القليلة الماضية على الأقباط وحسب، بل شملت أيضا المسيحيين في جميع أنحاء المنطقة بشكلٍ عامٍ. في الواقع، لقد كان الوضع ينذر بالخطر لدرجة أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعا خلال مؤتمر حوارات البحر الأبيض المتوسط الأخير في روما، إلى بذل جهد لحماية المسيحيين في الشرق الأوسط. يتفق البابا تواضروس على أن الوضع ينذر بالخطر، ويحذر من أن «إفراغ الشرق الأوسط من المسيحيين يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار والسلام».
ويقول البابا تواضروس إن «المسيحية متجذرة في الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه «عندما تم تأسيس بلداننا، كان المسيحيون والمسلمون هناك، وكذلك اليهود في التاريخ القديم». ويصف ما حدث في سوريا والعراق (مع ظهور «داعش») بأنه «مؤلم للغاية»، ويعترف بأن المسيحيين (الذين اضطروا إلى الفرار وطلب اللجوء في الخارج) كانوا الأكثر تضرراً في هذين البلدين.
لكن مخاوف البابا تواضروس تتجاوز وضع المسيحيين، فهو يعتبر أن «إضعاف الدول العربية» يعني «إضعاف العرب كلهم... المسيحيين والمسلمين على حد سواء».
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بموطنه مصر، يبدو البابا تواضروس أكثر تفاؤلاً بقليل. «إذا قرأت التاريخ، فستجد أن اللبنانيين بدأوا يهاجرون منذ ثلاثة قرون. ومع ذلك، فإن المسيحيين في مصر بدأوا بالهجرة منذ خمسين سنة فقط، وكان ذلك بسبب الظروف التي كانت قائمة في ذلك الوقت... وعندما حكم الإخوان المسلمون مصر (2012 - 2013)، خشي المسيحيون على حياتهم وهربوا من البلد. وعندما استعاد البلد استقراره، عاد كثير منهم إلى مصر. وقد انخفضت معدلات الهجرة المسيحية بشكل ملحوظ».
مع ذلك، وعلى الرغم من تطمينات البابا، يشعر كثير من الأقباط بالقلق على نحو متزايد. ما يغذي هذا الإحساس هو تزايد الهجمات التي استهدفتهم واستهدفت أماكن عبادتهم. في الواقع، تم تسليط الضوء على مصر، على وجه التحديد، كدولة مثيرة للقلق في تقرير صدر في وقت سابق من هذا العام من قبل مؤسسة «الأبواب المفتوحة» الخيرية ومقرها بريطانيا، وهي مكرّسة لخدمة المسيحيين المضطهدين في جميع أنحاء العالم.
ويعترف البابا تواضروس بأن هذه الهجمات مؤلمة، لكنه يؤكد أنه يجب أن ندرك أن هدفهم ليس الأقباط أنفسهم أو كنائسهم، بل «الوحدة المصرية».
«لكي نكون منصفين، استهدفت هذه الهجمات أيضا القوات المسلحة والشرطة وإخواننا وأخواتنا في المساجد. قبل عام، كان أحد المساجد في منطقة العريش (في شمال سيناء) هدفاً لهجوم إرهابي حيث مات كثير من المصريين».
ومع ذلك، شهد الأقباط هجوما ذا طبيعة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة. ففي وقت سابق من هذا العام، تم العثور على أسقف ميت وقد سحقت جمجمته في صومعته في دير الأنبا مكاريوس (شمال غربي القاهرة). كان المهاجمون المتهمون من تلاميذه، وهم ينتظرون محاكمتهم حالياً ويبدو أن الجريمة موجهة ضدّ خط الإصلاح والانفتاح الذي ينتهجه البابا تواضروس.
ينفي الباب تواضروس وجود انشقاق داخل الكنيسة، ويقول إنها كانت قضية حدثت لمرة واحدة، مضيفاً أن الحياة تمضي كالمعتاد في جميع الأديرة... «هذا قد يحدث في كل زمان ومكان. فحتى بين تلاميذ المسيح، كان هناك تلميذ يدعى يهوذا باع روحه إلى الشر. وتحقق السلطات الآن في هذه الجريمة ونحن في انتظار النتائج».

- الشؤون الإقليمية
في البداية، يقاوم البابا تواضروس محاولات جعله يكشف عن آرائه السياسية... «يجب ألا يتدخل الدين في السياسة»... ومع ذلك، قلنا له في محاولة لإقناعه بأننا نعيش في الشرق الأوسط وحتى لو لم يكن الدين يريد التدخل في السياسة، فإن السياسة ستتداخل مع الدين. عند ذلك رد وهو يتنهد «إن سبب الأزمات في العالم هو هذا التدخل».
قبل عام، ألغى اجتماعا مع نائب الرئيس الأميركي مايك بينس احتجاجا على قرار واشنطن نقل سفارتها إلى القدس. وفي بيان لها، قالت الكنيسة إن القرار (أي نقل السفارة) لم يأخذ بعين الاعتبار مشاعر ملايين العرب.
يرى البابا تواضروس أن فلسطين «دولة محتلة». وقال إنه يأمل في أن تسود «روح التفاهم بين الطرفين (الإسرائيليين والفلسطينيين) للوصول إلى حل نهائي وأن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين وأن يسود السلام في المنطقة».
وتتجه الأنظار الآن إلى الزيارة المرتقبة التي تعهد بابا الأقباط القيام بها إلى السعودية.
ففي وقت سابق من هذا العام، تلقى البابا تواضروس دعوة لزيارة المملكة بعد اجتماع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارة رسمية له إلى مصر.
«كانت زيارة جيدة ومفاجئة... وجدنا فيه شخصا منفتح الذهن لديه رؤية حديثة للحياة، وهذا يسعدنا كثيرا. أنا شخصيا أتابع كل التطورات الإيجابية التي حدثت بتوجيهات من الملك سلمان وولي عهده وجميع المسؤولين السعوديين، خاصة أن السعودية هي الركيزة الأساسية للعالم العربي والإسلامي وعلى المستوى الدولي أيضا».
يقول البابا تواضروس إن ولي العهد عقد لقاءات معه ومع رئيس أساقفة كانتربري ومع عدد من الشخصيات الدينية الأخرى داخل المملكة وخارجها... «إن الاجتماعات التي يعقدها ولي العهد والمسؤولون السعوديون على جميع المستويات، سواء كانت دينية أو سياسية أو ثقافية، مفيدة جداً للأمة والمملكة وتساهم في التنمية البشرية. ونحن نحيي ونقدر هذه الجهود التي تحمل كثيرا من الأمل لأشقائنا في السعودية».
أما عن زيارته المرتقبة إلى المملكة.... فإن البابا تواضروس الثاني يؤكد أنها ستتم... ولكن ليس لديه وقت محدد. «ستتم عندما يشاء الله».



اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
TT

اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن خلال الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات الحكومية مع ممثلي عدد من المنظمات الأممية والدولية، في إطار مساعٍ لتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود الإنسانية والتنموية، بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل تصاعد انتهاكات الجماعة الحوثية التي عطَّلت أعمال عديد من الوكالات الدولية.

ضمن هذه اللقاءات، بحث نائب وزير الخارجية مصطفى نعمان، مع ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في اليمن، آدم ياو، آليات عمل المنظمة وأهمية تدخلاتها في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية وتحسين سبل المعيشة في المناطق الريفية.

وأشاد نعمان بجهود «فاو» ومشاريعها الداعمة لقطاعي الزراعة والري، مؤكداً حرص الحكومة على تسهيل عملها وتمكينها من تنفيذ برامجها الإنسانية والتنموية بما يسهم في دعم الاستقرار المعيشي.

من جانبه، عبّر ممثل المنظمة عن تقديره لتعاون الحكومة اليمنية، مؤكداً التزام «فاو» بمواصلة تقديم الدعم الفني والإنساني للشعب اليمني، رغم التحديات الميدانية القائمة. وفق ما نقله الإعلام الرسمي اليمني.

في لقاء آخر، ناقش نعمان مع نائب مدير بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، ماري ياماشيتا، نشاط البعثة وسبل تطوير أدائها وفقاً لتفويضها الأممي.

جانب من اجتماع نائب وزير الخارجية اليمني مع ممثلي المنظمات الدولية (إكس)

وأكد نعمان ضرورة تعزيز التنسيق بين الحكومة والبعثة، لرفع فاعلية أدائها وتحقيق أهدافها، مرحِّباً بخطوة نقل مقرات البعثات والمنظمات الأممية إلى العاصمة المؤقتة عدن لما تمثله من أهمية في تسهيل مهامها وضمان التواصل المباشر مع الحكومة الشرعية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى ياماشيتا أنها أعربت عن تقديرها لتعاون الحكومة اليمنية وتفهمها لطبيعة عمل البعثة، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة بصدد مراجعة مهامها في الحديدة بما يتناسب مع المستجدات الإقليمية والدولية.

اجتماع موسع

في سياق التحرك الحكومي اليمني، عقد نائب وزير الخارجية اجتماعاً موسعاً مع ممثلي المنظمات الدولية العاملة في عدن، لمناقشة أوجه التعاون المشترك وسبل تعزيز التنسيق مع الحكومة لضمان تنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية بكفاءة وشفافية.

ورحب نائب الوزير بممثلي المنظمات، مشيداً بجهودها في التخفيف من معاناة اليمنيين جراء الحرب، ومؤكداً التزام الحكومة بتهيئة الظروف المناسبة لعملها.

وأعرب عن تقدير الحكومة للمنظمات التي نقلت مقراتها الرئيسية إلى عدن، معتبراً ذلك خطوة تؤكد التزامها بالتعامل مع الحكومة الشرعية وتعزيز حضور مؤسسات الدولة.

وشدد نعمان على أهمية التنسيق الدائم بين وزارة الخارجية في بلاده والمنظمات الدولية لتجاوز التحديات الميدانية، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين في جميع المحافظات وفقاً لأولويات الاحتياج الإنساني.

في المقابل، عبّر ممثلو المنظمات عن شكرهم لوزارة الخارجية على تسهيل إجراءات عملهم، مؤكدين حرصهم على توسيع نطاق أنشطتهم وتعزيز الشراكة مع الحكومة لدعم جهود الإغاثة والاستقرار. حسبما نقلت وكالة «سبأ» الحكومية.

كان نعمان قد التقى نائب مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، سعيد حرسي، لبحث سبل تطوير التعاون وتعزيز الدعم الإنساني المقدم للشعب اليمني.

وأكد المسؤول اليمني أهمية إعداد خطة شاملة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والتنموية، والعمل على سد الفجوة التمويلية التي تسببت في تقليص عدد المستفيدين من برامج الأمم المتحدة.

وشدد نعمان على ضرورة اعتماد آليات رقابة شفافة تضمن وصول المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين، وتعزيز التنسيق المستمر بين الحكومة ومكتب «أوتشا» لضمان فاعلية البرامج الإنسانية وكفاءتها.


تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)

كثّف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الوزراء سالم بن بريك من نشاطهما في العاصمة السعودية الرياض، ضمن جهود تستهدف توسيع الدعم الدولي لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار، والتحضير لعقد مؤتمري «المانحين للصحة» و«الطاقة الوطني الأول» خلال الشهر الحالي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس الوزراء بن بريك بحث مع سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف مستجدات التعاون الثنائي، وتطورات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، إلى جانب التحضيرات الجارية لمؤتمري «الصحة» و«الطاقة»، اللذين تراهن عليهما الحكومة لحشد التمويل الدولي للقطاعين الحيويين.

ووفق المصادر، تناول اللقاء مسار الإصلاحات المالية والإدارية التي تنفذها الحكومة بدعم من شركائها الدوليين، ونتائجها المتوقعة في تحسين الأداء الحكومي وتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن حرب ميليشيات الحوثي.

رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك مع السفيرة البريطانية عبدة شريف (سبأ)

وشدد بن بريك على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات شاملة لرفع كفاءة مؤسسات الدولة، وضبط العلاقة بين السلطات المركزية والمحلية، مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي لدعم خطط التعافي الاقتصادي، وتمكين الحكومة من القيام بواجباتها تجاه المواطنين.

وأوضح رئيس الوزراء أن مؤتمر المانحين للصحة سيكون محطة محورية لتنسيق الجهود الوطنية والدولية، وحشد الموارد لإعادة تأهيل المرافق الصحية وتطوير الكوادر، في حين يُشكل مؤتمر الطاقة الوطني الأول خطوة نوعية لإصلاح هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، بدعم من السعودية والإمارات.

من جهتها، أكدت السفيرة البريطانية دعم بلادها للحكومة اليمنية في مسار الإصلاحات وتحسين الخدمات، مشيدة بتوجهها لعقد مؤتمرات نوعية تضع حلولاً عملية للتحديات التنموية.

شراكة ألمانية ودعم فرنسي

في لقاء منفصل، استقبل بن بريك سفير ألمانيا الاتحادية توماس شنايدر؛ حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وآفاق التعاون في مجالات الإغاثة والتنمية والإصلاح الاقتصادي.

وأشاد رئيس الوزراء بالدعم الألماني المتواصل لليمن، مؤكداً أن حكومته تمضي في تنفيذ خطة الإصلاحات الشاملة التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي، بهدف تصحيح مسار المالية العامة، وتحسين إدارة الموارد، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني.

ونقل السفير الألماني تحيات المستشار فريدريش ميرتس، مؤكداً أن بلاده تتابع باهتمام التطورات الاقتصادية في اليمن، وستواصل دعمها للحكومة ضمن أولوياتها الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات.

تلاميذ يمنيون في مدرسة الرباط الغربي الحكومية في لحج الواقعة بين مدينتي تعز وعدن (أ.ف.ب)

من جهته، التقى العليمي سفيرة فرنسا لدى اليمن، كاترين قرم كمّون، وبحث معها مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية والدعم الفرنسي لبرامج الإصلاحات.

وأعرب العليمي عن تقديره لدور فرنسا في دعم أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومساندة المسار الإنساني والإغاثي، ومواقفها في مجلس الأمن الداعمة لليمن.

وناقش اللقاء -حسب الإعلام الرسمي- البرامج الحكومية لتعزيز التعافي وتحسين الخدمات ودفع الرواتب وتثبيت مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن.

وأشاد العليمي بالموقف السعودي في دعم الموازنة العامة ومساعدة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، مشيراً إلى أن مجلس القيادة ماضٍ في مسار السلام الشامل والمستدام وفق المرجعيات المعترف بها، مع إنهاء التدخلات الإيرانية التي عمّقت الأزمة الإنسانية.

السفيرة الفرنسية أكّدت من جانبها التزام باريس بدعم الحكومة اليمنية وجهود تحقيق السلام وأمن الملاحة، وتعزيز التعاون في الملفات الاقتصادية والإنسانية. وفق ما ذكرته وكالة «سبأ» الحكومية.

تعاون صيني

في سياق التحركات اليمنية، استقبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي القائم بأعمال السفارة الصينية شاو تشنغ، وبحث معه سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وأكد العليمي اعتزاز اليمن بعلاقات الصداقة مع الصين ودعمها المتواصل، مشيراً إلى أهمية التنسيق لردع التهديدات المشتركة، خصوصاً تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في الرياض القائم بأعمال السفير الصيني (سبأ)

وتطرّق اللقاء إلى تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن تصاعد عمليات التهريب للجماعة الحوثية، وأهمية التعاون في مشروعات الطاقة والمواني وتطوير قدرات خفر السواحل لحماية الملاحة الدولية.

القائم بالأعمال الصيني -حسب الإعلام الرسمي- جدّد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة اليمنية، واستعدادها لتوسيع الشراكة الاقتصادية والتنموية في مختلف القطاعات.

وتعكس هذه اللقاءات حراكاً يمنياً يهدف إلى توسيع قاعدة الدعم الدولي لجهود الإصلاح الاقتصادي وتثبيت الاستقرار، في ظل تحديات معقدة فرضتها الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية واستمرار تهديداتها للأمن الإقليمي والدولي.


الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)

كثفت الجماعة الحوثية أنشطتها لتحسين قدرات موانئ الحديدة وتأهيلها لاستقبال السفن التجارية، مستحدثة أرصفة تُمكّنها من استقبال سفن تجارية كبيرة، في محاولة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها، بالتزامن مع فرض جبايات جديدة على البيوت التجارية تحت اسم «مواجهة تبعات المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة».

وذكرت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة ضاعفت من أعمال الجباية خلال الأسابيع الأخيرة، وفرضت على البيوت التجارية والمستوردين مبالغ كبيرة؛ للمساهمة في إصلاح ما دمرته الغارات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية واقتصادية تحت سيطرتها.

وأوضحت المصادر أنه، وبينما كان التجار يتوقعون أن تؤدي نهاية الحرب في قطاع غزة إلى حدوث انفراجة في الأزمات التي تواجهها الحركة التجارية بمناطق سيطرة الجماعة بعدما أدخلت الجماعة الحوثية البلاد في نطاق المواجهات العسكرية، فوجئوا بأنهم مطالبون بدفع جزء من فاتورة ذلك التصعيد.

قادة حوثيون قرب أحد موانئ الحديدة (إعلام حوثي)

ووفقاً للمصادر، فقد كرر قادة الجماعة تهديداتهم السابقة للبيوت والمجموعات التجارية والتجار والمستوردين بعرقلة وصول بضائعهم في المنافذ البحرية والبرية، وبفرض مزيد من الرسوم عليها هناك، في حال عدم المساهمة بإعادة تأهيل المنشآت الحيوية، وعلى رأسها الموانئ.

وبينما تقول المصادر إن الجماعة تسارع إلى تحويل مركز أنشطتها الاستيرادية إلى ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، الذي كان مخصصاً لتصدير النفط، وإلى ميناء الصليف، كشفت منصة أميركية مختصة في الشؤون البحرية، عن لجوء الحوثيين إلى مضاعفة القدرات التشغيلية لميناء رأس عيسى للتعامل مع السفن الكبيرة وتفريغ مختلف أنواع البضائع.

وسائل مبتكرة

وفق منصة «ذا ماري تايم إكزكيوتيف»، فإن صور الأقمار الاصطناعية، التي التُقطت للمنطقة خلال الأيام الماضية، أظهرت توسعاً ملحوظاً في الميناء يمكّنه من التحول إلى ميناء استيراد بقدرات كبيرة.

الغارات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بتجارة الوقود التي يديرها الحوثيون (أ.ف.ب)

وكان الحوثيون حولوا الميناء من منصة لتصدير النفط إلى محطة لتخزين النفط الذي يستوردونه، ويعملون على نقله إلى الخزانات عبر خطوط أنابيب تُوصَّل بالسفن المحملة به التي تضطر إلى الرسوّ في أقرب نقطة مقابلة يمكنها الوصول إليها في البحر.

ورجحت «المنصة» أن تُستخدم بقايا السفينة «غالاكسي ليدر» في إعادة تأهيل ميناء الصليف الواقع شمال محافظة الحديدة، على بعد أميال عدة من ميناء رأس عيسى، وتحوَّل إلى رصيف عائم.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية، في يوليو (تموز) الماضي، السفينة «غالاكسي ليدر» المخصصة لنقل السيارات، بعد أكثر من عام ونصف العام من استيلاء الحوثيين عليها ضمن مزاعمهم «مناصرة سكان قطاع غزة»، وجاء هذا الاستهداف بسبب استخدام الجماعة إياها موقعاً لرصد تحركات السفن في البحر الأحمر.

الأقمار الاصطناعية تظهر نشاطاً لتأهيل ميناءي الصليف ورأس عيسى (سنتينل 2 ومركز الأبحاث المشترك)

وبينت «المنصة» أن الصور تظهر عودة ميناء الصليف إلى العمل بشكل كامل؛ مما يشير إلى أن الجماعة لجأت إلى تفريغ البضائع فيه، بعد استهداف ميناء الحديدة، وهو الميناء الرئيسي الذي تدير الجماعة عملياتها الاقتصادية منه، وأرجعت ذلك إلى عدم تضرر مرافق الأول بمثل تضرُّر نظيراتها في الثاني.

وصول سفن جديدة

منذ مارس (آذار) وحتى يوليو (تموز) الماضيين، تعرضت الموانئ الثلاثة لغارات أميركية ثم إسرائيلية؛ رداً على الأنشطة العسكرية الحوثية في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية، إلى جانب هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

ووفقاً لـ«المنصة»، فإن سفينتين لنقل البضائع السائبة تمكنتا من الرسوّ عند رصيف ميناء الصليف، في حين تمكن ميناء رأس عيسى من استقبال السفن النفطية التي نقلت وقوداً خاضعاً للعقوبات الأميركية، بعد استحداث أرصفة جديدة فيه.

وأوضحت أن هناك رصيفين جديدين في الميناء بُنِيا بسرعة منذ أكثر من 3 أشهر، بالإضافة إلى رصيف ثالث متصل بجزيرة صناعية وُسّعت أيضاً، ورُصِدت سفن صغيرة ترسو إلى جوار هذه الأرصفة خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب سفينتين لنقل البضائع رَسَتَا هناك منذ أسبوع، وما لا يقل عن 17 سفينة في المياه تنتظر الرسوّ في الميناءين.

الحوثيون يعملون على استغلال ميناء الصليف للتهرب من العقوبات واستئناف نشاطهم الاقتصادي (إعلام حوثي)

ووصفت «المنصة» هذه الأنشطة بالتحول الاستراتيجي في إدارة الجماعة الموانئ وتجاوز القيود المفروضة عليها.

وتشير مصادر محلية، بالإضافة إلى شهود عيان وعمال بالقرب من الموانئ، إلى أن الجماعة باتت تستخدم الرافعات على السفن لتفريغ الشحنات؛ مما يرجح عدم قدرتها على الحصول على رافعات جديدة، وأيضاً أنها تخشى إنشاءها فتصبح عرضة للغارات الجوية.

ويعدّ وصول السفن إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية دون المرور على «آلية التفتيش والتحقق الدولية» في ميناء جيبوتي، مخالفاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216» الصادر قبل 10 أعوام.