تراجع أقل من المتوقع بمعدل التضخم التركي في نوفمبر

قطاع السيارات يتطلع لقيادة الصادرات للعام الـ13 على التوالي

لا يزال معدل التضخم في تركيا في أعلى مستوياته خلال الـ15 عاماً الأخيرة (رويترز)
لا يزال معدل التضخم في تركيا في أعلى مستوياته خلال الـ15 عاماً الأخيرة (رويترز)
TT

تراجع أقل من المتوقع بمعدل التضخم التركي في نوفمبر

لا يزال معدل التضخم في تركيا في أعلى مستوياته خلال الـ15 عاماً الأخيرة (رويترز)
لا يزال معدل التضخم في تركيا في أعلى مستوياته خلال الـ15 عاماً الأخيرة (رويترز)

سجل معدل التضخم في تركيا تراجعا بنسبة 1.44 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليسجل 23.8 في المائة مقابل 25.24 في المائة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.
وبحسب ما أعلنت هيئة الإحصاء التركية أمس (الاثنين)، فإن معدل التضخم السنوي في البلاد وصل إلى 21.6 في المائة. وكانت توقعات سابقة أشارت إلى أن معدل التضخم قد يهبط إلى 22.6 في المائة في نوفمبر الماضي. ولا يزال مؤشر أسعار المستهلكين في أعلى مستوى له منذ 15 عاماً، رغم المحاولات المتكررة من الحكومة للسيطرة على التضخم.
وتوقع محافظ البنك المركزي التركي مراد شتينكايا اقتراب التضخم تدريجياً من المستويات التي يستهدفها البنك المركزي، رغم أن مؤشر أسعار المستهلكين قفز في أكتوبر الماضي ليصل إلى 25.24 في المائة إزاء عجز إجراءات الحكومة عن كبحه بسبب ضغوط التراجع الحاد في سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقال شتينكايا، في بيان على موقع البنك المركزي على الإنترنت أول من أمس، إن البنك سيراقب عن كثب العوامل التي تؤثر في التضخم، مؤكداً أن أدوات السياسة النقدية سيجري استخدامها بفاعلية.
وتوقع خبراء اقتصاديون أن يبقى التضخم حول معدل الـ20 في المائة حتى منتصف العام المقبل، وهو ما يزيد 4 أضعاف على المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي البالغ 5 في المائة.
على صعيد آخر، ارتفعت صادرات تركيا من السيارات خلال شهر نوفمبر الماضي بنسبة 5 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. ووفقا لبيانات «رابطة مصدري صناعة السيارات» في أولوداغ، فقد بلغت قيمة صادرات السيارات خلال الفترة المذكورة 2.769 مليار دولار، مسجلة أعلى مستوى على أساس شهري.
وأضافت البيانات أن صادرات السيارات خلال فترة الـ11 شهرا الماضية، ارتفعت بنسبة 12 في المائة، محققة بذلك 29.1 مليار دولار، في حين بلغت صادرات العام الماضي 28.5 مليار دولار.
وقال رئيس مجلس إدارة «رابطة مصدري صناعة السيارات» التركية، باران جيليك، إن قطاع السيارات يهدف إلى تحقيق صادرات بقيمة 31 مليار دولار خلال العام الحالي، ليبقى محافظا على المرتبة الأولى للعام الـ13 على التوالي في قيادته التصدير من تركيا. وأشار إلى أن صادرات قطاع السيارات في تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ارتفعت بنسبة 8 في المائة، في حين ارتفعت بنسبة 33 في المائة للقارة الأفريقية.
وتحتل ولاية بورصة (غرب تركيا) المرتبة الأولى من حيث حجم صادرات السيارات؛ إذ صدّرت بما قيمته 3 مليارات دولار، تليها إسطنبول بنحو 2.5 مليار دولار، ثم ولاية كوجالي بنحو 2.4 مليار دولار، وسكاريا 1.9 مليار دولار، وفقا لبيانات عام 2017.
على صعيد آخر، قال رئيس البنك الإسلامي للتنمية، بندر حجار، إن تركيا هي رابع أكثر دولة استفادت من التمويل المصرفي للبنك الإسلامي للتنمية، مشيرا إلى أن البنك يمتلك روابط شراكة قوية مع تركيا.
وأشار حجار إلى أن البنك وفر تمويلات للبلدان الأعضاء بقيمة 139 مليار دولار، منها 11.6 مليار دولار في تركيا، موضحا أن 45 في المائة من التمويل المقدم لتركيا، تم خلال السنوات الـ5 الماضية، وأن القطاعات المستفيدة شملت الصحة والتعليم والنقل.
ومن أبرز مشروعات البنك التي مولها في تركيا؛ القطارات فائقة السرعة، والطاقة، وعلى رأسها قطاع الطاقة المتجددة، الذي يقلل من كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؛ واللدائن، والمنسوجات. وأكد حجار أن هدف البنك، هو إيجاد حلول متكاملة للدول الأعضاء في إطار الخطة الخمسية، والتركيز على التحديات التي تواجه التنمية في البلدان الأعضاء.
في سياق آخر، أعلنت شركة «فيسبوك» عن رغبتها في إنشاء سلسلة من المبادرات الاستثمارية في تركيا، لزيادة مساهمتها في الاقتصاد التركي. وقالت مديرة الاتصال لموقع «فيسبوك» في تركيا داريا أرطاش، إن الشركة تهدف إلى رفع مستوى النمو للشركات المحلية، وتقديم أفضل الخدمات للمجتمع، مشيرة إلى أنها تخطط لإنشاء مركز لريادة الأعمال بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركي خلال عام 2019.
وأضافت أن «فيسبوك» والمنصات الاجتماعية الأخرى التابعة لها («ماسنجر»، و«إنستغرام»، و«واتساب») أوجدت قيمة مضافة في تركيا بنحو 2.9 مليار دولار، فضلا عن توفير 209 آلاف فرصة عمل، مشيرة إلى أن نحو 80 في المائة من مستخدمي «فيسبوك» في تركيا يجرون اتصالاتهم مع واحدة على الأقل من الشركات التركية التي تمتلك صفحة رسمية لها على الموقع، مشيرة إلى أن عدد صفحات الشركات التركية الصغيرة والمتوسطة بلغت 1.7 مليون صفحة.
وأعلنت شركة «فيسبوك» في سبتمبر (أيلول) الماضي إطلاق ميزة التقدم للوظائف للمستخدمين في تركيا باسم «فرص العمل». وتتيح هذه الميزة للباحثين عن عمل البحث عن وظائف بناءً على الموقع الجغرافي ومجال العمل ونوعه. كما يمكنهم اختيار الاشتراك للحصول على إشعارات للوظائف الجديدة التي تتوافق مع مؤهلاتهم. وتسرد الصفحة جميع أنواع فرص العمل المتاحة، بما في ذلك وظائف بعقود، ووظائف بدوام جزئي، والتدريب الداخلي، والعمل التطوعي.



حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

TT

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة 11 أكتوبر 2023 (رويترز)
تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كان الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بنمو مستقر؛ حيث شهد قطاعا التكنولوجيا الفائقة والسياحة ازدهاراً ملحوظاً.

ومع ذلك، فإن تداعيات الحرب التي اندلعت لاحقاً مع «حماس» ومؤخراً مع «حزب الله»، أحدثت تأثيرات سلبية عميقة. فقد أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة إلى زيادة كبيرة في التكاليف العسكرية، وانخفاض ملحوظ في معدلات الاستثمار، وتراجع التصنيف الائتماني، مما أسفر عن تدهور عام في النشاط الاقتصادي.

وبالتالي، لم يعد الاقتصاد الإسرائيلي بعد عام من الحرب كما كان؛ بل دخل مرحلة جديدة مليئة بالتحديات الاقتصادية المعقدة؛ حيث تقدر التكلفة الإجمالية للحرب حتى الآن بنحو 95 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

واقع الاقتصاد قبل الحرب

كان الاقتصاد الإسرائيلي في وضع قوي؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد بنسبة 6.8 في المائة في عام 2021، و4.8 في المائة في عام 2022، مما يفوق بكثير معظم الدول الغربية. ووصلت احتياطياته من العملات الأجنبية إلى 200 مليار دولار، وحقق فائضاً في ميزان المدفوعات بلغ 20 مليار دولار. كما كانت مرونته المالية واضحة من خلال تقديم قروض عالمية تصل إلى 200 مليار دولار.

محلياً، حققت إسرائيل نسبة توظيف كاملة، وكان مستوى الدين العام منخفضاً نسبياً عند 61 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان من المتوقع أن يدور العجز المالي لعام 2023، في حال عدم اندلاع حرب، حول 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

تكلفة الحرب وتأثيرها

أدت الحرب الحالية إلى تدهور الشعور بالأمن على الحدود، مما أثر سلباً على موازنة الدفاع. تُقدر النفقات المباشرة للحرب، العسكرية والمدنية، بنحو 180 مليار شيقل (48.37 مليار دولار) من الربع الأخير من 2023 حتى نهاية 2024، مما يؤدي إلى عجز كبير في موازنة 2024 يُقدّر بنحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وازدادت الديون العامة ونفقات الفائدة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعبئة الاحتياطية واستهلاك الذخائر والوقود والغذاء وقطع الغيار. ففي عامي 2023 و2024، زاد الدين نتيجة ارتفاع العجز بسبب الحرب بنحو 175 مليار شيقل (47.02 مليار دولار).

وبحلول عام 2025، ستضطر إسرائيل لدفع 7 مليارات شيقل (1.88 مليار دولار) إضافية في نفقات الفائدة مقارنة بعام 2024، ومن المتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 10 مليارات شيقل (2.69 مليار دولار) في عام 2026.

تشير التقديرات إلى أن خسارة الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الحرب حتى نهاية 2024 ستبلغ نحو 17 مليار دولار. النفقات المستمرة للدفاع والخدمات المدنية تُقدر بنحو 45 مليار دولار، في حين من المتوقع أن تصل تكلفة إعادة تأهيل المباني والبنية التحتية والشركات الصغيرة إلى نحو 20 مليار دولار.

وتقدر تكلفة إعادة تأهيل المعدات العسكرية وتجديد المخزونات بنحو 15 مليار دولار. وحتى سبتمبر (أيلول) 2024، أسفرت الحرب عن وفاة 1630 جندياً ومدنياً، وإصابة نحو 6000 شخص، وتُقدر تكاليف إعادة تأهيلهم وتعويض عائلاتهم بنحو 15 مليار دولار.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

المخاطر الاقتصادية المتفاقمة

تسببت الحرب مع «حماس» في تفاقم المخاطر الاقتصادية بسبب غياب سياسة اقتصادية ملائمة. تركِّز الحكومة على القطاعات غير المنتجة. وزيادة نفقات الحرب أدت إلى تصعيد حالة عدم اليقين المحيطة بموازنة 2025، مما زاد من مخاطر الاقتراض وصعوبات إعادة التضخم إلى مستوياته المستهدفة. ونتيجة لذلك، ارتفعت مخاطر الركود التضخمي، وهو تحدٍّ كبير للسياسة الاقتصادية. ووفقاً للبيانات الرسمية، تسارع التضخم في أغسطس (آب) بشكل أكبر من المتوقع؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي 3.6 في المائة، وهو الأعلى منذ أكتوبر، متجاوزاً هدف الحكومة بين 1 و3 في المائة للشهر الثاني على التوالي.

وفي ظل هذا القدر الكبير من عدم اليقين، فإن أسعار الفائدة المرتفعة التي يفرضها بنك إسرائيل، والتي تصل إلى 4.5 في المائة تخنق النمو، وتجعل من الصعب على الأسر تلبية التزاماتها، مثل أقساط الرهن العقاري.

كما تفاقمت المشكلات التي كانت تعاني منها إسرائيل قبل 7 أكتوبر، مثل نقص البنية التحتية، وانخفاض الإنتاجية، وارتفاع أسعار السكن. كذلك انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1 في المائة في الأسابيع الأولى من الحرب، وتواصل الانخفاض في 2024 بتراجع قدره 1.1 في المائة، و1.4 في المائة في الربعين الأولين.

في يوليو (تموز) 2024، خفض بنك إسرائيل توقعاته للنمو إلى 1.5 في المائة، بعد أن كانت 2.8 في المائة في بداية العام. وفي سبتمبر، توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» نمواً صفرياً لعام 2024، وعجزاً بنسبة 9 في المائة نتيجة لتصاعد النزاع مع «حزب الله».

ورغم تمكن الاقتصاد الإسرائيلي من التكيف مع أزمة «كوفيد - 19» بفضل هيمنة قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الحرب الحالية تختلف عن أزمة الجائحة؛ حيث تؤثر بشكل مستمر على الاقتصاد بدلاً من أن تكون مؤقتة.

النظام المالي والتصنيف الائتماني بعد 7 أكتوبر

انخفضت قيمة الشيقل إلى نحو 4 شواقل لكل دولار. وأعلن بنك إسرائيل عن استعداده للتدخل في سوق العملات الأجنبية بتخصيص حتى 30 مليار دولار من احتياطياته، مما ساهم في استقرار سعر الشيقل.

وفي أكتوبر 2023، باع البنك نحو 8 مليارات دولار لضمان نشاط سوق الصرف.

وبعد إعلان إسرائيل عن عملية برية في جنوب لبنان، هبط الشيقل 1.1 في المائة أمام الدولار. وارتفعت تكلفة التأمين ضد مخاطر التعثر في سداد الديون السيادية الإسرائيلية إلى أعلى مستوى منذ 12 عاماً، مدفوعة بتصعيد العمليات العسكرية في لبنان والهجمات الصاروخية الإيرانية.

وفقاً لبيانات «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، قفزت مبادلات مخاطر الائتمان لأجل 5 سنوات لإسرائيل 10 نقاط أساس، لتسجل 160 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. ودفعت الحالة المالية المتدهورة في إسرائيل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف البلاد.

فقد خفضت وكالة «فيتش» تصنيف إسرائيل من «إيه+» إلى «إيه» في أغسطس، بينما خفضت «موديز» تصنيفها في سبتمبر مرتين، مشيرة إلى المخاطر الجيوسياسية المتزايدة والنزاع المستمر مع «حزب الله»، لتنخفض من «إيه 2» إلى «بي إيه إيه 1» مع نظرة مستقبلية سلبية. كما قامت «ستاندرد آند بورز» بتقليص تصنيفها من «إيه+» إلى «إيه» بشكل غير متوقع، مضيفة نظرة سلبية أيضاً.

تدهور التصنيع والعمالة وتراجع الاستثمار

أدى استدعاء الاحتياط عند بدء الحرب إلى تدهور التصنيع المحلي؛ حيث شمل نحو 8 في المائة من قوة العمل، مما أثر سلباً على الصناعات وقطاع التكنولوجيا الفائقة والزراعة. كما تسببت مغادرة كثير من السائقين في اضطرابات بسلاسل الإمداد؛ خصوصاً في قطاع البناء، بينما زاد قطاعا «التكنولوجيا العالية» و«المالية» من نسبة العاملين عن بُعد.

وتُظهر سوق العمل تناقضاً؛ حيث يبقى معدل البطالة منخفضاً رغم النمو البطيء، ويرجع ذلك إلى نقص نحو 100 ألف عامل فلسطيني. فقد قفز معدل البطالة من 3.5 في المائة في سبتمبر إلى 9.3 في المائة في أكتوبر، ورغم تراجعها إلى 2.8 في المائة في يوليو، فإن ذلك لم يكن نتيجة لخلق فرص عمل جديدة؛ بل بسبب إخراج جزء من العاطلين عن العمل من التعريف الرسمي.

كما أثرت الحرب بشكل عميق على قطاعات معينة من الاقتصاد. فقد تباطأ قطاع البناء بنسبة تقارب الثلث خلال الشهرين الأولين من الحرب، وهو قطاع يشكل نحو 6.5 في المائة من الناتج المحلي. وتأثرت أنشطته بشدة بعد منع نحو 100 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل، وعودة نحو 15 ألف عامل أجنبي إلى بلدانهم.

كما انخفض إنتاج الزراعة بنسبة تصل إلى الربع في بعض المناطق، مما زاد من الحاجة لاستيراد المواد الغذائية. وتأثرت الأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر بشكل كبير بالحرب؛ حيث فاق عدد الشركات المغلقة عدد الجديدة.

وتظهر التوقعات أن ما يصل إلى 60 ألف شركة إسرائيلية قد تغلق في 2024 بسبب نقص العمالة، وانقطاع سلاسل التوريد، وتراجع ثقة الأعمال، بينما تؤجل شركات كثيرة مشاريعها. كما تراجع الاستثمار الأجنبي في قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل نحو 50 في المائة من صادرات إسرائيل، مما دفع بعض الشركات للانتقال للخارج.

وفي قطاع السياحة، انخفض عدد السياح بشكل دراماتيكي؛ حيث يواجه واحد من كل عشرة فنادق احتمال الإغلاق.

ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي، انخفضت السياحة بأكثر من 75 في المائة. كما علقت شركات طيران أجنبية كثيرة رحلاتها، مما أثر على واردات الشحن الجوي، وزاد من تكلفة الشحن البحري نتيجة ارتفاع المخاطر.

أما الصناعة، فقد تأثرت أيضاً بنقص العمالة بسبب استدعاء الاحتياط، مع زيادة الطلب في قطاعات الصناعات الغذائية والأمن والأدوية. كما عانت المصانع المنتجة للمواد الخام لقطاع البناء من تراجع الطلب، بسبب توقف العمل في مواقع البناء.

عمال التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل يحتجون ضد خطة الحكومة للإصلاح القضائي في تل أبيب (رويترز)

نوع مختلف من الحرب

تُعد الحرب الحالية متميزة عن سابقاتها بسبب نطاقها الواسع وطبيعتها المعقدة؛ حيث تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية تؤثر بعمق على الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي.

ويكمن الاختلاف الرئيسي في أن الحرب الحالية لا تؤثر فقط على القطاعات التقليدية، بل تمتد أيضاً لتشمل قطاعات أكثر حساسية، مثل التكنولوجيا الفائقة والاستثمار الأجنبي والسياحة.

فقد ساهم استدعاء الاحتياط والعمليات العسكرية المكثفة في تفاقم الأضرار الاقتصادية بشكل ملحوظ. كما أن تداخل الصراع على الجبهتين (غزة ولبنان) يضيف بُعداً جيوسياسياً يزيد من تعقيد الوضع، ويخلق ضغوطاً طويلة الأمد على الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، لم تُظهر السياسات الحكومية استجابة سريعة أو فعالة لتخفيف حدة هذه الأزمة، مما يزيد من القلق حول معدلات النمو.

على سبيل المثال لا الحصر، جاءت موازنة 2024 مخيبة للآمال؛ إذ افتقرت إلى محركات نمو واضحة وإصلاحات اقتصادية فعالة، كما غابت عنها خطة مُحكمة للخروج من الأزمة الحالية.

وفي ظل غياب تدابير تقشفية حاسمة، من المتوقع أن يؤدي العجز المالي إلى رفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80 في المائة بحلول عام 2025، مما يزيد من مخاطر حدوث أزمة مالية قد تهدد استقرار الاقتصاد الإسرائيلي.