أنباء متضاربة إزاء قصف مواقع للنظام وسط سوريا

دمشق اتهمت واشنطن... والتحالف ينفي شن غارات

صورة أرشيفية بعد قصف أميركا وفرنسا وبريطانيا مواقع للنظام قرب دمشق بداية العام (أ.ب)
صورة أرشيفية بعد قصف أميركا وفرنسا وبريطانيا مواقع للنظام قرب دمشق بداية العام (أ.ب)
TT

أنباء متضاربة إزاء قصف مواقع للنظام وسط سوريا

صورة أرشيفية بعد قصف أميركا وفرنسا وبريطانيا مواقع للنظام قرب دمشق بداية العام (أ.ب)
صورة أرشيفية بعد قصف أميركا وفرنسا وبريطانيا مواقع للنظام قرب دمشق بداية العام (أ.ب)

نفت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاثنين قصف مواقع لقوات النظام السوري بريف حمص وسط البلاد، مشيرة إلى أنها قصفت مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في البادية السورية.
وقال الناطق باسم التحالف الدولي، الكولونيل شون ريان، في تصريحات صحافية نقلها موقع قناة «روسيا اليوم» إن غارة جوية نفذتها طائرات التحالف تمكنت من قتل قيادي بتنظيم داعش في سوريا، يدعى أبو العمرين، وعدد من الأعضاء الآخرين في التنظيم، الأحد في صحراء البادية السورية.
وقال الناطق باسم التحالف الدولي إن أبو العمرين كان «يشكل تهديدا وشيكا لقوات التحالف، وهو متورط في قتل المواطن الأميركي، الحارس السابق في الجيش الأميركي بيتر كاسيج».
وأوضح أن أبو العمرين نفذ عمليات إعدام سجناء آخرين، وهو عضو كبير في تنظيم داعش، مؤكدا أن الغارات الجوية لقوات التحالف لا تزال تشل حركة قيادة تنظيم داعش في ساحة المعركة.
وكانت دمشق اتهمت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بشنّ قصف صاروخي مساء الأحد على مواقع للجيش السوري في وسط البلاد، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري.
وأورد المصدر: «أطلقت قوات التحالف الأميركية نحو الساعة الثامنة ليلاً (18:00 ت غ) صواريخ عدة باتجاه بعض مواقع تشكيلاتنا في جبل الغراب جنوب السخنة»، الواقعة في ريف حمص الشرقي.
وأفاد بأنّ الأضرار «اقتصرت على الماديات»، من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.
من جهته أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات التحالف المتمركزة في قاعدة التنف على الحدود مع العراق أطلقت «أكثر من 14 صاروخاً» على رتل لقوات النظام أثناء مروره في البادية في أقصى ريف حمص الشرقي.
وتخوض قوات النظام معارك ضد تنظيم داعش الذي ينتشر في مواقع شرق مدينة حمص في الصحراء المترامية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الرتل كان تائهاً وسط الصحراء على بعد نحو 35 كيلومتراً من قاعدة التنف»، حيث تتمركز قوات أميركية وبريطانية بشكل خاص.
وتستخدم الولايات المتحدة قاعدة التنف لتنفيذ عمليات ضد تنظيم داعش. وكانت استخدمتها سابقاً لتدريب مقاتلين سوريين معارضين. وشهدت المنطقة العام الماضي مواجهات بين القوات السورية وتلك المدعومة من التحالف.
وتكرّر دمشق بانتظام دعوتها للقوات الأميركية بالانسحاب من هذه المنطقة القريبة من الحدود العراقية والأردنية.
من جهته، قال مصدر في حزب الله اللبنانية الاثنين إن مواقع الجماعة والمواقع الإيرانية في سوريا لم تصب الأسبوع الماضي خلال ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية السورية بهجوم إلى الجنوب من دمشق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع مجريات الحرب في سوريا إن إسرائيل شنت هجوما صاروخيا في المنطقة مساء الخميس.
ولم تكشف إسرائيل عما إذا كانت قد شنت الهجوم، ولم تحدد وسائل الإعلام الرسمية السورية من نفذه.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية السورية إن الدفاعات الجوية السورية أحبطت هجوما الخميس شنته «أهداف معادية» لم تحددها في منطقة الكسوة.
وقال المصدر في حزب الله لـ«رويترز» إن «المراكز الإيرانية ومراكز حزب الله في الكسوة بجنوب سوريا لم تتعرض لأي قصف».
وقال مصدر منشق عن الجيش السوري وقت الهجوم إن الأهداف التي تعرضت للقصف تشمل كتيبتين للجيش السوري بهما وجود لحزب الله.
وقال مصدران كبيران في المخابرات بالمنطقة إن المكان الذي قيل إن الواقعة حدثت فيه يضم مركزا للاتصالات والدعم اللوجيستي لجنوب سوريا قرب الحدود مع إسرائيل ويتبع حزب الله.
وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن بلاده شنت أكثر من 200 هجوم على أهداف إيرانية في سوريا خلال العامين الماضيين.
وتفيد مصادر إقليمية بأن إسرائيل بدأت شن ضربات عسكرية في سوريا عام 2013 ضد ما تشتبه بأنها عمليات نقل أسلحة وانتشار للقوات الإيرانية وعناصر حزب الله.
وقال معارض سوري على دراية بالمنطقة الخميس إن إسرائيل استهدفت المنطقة لأن ثكنات للجيش السوري هناك أصبحت مركز تجنيد للقوى المدعومة من إيران.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.