لقاء بمراكش يتدارس إجراءات التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المعلوماتية

دعا إلى اعتماد التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي والارتقاء بقدرات المحققين

TT

لقاء بمراكش يتدارس إجراءات التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المعلوماتية

أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة بالمغرب، أمس، في مراكش، أن «تطور الجريمة وفقاً لظروف متغيرة، يستدعي متابعة مستجداتها عبر الحدود الإقليمية والدولية والتعرف على الجرائم المستحدثة وخصائصها، وذلك من خلال اعتماد التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي والارتقاء بقدرات المحققين لا سيما في ما يتعلق باستغلال الدليل الرقمي في إثبات الجريمة»، الشيء الذي يتطلب من الجهات المعنية، حسب قوله، «وضع الوسائل التقنية والبشرية اللازمة لذلك»، مشدداً على أن «العنصر البشري يظل العامل الأهم في كل الجهود المبذولة لتحقيق الأمن الرقمي ومواجهة الجريمة المعلوماتية».
وعلى هذا المستوى، دعا عبد النباوي، الذي كان يتحدث في افتتاح يوم دراسي نُظِّم من طرف رئاسة النيابة العامة حول «إجراءات التعاون الدولي وفقاً لأحكام اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية»، إلى «مواصلة تطوير الآليات الكفيلة بمكافحته، عبر دعم التكوين المتخصص، وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة، وملاءمة التشريعات مع مستجدات الجريمة المعلوماتية، سواء في الشق الموضوعي أو في الشق الإجرائي»، وذلك من منطلق الوعي بأن «مواجهة الإجرام المعلوماتي تعني مواجهة إجرام متحرك ومتطور بشكل سريع».
وأبرز عبد النباوي أنه إذا كانت الدولة المغربية، كغيرها من الدول التي اختارت الانفتاح وإرساء دعائم مجتمع المعلومات والحق في المعلومة وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي، معنية بمخاطر الجريمة المعلوماتية التي تعرف تطوراً كمياً ونوعياً، نتيجة ارتفاع عدد المستفيدين من خدمات الإنترنت واتساع نطاق المعاملات عن بُعد، وتطور وسائل وأساليب ارتكاب الجرائم المعلوماتية، فــ«إن مستعملي الإنترنت المغاربة أنفسَهُم مَعْنِيُّونَ بأمن أنظمة المعلومات وحماية البيانات، غير أن نحو 76 في المائة من الأفراد لا يقومون بحماية أنفسهم ضد مخاطر الإنترنت لعدم علمهم بالأدوات المتوفرة لهذا الغرض، حسب ما أكدته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمغرب».
ووعياً بكل ذلك، يضيف عبد النباوي، فقد انخرط المغرب في الدينامية العالمية الرامية إلى توفير الأمن الرقمي وحماية نظم المعالجة الآلية للمعطيات. وفي هذا الإطار «حدد القانون مفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي، ودعم الأحكام الخاصة بحمايتها بجزاءات مناسبة. هذا فضلاً عن الأحكام القانونية ذات الصلة بالبريد والمواصلات وتحديد التزامات متعهدي الشبكة العامة للمواصلات، وكذا إدراج حماية المستهلك السيبراني ضمن أحكام قانون حماية المستهلك، وتأييد هذه الأحكام بقواعد إجرائية وبنصوص للتجريم والعقاب تشمل مختلف صور الجريمة المعلوماتية، سواء التي يمكن أن تُرتكب بواسطة نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو تلك التي يكون النظام سالف الذكر موضوعاً لها».
ورأى عبد النباوي أنه «تتويجاً لهذا المسار التشريعي، يأتي انضمام المملكة إلى اتفاقية بودابست حول الإجرام السيبراني ليضع بلادنا في مصافّ البلدان الرائدة في مجال التشريعات المتقدمة، ويمنحها آلية متطورة لمكافحة الجرائم المرتكَبة بواسطة أنظمة المعلومات، والاستفادة من الوسائل القانونية التي ترمي هذه الاتفاقية إلى تحقيقها والمتمثلة في ثلاثة أهداف رئيسية: ملاءمة القانون الجنائي الداخلي مع أحكامها الموضوعية، وملاءمة قانون المسطرة الجنائية مع أحكام الاتفاقية الإجرائية، ووضع نظام سريع وفعال للتعاون الدولي. وهي المقتضيات التي يتعين على المشرع الانكباب عليها من أجل ملاءمة القانون الداخلي مع أحكام الاتفاقية في الجوانب التي تحتاج إلى الملاءمة».
وأوضح عبد النباوي أنه «لئن كان المشرع المغربي قد شعر بخطورة الجريمة الإلكترونية منذ بداية الألفية الثانية، فتبنى القانونُ الجنائي باباً خاصاً بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات منذ سنة 2003، فإن سرعة تطور تكنولوجيا المعلومات أدت إلى شيوع استعمال هذه الوسيلة في ارتكاب جرائم متعددة ومختلفة يمتد أثرها خارج الحدود».
من جهته، أبرز خوصي لويس إيريرو أنصولا، مدير مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، أن المداولات بشأن اتفاقية بودابست كانت صعبة وحساسة، وذلك من منطلق أن بعض موادها تتضمن أموراً تتعلق بسيادة الدول، في ظل أنّ كل ما يتعلق بالإنترنت يوجد في بلدان متعددة.
وأبرز إيبيرو أنصولا أن موضوع الاتفاقية جديد وخطير، ويتطور باستمرار، بالنسبة إلى ظاهرةٍ تتعلق بتقنية صار لها حضور مهيمن في حياة الغالبية العظمى للناس، كما صارت معطياتها تغري وتجذب مجرمين من مختلف الأشكال والتوجهات، تتوزع بين الاتجار في السلاح والمخدرات والمعطيات وغيرها من الأنشطة الإجرامية، وبالتالي صار من الصعب على بلد واحد مواجهة التبعات.
وبيَّن إيبريرو أنصولا أن أكثر من نصف الجرائم التي صارت تُسجَّل عبر العالم هي جرائم معلوماتية، وبالتالي فالجريمة المعلوماتية ليست فقط جديدة وخطيرة بل تحتاج إلى بحث تقني متواصل لتدارك المسائل المستجدة على مستوى توسُّل الجريمة المعلوماتية من طرف المجرمين.
وزاد إيبيرو أنصولا قائلاً في هذا السياق، أن الأمر «مخيف»، ممثِّلاً لذلك بحضور الهاتف المحمول في حياة غالبية الناس، حيث قال: «الهاتف يعرف عنا أكثر مما تعرف عنا زوجاتنا»، مشيراً إلى أن هذه المعطيات لها قيمة، تُسرق لتُباع، وتمكّن من طرق ابتكار إجرامي جديد.
يشار إلى أن اليوم الدراسي الذي شكّل، حسب منظميه، «فرصة لتدارس أحكام الاتفاقية المذكورة على ضوء التشريع المغربي، للوقوف على ما تتيحه من إمكانيات هائلة في مجال التعاون الدولي بشقية الأمني والقضائي، فضلاً عن رصد الإشكالات القانونية ومظاهر الفراغ التشريعي التي تحتاج إلى تدخل المشرع من أجل تتميم وتعديل أحكام التشريع الوطني في مجال التجريم والعقاب والإجراءات الجنائية»، قد عرف مشاركة قضاة وضباط للشرطة القضائية وخبراء مغاربة وأجانب، وذلك بعيد دخول اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية حيز التنفيذ بالمملكة المغربية. وتوزعت مداخلاته ثلاثة محاور شملت «آليات مكافحة الجريمة وفقاً لأحكام اتفاقية بودابست والتشريع الوطني»، و«التعاون القضائي الدولي وفقاً لأحكام اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية»، و«حجز وتجميد المعطيات المعلوماتية وفقا لآلية



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.