المشهد

كيانو ريفز في الخانة الحمراء

المشهد
TT

المشهد

المشهد

* بعد نجاح سلسلة «ماتريكس»، ومن قبله فيلم «سرعة» و«سرعة 2»، هل حقق الممثل المولود في بيروت كيانو ريفز أي نجاح فعلي؟ الجواب لا. ليس من كسله، لكن من سوء اختياره وسوء الأفلام التي انتهى إليها. «47 رونين» هو آخرها.
* حسب تقارير، تكلـف الفيلم 175 مليون دولار لصنعه، ولم تمض بضع ساعات حتى انبرى له النقاد الأميركيون بهجوم كاسح. أحصيت ثلاثة عشر رد فعل من ثلاثة عشر ناقدا أميركيا، ووجدت أن ثمانية منهم رفضوا الفيلم بالمطلق، وخمسة كانوا معه على نحو معتدل وضده على نحو أكثر اعتدالا. لكن، لا أحد مع الفيلم.
* يلعب كيانو ريفز دور واحد من 47 ساموراي عاطلا عن العمل في اليابان القرن الثامن عشر. الحكاية ليست جديدة. تناولها المخرج الجدير باهتمام أكبر اليوم كنجي ميزوغوتشي في فيلم تحت العنوان ذاته عام 1941، وأعاد الكرة عام 1958 مواطنه كونيو واتانابي، وأعاد الكرة المخرج هيروشي إناغاكي سنة 1962، ثم قام كون إتشيكاوا بتقديم نسخته عام 1994. كل هذا، وربما ما سواه، قبل أن يخطر لهوليوود (ممثلة باستوديو «يونيفرسال») تحقيقه كفيلم أميركي تقع أحداثه في اليابان، مسندة إخراجه إلى طارئ جديد اسمه كارل رينش. هكذا، 175 مليون دولار في يد مخرج حقق سابقا بضعة أفلام فيديو قصيرة!
* لم تنتظر «يونيفرسال» طويلا. وضعت الفيلم في خانة خسائرها لكي لا تطالبها مصلحة الضرائب الأميركية بأي عائدات. العادة هي انتظار النتائج، لكن الشركة تعلم أن الفيلم سيترنـح سريعا، وأن إيراد الأسبوع الأول لن يزيد على 20 مليونا ومن هذه النقطة تهبط الطريق نزولا.
* المتاعب بدأت باكرا. سنة 2011 بوشر بتصوير الفيلم في بودابست و«الراشز» (المقاطع المصورة للتو التي تعرض في نهاية كل يوم تصوير)، سريعا ما كشفت لأقطاب «يونيفرسال» أن هناك خلافا كبيرا بين وجهة نظرها ووجهة نظر المخرج: هي تريد فيلما بمعارك ومبارزات ساموراي، وأخونا يريد دراما منسوجة من النهايات الأليمة لمحاربي الساموراي. وهي ذهلت، حين شاهدت نسخة شبه نهائية. أمرته بإعادة تصوير مشاهد برمتها ومنح كيانو ريفز وجودا أكبر. وفي النهاية، جلبت الشركة فيل نيلسن، الذي هو مخرج وحدات ثانية (مخرج مجاميع في السينما المصرية عمل على «أيرون مان») وطلبت منه تسلم دفـة العمل وتصوير مشاهد القتال بفاعلية افتقر إليها رينش.
* النقاد الذين حاولوا بث بعض التعاطف، ذكروا أن الفيلم «يجهد في سبيل استحواذ اهتمام المشاهد» وأن المخرج «حقق فيلما مستخدما تاريخه في الإعلانات فجاء الفيلم بلا روح». في هذا الوقت، ها هو كيانو ريفز في حالة ليست سارة، إذ اعتمد على هذا الفيلم ليرجع إليه جمهور «ماتريكس»، لكن الفيلم يحمل آمالا قليلة بأن يصل إليهم كما فعل الفيلم السابق. آه... لم أذكر بعد أن الفيلم كان جاهزا للعرض حين انتهى العمل عليه سنة 2012، لكن إطلاقه في الصالات تأخر مرتين. اليوم هو بحاجة إلى 500 مليون دولار لكي ينتقل من الخانة الحمراء إلى الخضراء.



أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.