إسرائيل تقتل أكثر من مائة فلسطيني وتستهدف بيت هنية ومحطة الكهرباء

عباس يطالب بـ«وقف المجازر البشعة».. وحماس والجهاد تقصفان مدنا إسرائيلية

فلسطينيات يبكين حزنا على طفل يبلغ من العمر خمس سنوات قتل في غارة جوية إسرائيلية في مخيم رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيات يبكين حزنا على طفل يبلغ من العمر خمس سنوات قتل في غارة جوية إسرائيلية في مخيم رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقتل أكثر من مائة فلسطيني وتستهدف بيت هنية ومحطة الكهرباء

فلسطينيات يبكين حزنا على طفل يبلغ من العمر خمس سنوات قتل في غارة جوية إسرائيلية في مخيم رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيات يبكين حزنا على طفل يبلغ من العمر خمس سنوات قتل في غارة جوية إسرائيلية في مخيم رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)


في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوضع «حد للمجازر» و«الأعمال البشعة والقذرة» التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، صعد الجيش الإسرائيلي من هجماته ضد القطاع أمس، فقتل 106 على الأقل وجرح المئات، في قصف استهدف منازل ومؤسسات ومساجد، من بينها القضاء العسكري ووزارة المالية ومحطة توليد الكهرباء ومنزل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وفضائية وإذاعة «الأقصى» التابعتين للحركة الإسلامية، في أعنف قصف تشهده غزة منذ بداية العدوان.
وبعد أن دعا الجيش الإسرائيلي سكان غزة من المقيمين في المناطق الحدودية للقطاع إلى مغادرة منازلهم تمهيدا لقصفها، لم تمنح إسرائيل أهالي القطاع في الليلة الثانية من عيد الفطر أي وقت للنوم، بل واصلت غاراتها طوال الليل في معظم مناطق غزة واستمر القصف صباحا، ولم يتوقف المسعفون عن نقل قتلى وجرحى إلى المشافي السبع الموجودة في القطاع.
وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في غزة إن «أكثر من 106 مواطنين استشهدوا الثلاثاء (أمس) جراء القصف الإسرائيلي على الأحياء المدنية في غزة». وأشار إلى «ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء العدوان لـ1156 و6700 جريح».
وجاء القصف المستعر وغير المسبوق على غزة، بعد تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوسيع العملية في أعقاب مقتل نحو عشرة جنود إسرائيليين في عمليتين منفصلتين، وتهديدات أخرى من رئيس الأركان بيني غانتس، الذي توعد أهل غزة قائلا «من الأفضل لسكان قطاع غزة أن يبتعدوا عن الأماكن التي تطلق منها الصواريخ لأننا سنصل إليها وعندئذ سيكون ذلك مؤلما جدا لمن يوجد هناك».
وقتلت إسرائيل عائلات كاملة وشبانا ونساء وأطفالا في قصف استهدف مناطق بيت لاهيا ورفح والبريج وخان يونس وجباليا والشجاعية وبيت حانون والمناطق الوسطى.
وقضى 12 شخصا من عائلة الآغا، وسبعة من عائلة أبو عامر، وهم القيادي في الجبهة الديمقراطية وضاح أبو عامر وزوجته وأبناؤه الخمسة، وخمسة آخرون من عائلة النجار، وخمسة من عائلة ضهير في رفح، بينهم الصحافي عزت ضهير (23 سنة) ويعمل مع محطة محلية في الضفة الغربية، وابنتاه، وجميعهم يسكنون في خان يونس، جنوب القطاع. إضافة إلى ثمانية معظمهم من النساء والأطفال من عائلة أبو زيد في حي الجنينة بمدينة رفح في الجنوب، وخمسة من عائلة أنيس أبو شمالة رئيس بلدية البريج وسط القطاع.
ولم تسلم مساجد غزة من القصف، واستهدفت الطائرات الإسرائيلية مسجدي «الأمين محمد» و«الصالحين» في رفح، و«القرمزي» في الشجاعية.
كما دمرت إسرائيل محطة توليد كهرباء غزة، إذ استهدفت الطائرات مخازن الوقود، وشوهدت النيران تندلع على نطاق واسع، ولم تتمكن طواقم الدفاع المدني من إخماد النيران حتى عصر أمس.
وتوقفت المحطة التي تمد القطاع بثلثي احتياجاته من الطاقة عن العمل بشكل كامل، وهو ما أغرق القطاع في الظلام. وقال محمد الشريف مدير المحطة: «لقد انتهت (المحطة) ». وأكدت سلطة الطاقة أن محطة كهرباء غزة لن تعود إلى العمل قبل عام من الآن. وفي نفس الوقت تعرضت جميع خطوط الكهرباء المرتبطة بإسرائيل إلى أضرار جسيمة.
كما قصف الجيش الإسرائيلي كل مقار شبكة «الأقصى» الإعلامية التابعة لحماس، الفضائية والتلفزيون والإذاعة ومباني وزارات بينها وزارة المالية والقضاء العسكري إلى جانب منزل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
وبث الجيش الإسرائيلي فيديو لقصف منزل هنية يظهره أثناء القصف الذي حوله إلى أثر بعد عين. ولم يكن في المنزل أي من سكانه.
وقال هنية في تصريح بثته حماس: «بيتي ليس أغلى من بيوت أبناء شعبنا وتدمير الحجارة لن يكسر الإرادة وسنواصل طريق المقاومة حتى الحرية».
وادعى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجيش ضرب أكثر من 70 هدفا «إرهابيا» في قطاع غزة. وقال في بيان: «ضربت منازل ومكاتب تابعة لعدد من أقطاب حماس وأربعة مساجد استخدمت لتخزين وسائل قتالية. كما ضرب نفق إرهابي ومنصة لإطلاق الصواريخ».
من جانبه، عقب الرئيس عباس على التصعيد الإسرائيلي في غزة قائلا إن «هذه الأعمال البشعة التي يمارسها الاحتلال ضد هذا الشعب الفلسطيني يجب أن يوضع حد لها». وأضاف: «نحن من جهتنا لن نترك أي وسيلة كانت في كل أنحاء العالم لنرفع صوتنا عاليا. نحن نطالب العالم بإحقاق الحق وإنصاف شعبنا المظلوم، ومن الآن فصاعدا سندرس كل الاحتمالات التي يمكن أن نصل إليها من أجل تحقيق هذا الغرض».
بينما دعت حركة حماس العرب إلى «تحمل مسؤولياتهم تجاه محاولات تصفية قطاع غزة وقتل أطفاله وحرمانه من حقه الديني والإنساني في العيد». وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس إن «إصرار الاحتلال على قتل الأطفال والمدنيين دليل على دموية الاحتلال وعجزه عن مواجهة المقاومة».
وفي هذه الأثناء تواصلت الاشتباكات العنيفة في مناطق في غزة بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين.
وأعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي قصف تجمعات للجيش الإسرائيلي داخل غزة وفي محيطها، كما واصلتا قصف تجمعات ومدن إسرائيلية بينها زكيم وبئر السبع وعسقلان.
وفي الضفة الغربية، التي هدأت نسبيا، توفي أمس شاب فلسطيني في الخليل متأثرا بجراح أصيب بها في مواجهات سابقة. وقالت مصادر طبية إن الشاب علاء الزغير (22 سنة) وصل إلى المستشفى مصابا بالرصاص الحي في البطن خلال مواجهات شهدتها بلدة إذنا شمال غربي الخليل بين الشبان الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية قبل أن يتوفى أمس.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».