القدرة.. الطبيب المتحدث الذي صار قبلة الصحافيين في غزة

لا يغادر مكتبه ويستقبل 700 مكالمة يوميا دون سلام أو مقدمات

أشرف القدرة
أشرف القدرة
TT

القدرة.. الطبيب المتحدث الذي صار قبلة الصحافيين في غزة

أشرف القدرة
أشرف القدرة

الشخص الوحيد الذي لا يمكنه النوم في قطاع غزة، حتى عندما ينام الآخرون، هو الطبيب أشرف القدرة (41 عاما)، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، الذي تحول خلال الحرب الحالية على قطاع غزة إلى قبلة للإعلاميين والصحافيين والمهتمين من كل أنحاء العالم.
فهو يحدث للجميع دقيقة بدقيقة المعلومات حول إحصائيات «الشهداء والجرحى»، الذين ينتشلهم المسعفون من أماكن القصف، والذين يصلون إلى مستشفيات القطاع. لا سلام ولا كلام كثير بين القدرة وأي من المتصلين على هاتفه الذي لا يتوقف عن الرنين، إذ لا يوجد في وقته فائض لما يعد أثناء الحرب من ترف الكلام، مثل «كيف أنت؟» و«ما أخبارك؟».
يجيب القدرة على هاتفه بإعطاء المعلومات فورا عن أعداد الضحايا لهذا اليوم، وكم بلغت طيلة العدوان على القطاع.
وفي كل مرة اتصلت به «الشرق الأوسط» كان الطبيب المنهك، حليما وودودا، ويجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بالضحايا، بدقة متناهية، وليس مثل غيره، إذ لا يميل أبدا إلى التهويل، ولا يجد حرجا في أن يقول إن المعلومات غير مكتملة الآن.
والأسبوع الماضي، صحح القدرة عدد الضحايا في غزة بعد ارتفاع غير مقصود أحدثه ارتباك في انتشال عشرات الجثث والأشلاء من حي الشجاعية وحي خزاعة.
ويؤدي القدرة عمله من مكتب صغير ومتواضع في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات قطاع غزة، وفي المكتب نفسه ينام القدرة ساعتين كل يوم فقط، إذا لم يوقظه أحد مساعديه على خبر قصف جديد وضحايا جدد.
ومنذ بدأت إسرائيل الحرب على غزة في الثامن من يوليو (تموز) الحالي، لم يغادر القدرة مكتبه الذي يشاهد من نافذته الحركة الدؤوبة لسيارات الإسعاف ليل نهار. ويطمئن على زوجته وأطفاله الأربعة عبر الهاتف فقط.
وخلال 22 يوما رآهم الوالد المشتاق مرة واحدة فقط عندما رافق أول مجموعة من الجرحى إلى معبر رفح الحدودي، لمتابعة سفرهم للعلاج في مستشفيات مصر.
ولا يكاد ينهي القدرة مكالمة عبر أحد هواتفه حتى يرن الآخر، وهو ولا يفوت أي مكالمة على الإطلاق، وإذا رنت جميعها يرد مساعدوه، ويحدثون المعلومات للمتصلين باسمه شخصيا.
ويضطر القدرة للتواصل مع جميع المستشفيات في غزة أولا بأول لتحديث معلوماته، وكذلك مع لجنة الصليب الأحمر وطواقم الإسعاف والدفاع المدني، والأهالي كذلك.
ويجري اتصالات مع الصحف والفضائيات والإذاعات وصحافيين، ويرد على الأهالي وعلى أصدقائه وعائلته، وحتى الذين يخطئون في طلب رقمه.
ويشير القدرة إلى أنه يتلقى أكثر من 700 اتصال هاتفي على مدى اليوم، ويجري قرابة مائتي مقابلة صحافية وإذاعية وتلفزيونية.
ويحرص يوميا على عقد مؤتمر صحافي مساء، للتحدث فيه عن إحصائيات وتفاصيل القتلى والجرحى وطبيعة عمل المسعفين والأدوية والنقص الحاد في المستلزمات الطبية.
وبخلاف ذلك يملك القدرة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» ويتابعه الآلاف ممن يبحثون عن معلومات أولا بأول. ولم يتلق القدرة، الذي يحمل دكتوراه في الطب البديل من جامعة في باكستان، أي راتب أو مكافأة مادية منذ أربعة أشهر، حيث يعد موظفا في حكومة حركة حماس، ولم تدفع السلطة بعد المصالحة أي رواتب للموظفين الذين وظفتهم حكومة حماس السابقة.
ويقول القدرة إنه يؤمن بدوره الإنساني، ولا ينظر الآن لأي مردود مالي أبدا. ويتطلع إلى اليوم الذي ستتوقف فيه الحرب. وأكثر ما يؤلمه عندما يضطر لمواجهة الأهالي الذين يسألون عن أبنائهم.
ويتردد القدرة في إخبار أم بثكل ابنها، وابن فقد جميع عائلته، لكنه في النهاية يعطي كل المعلومات كما هي من دون حتى أن يبث أي أمل، ويقول إنه لا يستطيع التلاعب بمشاعر الناس وأعصابهم.
ويحلم القدرة بمستقبل أفضل، رغم كل الدم الذي شاهده بنفسه. ويأمل في اليوم الذي سيعيش فيه في وطن محرر يقدم خدمات صحية متقدمة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.