وزراء مالية «اليورو» يجتمعون اليوم وسط مؤشرات تلطيف أجواء مع إيطاليا

المفوضية الأوروبية قدمت مشروعاً جديداً لموازنة الاتحاد للعام المقبل

يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل اليوم وسط أجواء أقل حدة مع إيطاليا (رويترز)
يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل اليوم وسط أجواء أقل حدة مع إيطاليا (رويترز)
TT

وزراء مالية «اليورو» يجتمعون اليوم وسط مؤشرات تلطيف أجواء مع إيطاليا

يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل اليوم وسط أجواء أقل حدة مع إيطاليا (رويترز)
يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل اليوم وسط أجواء أقل حدة مع إيطاليا (رويترز)

تنطلق بعد ظهر اليوم (الاثنين) في بروكسل، اجتماعات وزراء مالية الدول الـ19 الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة «اليورو». وحسب ما ذكر المجلس الوزاري الأوروبي، سيعمل الوزراء على تقييم خطط ميزانية الدول الأعضاء، وتستند النقاشات على رأي المفوضية بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد، كما ستتم مناقشة الموازنة العامة وتقييم الأوضاع بشكل عام والتوقعات في منطقة اليورو، وإجراء مراجعة للوضع المالي والاقتصادي للدول الأعضاء المعنية.
ومن المتوقع أن يشكل الجدل الحالي بشأن موازنة إيطاليا نقطة رئيسية في نقاشات على هامش الاجتماعات، وذلك بعد أن شكلت اجتماعات قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس يومي الجمعة والسبت فرصة لإظهار مواقف إيجابية من جانب المفوضية الأوروبية والحكومة الإيطالية، من خلال تصريحات صدرت على هامش القمة، حيث دعا رئيس المفوضية جان كلود يونكر إلى عدم تهويل الخلاف القائم بين المؤسسات الأوروبية وروما بشأن الموازنة الإيطالية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق مسيرة إجراءات عقابية ضد روما، بعد أن رفض للمرة الثانية مشروع الموازنة الإيطالية؛ ما أدى إلى توترات بين الطرفين. وأشار يونكر إلى أنه سبق والتقى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي قبل أيام في بروكسل، مؤكداً أن المشاورات تجري مع روما بأجواء إيجابية وبناءة وأن الطرفين يحققان بعض التقدم.
وتقول بروكسل: إن الموازنة الإيطالية، التي تستهدف عجزاً قدره 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لا تتوافق لا مع تعهدات قطعتها الحكومة الإيطالية السابقة على نفسها بشأن خفض الدين العام، ولا مع مواد ميثاق النمو والاستقرار الأوروبي.
من جانبه، أعرب وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة الإيطالية، جوفاني تريا، عن الثقة في إمكانية تجنب بلاده إجراءات عقابية من جانب المفوضية بسبب العجز المفرط المستهدف في مشروع موازنة العام المقبل.
ووصف تريا اللقاء الذي جمعه في بوينس آيرس مع المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية بيير موسكوفيتشي على هامش قمة مجموعة العشرين، بأنه كان «ودياً للغاية». وقال: «نحن نتناقش ونبحث عن حلول. الهدف هو تجنب إجراءات مخالفة. الأمور تسير إلى الأمام». وشدد تريا «لا أحد يريد الوصول إلى إجراءات المخالفة، لكن علينا أن نرى فيما إذا كان من الممكن تجنب ذلك». وحسب تريا، فإنه «لا يمكن إغلاق هذا الملف قريباً... فسنواصل الاتصالات خلال الأسابيع القليلة المقبلة وبوتيرة متلاحقة».
ومن المتوقع أن تتوسع الاجتماعات الأوروبية غداً (الثلاثاء) لتشمل باقي وزراء الدول الأعضاء في الاتحاد، ومن المتوقع أن يبحث الوزراء في مشروع جديد للمفوضية بشأن موازنة العام المقبل، في أعقاب رفض مشروع الخطة السابق، الذي أثار خلافات بين البرلمان الأوروبي والمجلس الذي يمثل الدول الأعضاء، وفشلت المفاوضات بينهما حول هذا الصدد. وحسب ما ذكر الجهاز التنفيذي للاتحاد، فإن المشروع الجديد للخطة يراعي نتائج المفاوضات بين البرلمان والمجلس، ويحاول إيجاد جسور بين موقف كل طرف منهما. وينص مشروع خطة الموازنة للعام المقبل على تخصيص 165 مليار يورو للالتزامات و148 مليار يورو للمدفوعات، وبالتالي يستمر الاتحاد في مواصلة العمل من أجل الاستثمار في النمو والوظائف والبحث والابتكار والشباب والتعليم بحسب، ما جاء في أولويات عمل خطة يونكر في عام 2019.
وفي تعليق له على مقترح المفوضية الجديد، قال غونتر أوتينغر، المفوض المكلف بملف الموازنة والموارد البشرية: إنه «من مصلحة جميع الأوروبيين أن تصل المؤسسات الاتحادية في بروكسل إلى اتفاق - وبسرعة - بشأن موازنة العام المقبل... وأحث كلاً من البرلمان والمجلس على تقديم تنازلات حتى يستمر الاتحاد الأوروبي في توفير التمويل المطلوب للباحثين والطلاب، والشركات والمزارعين، والمحرومين اجتماعياً».
وأشارت المفوضية إلى أن مقترح المفوضية الجديد يستند على أن المملكة المتحدة ستواصل المساهمة والمشاركة في تنفيذ موازنات الاتحاد الأوروبي حتى نهاية 2020، مثلها مثل باقي الدول الأعضاء.
وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعربت الرئاسة الدورية النمساوية الحالية للاتحاد الأوروبي عن أسفها لانتهاء المهلة المحددة للمؤسسات الاتحادية للتفاوض حول موازنة العام المقبل دون التوصل إلى اتفاق، وبالتالي توجّب الآن على المفوضية الأوروبية أن تتقدم بمشروع موازنة جديد، وإذا لم يتم اعتماد موازنة الاتحاد الأوروبي قبل بداية العام الجديد، فإن عملية الإنفاق ابتداء من عام 2019 ستكون «محدودة» بحيث تقتصر على نسبة واحد على اثني عشر من اعتمادات الموازنة السابقة كل شهر، بحسب رئاسة الاتحاد.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»