نازحون من مناطق مواجهة «الإرهابيين» يؤسسون «بيوتاً مؤقتة» في سيناء

إرجاء محاكمة 213 متهماً بالانتماء لـ«داعش»

عدد من أهالي محافظة شمال سيناء أثناء إعلان إقامة بيوت مؤقتة لنازحين من مناطق مواجهة الإرهاب أول من أمس («الشرق الأوسط»)
عدد من أهالي محافظة شمال سيناء أثناء إعلان إقامة بيوت مؤقتة لنازحين من مناطق مواجهة الإرهاب أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

نازحون من مناطق مواجهة «الإرهابيين» يؤسسون «بيوتاً مؤقتة» في سيناء

عدد من أهالي محافظة شمال سيناء أثناء إعلان إقامة بيوت مؤقتة لنازحين من مناطق مواجهة الإرهاب أول من أمس («الشرق الأوسط»)
عدد من أهالي محافظة شمال سيناء أثناء إعلان إقامة بيوت مؤقتة لنازحين من مناطق مواجهة الإرهاب أول من أمس («الشرق الأوسط»)

على مساحة منبسطة من الرمال شرق مدينة بئر العبد بشمال سيناء، وضع أبناء عائلة أبو عليان (التابعة لقبيلة السواركة) رحالهم وبدأوا في إنشاء بيوت إسمنتية يعتبرونها مقر إقامة «مؤقت لهم»، لحين العودة لقريتهم في نجع شيبانة بجنوب رفح، والتي غادروها فرادى بعد أن أصبحت ضمن ميادين الحرب على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء.
وعانى أبناء بعض المناطق في شمال سيناء من عمليات تصفية طالت بعض كبار القيادات القبلية من قبل «عناصر تكفيرية متشددة» موالية لتنظيم داعش الإرهابي، في مقابل ذلك تشن قوات الجيش والشرطة عمليات كبيرة هناك منذ 9 فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من هؤلاء المتشددين، وتُعرف العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة» (سيناء 2018)، والتي تراجعت معها على نحو ملحوظ قدرة التنظيمات الإرهابية على تنفيذ الضربات.
المقر الجديد المؤقت لعائلة أبو عليان افتتح رسميا، أول من أمس، باحتفال دُعي إليه رموز قبائل سيناء، واستهل بالصلاة في مسجد شيد على واجهة التجمع السكني الذي حمل اسم أبو عليان، واستقبل أبناء العائلة ضيوفهم في ديوان شيدوه بجوار المسجد، وقدم رموز القبائل والعشائر التهنئة لأصحاب المكان على استطاعتهم رغم ظروفهم البسيطة إنشاء مساكن لهم بشكل مجمع، وحرص كل من قدم التهنئة على قول «ربنا لا يجعلها دار مقيمة (أن يكون مقامهم مؤقتاً لحين عودتهم إلى قريتهم الأصلية)».
وقال سليمان العلاوين، أحد أبناء العائلة لـ«الشرق الأوسط» إنهم رحلوا من قريتهم بعد أن «أصبح العيش فيها صعبا»، واستطرد: «لم يكن الأمر منظماً وتفرقنا في قرى ومدن سيناء، ثم قررنا التجمع في مكان موحد يجمع أسرنا، وبجهود ذاتية بعد اختيار هذا المكان الآمن أنشأنا بيوتا بسيطة واضعين في اعتبارنا أنها مجرد حوائط تقي برد الشتاء، حيث إن الظروف لا تقتضي الرفاهية». وأضاف أنهم «داخل التجمع، يستفيدون بخبرة الشباب الحاصلين على مؤهلات جامعية من بينهم في تعليم الأطفال، ويقوم كبار سن بتحفيظهم القرآن الكريم في محاولة لتعويض كل ما ينقص الصغار من تعليم». وقال الشيخ إبراهيم أبو عليان أحد رموز عائلة أبو عليان إن «ظروف الحاجة إلى توفير مسكن اقتضت تعاونهم في إنشاء بيوت لهم، بلغ عددها 22 منزلاً و30 آخرين قيد الإنشاء»، وزاد: «ننتظر بفارغ الصبر انتهاء القوات المسلحة من تطهير قريتنا من الإرهاب للعودة إليها».
على صعيد آخر، أرجأت محكمة جنايات القاهرة، أمس، محاكمة 213 متهماً بالانتماء إلى تنظيم «أنصار بيت المقدس الإرهابي (داعش سيناء)»، إلى جلسة السبت المقبل؛ لاستكمال سماع الشهود في القضية المتهمين فيها بارتكاب أكثر من 54 جريمة إرهابية، تضمنت اغتيالات لضباط شرطة ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، فضلاً عن تنفيذ تفجيرات طالت منشآت أمنية بعدد من المحافظات.
كما أسندت النيابة العامة إلى المتهمين ارتكابهم جرائم «تأسيس وتولي قيادة والانضمام إلى جماعة إرهابية، تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على حقوق وحريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والتخابر مع منظمة أجنبية المتمثلة في حركة حماس، وتخريب منشآت الدولة، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه، وإحراز الأسلحة الآلية والذخائر والمتفجرات». وقالت التحقيقات إن «الرئيس الأسبق محمد مرسي (وقت توليه للحكم) كان على اتصال بقيادات تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، واتفقوا على امتناع التنظيم عن ارتكاب أي أعمال عدائية طيلة مدة حكمه للبلاد». وبحسب النيابة فإن المتهمين «ارتكبوا جرائم قتل 42 من قوات الشرطة و15 مواطنا وإصابة 349 مواطنا»، وكذلك «تفجير مباني مديريات أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء».


مقالات ذات صلة

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

أفريقيا حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

قالت نيجيريا إن الحرب التي يخوضها جيشها ضد مقاتلي «داعش» وجماعة «بوكو حرام»، أسفرت خلال هذا الأسبوع عن مقتل 76 مسلحاً.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا تصاعدت التهديدات الإرهابية على الحدود الجنوبية للجزائر (أرشيفية - متداولة)

إسبانيا تعلن اختطاف أحد مواطنيها شمال أفريقيا

قالت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، إن رجلاً إسبانياً اختُطف في شمال أفريقيا، دون تقديم تفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد )
آسيا مسلمون شيعة يرددون شعارات تنديداً بمقتل أفراد من طائفتهم على يد مسلحين في منطقة كورام (أ.ب)

باكستان: 10 قتلى بهجوم على موكب شاحنات في ظل أعمال عنف طائفية

قُتل ثمانية مدنيين وعنصران من قوى الأمن في هجوم، الخميس، استهدف موكب شاحنات تنقل مواد غذائية في شمال غربي باكستان الذي يشهد أعمال عنف طائفية.

«الشرق الأوسط» (بيشاور)
آسيا أقارب وسكان محليون يحضرون جنازة ضابط شرطة قُتل على يد مسلحين مشتبه بهم في ديرا إسماعيل خان بباكستان في 15 يناير 2025... وتشهد باكستان موجة من عنف المتمردين لا سيما في مقاطعات خيبر بختونخوا الغربية في الشمال (إ.ب.أ)

الجيش الباكستاني يعلن القضاء على 22 إرهابياً

أعلن الجيش الباكستاني القضاء على 22 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية تم تنفيذها في منطقة «وادي تيرا» شمال غربي باكستان

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أفريقيا قادة المناطق العسكرية الحدودية للدول الثلاث خلال اجتماع لنقاش مخاطر الإرهاب (الوكالة الموريتانية للأنباء)

الإرهاب العابر للحدود يثير قلق موريتانيا والسنغال

قرر كل من موريتانيا ومالي والسنغال تعزيز التعاون الأمني على الحدود المشتركة بين الدول الثلاث في ظل تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

الشيخ محمد (نواكشوط)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.