تفاهم بالحد الأدنى بين «المردة» و«المستقبل»

TT

تفاهم بالحد الأدنى بين «المردة» و«المستقبل»

لا يتردد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية بالوقوف إلى جانب «حزب الله» بوجه أي من القوى السياسية الأخرى، وإن كان يجمعه بها حد أدنى من التفاهم، على غرار ما هو حاصل مع تيار «المستقبل».
وبخلاف «التيار الوطني الحر» الذي لا يزال يحاول ألا يأخذ موقع الطرف في الخلاف المتمادي بين «المستقبل» و«حزب الله» على خلفية مطالبة الأخير بتمثيل أحد حلفائه السنّة في الحكومة الجديدة، أعلن «المردة»، مؤخراً، موقفاً واضحاً على لسان عضو «التكتل الوطني» النائب طوني فرنجية (نجل رئيس المردة) الذي أيّد بالمطلق مطلب ما يُعرف بـ«النواب السنة المستقلين»، معرباً عن أسفه لعدم إعطائهم موعداً من قبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وتعود علاقة فرنجية - الحريري إلى عام 2016 حين قرر الأخير دعم ترشيح رئيس «المردة» لرئاسة الجمهورية بعد أكثر من عامين على فراغ سدة الرئاسة حينها وإصرار «حزب الله» على دعم العماد ميشال عون في معركته الرئاسية. ورغم سير الحريري بعدها بالتسوية السياسية التي أدت إلى وصول عون إلى القصر الجمهوري، إلا أن علاقة المردة - المستقبل ظلت متينة، وبخاصة على الصعيد الشخصي بين الحريري وفرنجية.
ويعتبر القيادي في تيار «المستقبل» والنائب السابق مصطفى علوش، أن هناك «تفاهم حد أدنى» يجمع التيارين مرتبطاً بالاستقرار بالبلد، لافتاً إلى أنه ما عدا ذلك يمكن الحديث عن رؤى عامة مختلفة حول الجزء الأكبر من القضايا الوطنية. ويرى علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلاف في وجهات النظر بين الفريقين حول تمثيل ما يُعرف بـ(سنة 8 آذار) لن يؤدي إلى صراع بينهما، بل سينحصر بإطار المناوشات المعتادة»، موضحاً أن ما يفرق «المردة» و«المستقبل» هو نفسه تقريباً ما يفرّق «التيار الوطني الحر» - «المستقبل».
وكان النائب فرنجية اعتبر أن «العقدة السنية» تحتاج إلى حل عبر التنازل من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري وتنازل أكبر من قبل الرئيس ميشال عون، لافتاً إلى «معايير يجب احترامها، وإلى أن قبول الرئيس الحريري باعتماد القانون الانتخابي النسبي، يعني قبوله بالشراكة داخل طائفته».
ويشدد القيادي في تيار «المردة» النائب السابق كريم الراسي، على أن موقف تياره من تمثيل النواب السنة المستقلين، غير موجّه على الإطلاق ضد «المستقبل» أو ضد الرئيس المكلف، لافتاً إلى أن دعمهم ينطلق من كون مطلبهم محقاً، ولكون أغلبيتهم من الشمال اللبناني. ويعتبر الراسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن على الرئيس الحريري الجلوس مع النواب الـ6 والاستماع إليهم، والاعتراف بوجودهم بطريقة معينة من خلال استيعابهم، مضيفاً: «لا يصح اعتبارهم خصما شرساً، فليس هذا ما يسعون إليه هم أصلاً؛ لذلك طلبوا موعداً منه لإطلاعه على وجهة نظرهم»، منبهاً من أن «رفض الاجتماع بهم يؤزّم الأمور أكثر ويعطيها طابعاً عدائياً لا يُفترض أن يكون موجوداً؛ لأن كل المسألة مرتبطة بوزير بالزائد أو الناقص».
ورغم الخلاف السياسي المستجد بين الطرفين حول كيفية مقاربة «العقدة السنية» التي لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة، يصف الراسي العلاقة مع «المستقبل» بـ«الممتازة»، لافتاً إلى أن هناك علاقة شخصية تربط الحريري بفرنجية، وكذلك علاقات بين القياديين في التيارين.
ويُعتبر تيار «المردة» جزءاً أساسياً من «فريق 8 آذار» الذي يتزعمه «حزب الله» والمقرب من سوريا، إلا أن رئيسه سليمان فرنجية الذي اختلف مع الرئيس عون و«التيار الوطني الحر» على خلفية الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تقرب من الحريري ووافق على مصالحة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي كان على عداء معه منذ الحرب الأهلية اللبنانية. وقد أثنى الحريري مؤخراً على مصالحة فرنجية - جعجع، معتبراً أنها «صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.