مع تصاعد حدة التوتر بين روسيا والغرب حول أكثر من ملف، تراكمت عوامل التأثير السلبية على الروبل، الذي بدأ نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وكأنه وقع في «مصيدة جيوسياسية»، وفق ما قالت «بلومبيرغ» في تقرير لها حول وضع العملة الروسية في هذه المرحلة، بعد أن وصفت الروبل في وقت سابق بأنه «العملة الأكثر خطورة في العالم».
الحديث حول السياسات النقدية للحكومة الروسية والبنك المركزي، لم يعد يقتصر على الوكالات الدولية، إذ يُلاحظ تزايد الانتقادات التي يوجهها خبراء روس عبر الصحف المحلية لتلك السياسة. وتوقفت أناستاسيا باشكاتوفا، من القسم الاقتصادي في صحيفة «نيزافيسما غازيتا» الروسية عند محاولات المركزي تطوير السوق المالية الروسية في وقت يمر فيه الاقتصاد في حالة «ركود» ويواجه عقوبات غربية.
وكانت وكالة «بلومبيرغ» نشرت تقريراً أمس، قالت فيه إن الروبل الروسي عرض في نهاية نوفمبر الماضي أسوأ دينامية بين العملات الوطنية الأخرى للأسواق الناشئة. وتوقعت أن يعود الروبل إلى التراجع، في الوقت الذي يتزايد فيه تشاؤم المستثمرين على خلفية إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب محادثاته المقررة سابقاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وقال المحلل المالي أندريه كوتشيتكوف للوكالة، إن «الروبل الروسي وجد نفسه مجددا في مصيدة جيوسياسية في نهاية نوفمبر، على خلفية أزمة الزوارق الأوكرانية في مضيق كيرتش». وأشار إلى أنه نتيجة تلك الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، والتي استدعت رد فعل سلبيا حادا من دول الغرب، أثرت بشكل واضح على سوق المال الروسية، وبعد أن ساهم «تراجع المخاطر قصيرة الأجل، المتصلة بالعقوبات، في خلق أجواء إيجابية في سوق المال مطلع نوفمبر»، جاء التوتر الأخير بين روسيا وأوكرانيا وجعل من تلك التوجهات الإيجابية «عدما» كأنها لم تكن، وبذلك أصبح الروبل واحدة من أضعف عملات الدول الناشئة.
وفي تقرير سابق قالت «بلومبيرغ» إن الروبل الروسي أصبح العملة الأكثر خطورة في العالم، موضحة أنه لا يزال يعتمد على أسعار النفط، ويتأثر بالعقوبات الغربية. وأشارت إلى تراجع الثقة بالعملة الروسية في الآونة الأخيرة، على خلفية أزمة احتجاز القوات الروسية زوارق أوكرانية وطواقمها في مضيق كيرتش.
كما أشار أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية إلى أن الروبل عملة ضعيفة، وفي تعليقه على السعي لاعتماده وحدة نقدية في الحسابات التجارية، وصف كودرين الروبل الروسي بأنه عملة لا تملك المقومات الضرورية لذلك، وعبر عن قناعته بأن الحسابات بالروبل الروسي أمر محفوف بمخاطر عالية، موضحاً أن «الحسابات العالمية تتطلب وحدة قياس أكثر استقرار. وبهذا المعنى فإن الروبل الروسي الذي ينهار مرتين في العام لا يملك مثل تلك المقومات».
في شأن متصل، توقف الخبيرة الاقتصادية أناستاسيا باشكاتوفا، عند استراتيجية عرضها المركزي الروسي، تحت عنوان «التوجهات الرئيسية لتطوير سوق المال الروسية خلال سنوات 2019 - 2021»، والتي ترمي إلى تطوير سوق المال الروسية. واستعرضت تلك الاستراتيجية في مقال لها على صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا»، قالت فيه إن الحكومة و«المركزي» يسعيان إلى تطوير السوق المالية، في ظل اقتصاد يعاني حالة ركود، ويواجه العقوبات الغربية.
ونوهت إلى أن التراجع الملموس لحصة الدولار في سوق الأوراق المالية الروسية، واحد من أبرز مؤشرات التراجع الاقتصادي. وتوقفت عند تبني خطة «صندوق التقاعد الذاتي»، والتي تعني أن المواطن نفسه، وليست المؤسسة التي يعمل فيها، يقوم بتسديد الأقساط الشهرية لصندوق التقاعد، وهو يحدد النسبة التي يدفعها من دخله، لتوفيرها في الصندوق. ورأت في هذه الخطة «رهان من جانب السلطات المالية على أموال المواطنين، الذين يُقترح تحويلهم وربما ليس طواعية، إلى مستثمرين».
بلومبيرغ: الروبل فريسة لـ «مصيدة جيوسياسية»
بلومبيرغ: الروبل فريسة لـ «مصيدة جيوسياسية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة