العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

عشر سنوات في عهد إردوغان ضاعفت التعاون مع الدولة العبرية عشرات المرات

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر
TT

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

العلاقات التركية ـ الإسرائيلية الخلاف السياسي لا يفسد ود العسكر

تعد القضية الفلسطينية من المواد الأساسية في الحرب الدعائية التي تسبق الانتخابات الرئاسية التركية المقررة بعد أقل من أسبوعين، بسبب التعاطف التركي الكبير مع الشعب الفلسطيني.
لهذا كان لاتهامات المعارضة التركية لحكومة حزب العدالة والتنمية إبقاء التعاون العسكري مع إسرائيل، وقع كبير في الشارع التركي المتحفز، مما استدعى قيام رئيس الحكومة رجب طيب إردوغان بإصدار بيان مفصل يرد فيه على كل هذه الاتهامات. ويدرك إردوغان جيدا، أن ارتباط اسم حكومته بالتعاون مع إسرائيل، في خضم الحرب الدائرة في غزة، يمثل مغامرة غير محسوبة العواقب، ولهذا كان جازما في نفي تقارير عدة صدرت عن استمرار التعاون العسكري وتوريد النفط العراقي إلى إسرائيل، بالإضافة إلى استعمال قاعدة الإنذار المبكر في ملاطيا، لصالح القبة الحديدة الإسرائيلية برصد أي صواريخ تطلقها التنظيمات الفلسطينية وتحديد أماكنها.
وتعد تركيا، من أكثر الدول الإسلامية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، وهي علاقات – للمفارقة – نمت بشكل كبير خلال حكم الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، وتراجعت خلال حكم العلمانيين، لكن العلاقات العسكرية بقيت على حرارتها بخلاف الأوضاع السياسية، فكان التعاون وثيقا بين الطرفين، انطلاقا من مساعي الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف يواجه المد الشيوعي، كما أن عضوية البلدين في حلف شمال الأطلسي تشكل بدورها معيارا أساسيا لاستمرار التعاون العسكري.
وكانت إسرائيل المنفذ الوحيد لتركيا، بعد عقوبات أوروبية – أميركية على قطاعها العسكري جراء غزوها شمال جزيرة قبرص عام 1978، حيث قامت إسرائيل بتحديث الجيش التركي وكانت الشركات الإسرائيلية لاعبا أساسيا في الحقل العسكري التركي.
ورغم إعلان تركيا تعليق التعاون العسكري بين البلدين، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قافلة المساعدات التركية إلى غزة عام 2010، ومقتل عشرة أتراك على متن السفينة «مافي مرمرة» التي هاجمتها البحرية الإسرائيلية، فإن تقارير عدة أشارت إلى استمرار هذا التعاون، من خلال اتفاقات موقعة بين البلدين يزيد عدد العسكري منها على 60 اتفاقية.
ويعود آخر تعاون عسكري معلن بين البلدين إلى عام 2013، حيث ذكرت مصادر بالحكومة التركية أن شركة إسرائيلية زودت تركيا بمعدات عسكرية. وقالت المصادر إن شركة «إيلتا» الدفاعية الإسرائيلية سلمت تركيا أجهزة إلكترونية بقيمة 100 مليون دولار لأربع طائرات مزودة بنظام الإنذار والمراقبة المحمول جوا (أواكس). وقال مسؤول بوزارة التركية حينها إن «تركيا اشترت الأجهزة من (بوينغ) والشركة الإسرائيلية هي مجرد وكيل لـ(بوينغ) ، وهو ما يعني أن علاقتنا المباشرة هي مع (بوينغ) فقط وليس مع إسرائيل». لكن مصدرا بقطاع الصناعة العسكرية الإسرائيلية أكد الصفقة. وقال المصدر إن إسرائيل لم تكن ترغب في بادئ الأمر في إتمام صفقة شركة «إيلتا»، لكنها عدلت عن موقفها عام 2011 في أعقاب طلبات من «بوينغ». كما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن إسرائيل قامت بإمداد تركيا بمنظومات عسكرية متطورة.
وعلى الرغم من تراجع العلاقات بين البلدين بعد حرب عام 2009 في غزة، فإن عام 2010 حمل معه قفزة نوعية في العلاقات العسكرية. فقد زار حينها وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك أنقرة، ووصفت الزيارة بأنها نجحت في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مسار إيجابي. وكشف مصدر مرافق له أن هناك 60 معاهدة سارية المفعول للتعاون المشترك في قضايا الأمن والعسكر. وقال المصدر إن هذه المعاهدات كانت في حالة خطر بسبب تأزم العلاقات السياسية بين إسرائيل وتركيا، خصوصا في فترة عملية «الرصاص المصبوب». وقد بذلت جهود خارقة من باراك ومسؤولين إسرائيليين آخرين لإعادة المياه إلى مجاريها، لكن إهانة السفير التركي في تل أبيب في مكتب نائب وزير الخارجية، داني أيلون، أعادت العجلة إلى الوراء. والآن، بعد نجاح زيارة باراك، اتفق الجانبان على الاستمرار في تفعيل هذه المعاهدات وتوسيع نطاقها.
والمعاهدات المذكورة تتعلق بعدة صفقات أسلحة وخدمات تبيعها إسرائيل إلى تركيا، بينها: تزويدها بعشر طائرات تجسس مقاتلة بلا طيار من طراز «هارون» الإسرائيلية الصنع، تحديث طائرات «فانتوم» التركية المقاتلة في مصانع شركة سلاح الجو في تل أبيب، تحديث دبابات تركية قديمة، تعاون أمني واسع في إطار «مكافحة الإرهاب»، تدريبات مشتركة على القتال، جوا وبحرا وبرا، تدريبات مشتركة على الإنقاذ وتزويد الجيش التركي بأجهزة اتصال ذات تقنية إلكترونية حديثة، تبادل المعلومات في مجال الأمن وغيرها. وقال باراك،، في تلخيصه هذه الزيارة إنها كانت بالغة الأهمية وفي بعض الأحيان مفاجئة في الحميمية. ولفت باراك إلى تصريحات وزير الدفاع التركي، محمد وجدي غونول، الذي قال إن هناك علاقات تحالف استراتيجي بين البلدين ما دامت مصالحهما المشتركة تتطلب ذلك. وأضاف: «نحن لا نستخدم كلمة (تحالف) حتى لوصف علاقاتنا مع الولايات المتحدة، أكبر أصدقاء إسرائيل، ولذلك فعندما يستخدم قادة تركيا هذا التعبير، وتركيا تعد دولة كبرى في الشرق الأوسط، فهذا يعني الكثير».
ويقول تركار إيرترك، من معهد الأبحاث الاستراتيجية، وهو لواء متقاعد ومدير الكلية البحرية سابقا لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات التركية الإسرائيلية بدأت قبل 60 عاما ولكن في الـ50 عاما الأولى كانت محدودة جدا، وكانت إسرائيل في كل مناسبة تسعى إلى تطوير وزيادة هذه العلاقات ولكن الدولة التركية كانت تعد أن تطويرها سيضر بالمصالح مع الدول العربية والإسلامية».
ويضيف: «إردوغان يهاجم ويشتم ويلعن إسرائيل في كل صباح ومساء وفي كل مكان لحملاته الانتخابية. في المقابل فإن العلاقات الإسرائيلية - التركية التي يبلغ عمرها 60 عاما تضاعفت عشرات المرات خلال حكم إردوغان في العشر سنين الماضية فرفعت تركيا التأشيرات للإسرائيليين من جانب واحد وقامت ببيع مياه نهر منفجات الذي يصب في المتوسط ومنحت الشركات الإسرائيلية تحديث طائرات مقاتلة تركية قديمة واشترت من إسرائيل طائرات دون طيار ووصل حجم التجارة في المجال الزراعي إلى القمة كما في المجال السياحي». ويشير إيرترك إلى أن تركيا تعفي الأحجار الكريمة التي تأتي من إسرائيل من أي ضرائب ولهذا تعد جنة لتجار الجواهر التركية وهذا حصل في عهد إردوغان
ويرى إيرترك، وهو من معارضي سياسة إردوغان أن «الهدف الرئيس لإنشاء قاعدة الإنذار المبكر في كوراجيك بمدينة ملاطيا هو حماية وأمن إسرائيل». ويقول: «هناك مشروع ينفذ في المنطقة لمساعدة إسرائيل على السيطرة الكاملة على حقول الغاز الموجودة شرق المتوسط ونقلها بخطوط غاز عبر البحر إلى تركيا ومن هناك إلى أوروبا، ولكن من أجل هذا أيضا يجب أن تقبل قبرص بأن تلعب تركيا هذا الدور ولهذا تسرع حكومة إردوغان في مساعيها لحل المعضلة القبرصية بأي شكل حتى لو كان على حساب جمهورية شمال قبرص التركية».
فعلى سبيل المثال أصدر مركز الإحصاء في تركيا تقريره للتجارة الخارجية التركية لعام 2014 وفوجئنا بأن التجارة بين تركيا وإسرائيل في الأشهر الستة الأولى مقارنة بالأشهر الستة الأولى لعام 2013، زادت بنسبة 24.9 في المائة، فقد وصل مقدار الصادرات إلى إسرائيل 265 مليون دولار، كما أن مجموع حجم التجارة بين البلدين وصل إلى واحد مليار و617 مليون دولار وهذا يعني أن حكومة العدالة تستورد من إسرائيل ستة أضعاف ما تصدر لها.
وهذا الفارق الشاسع بين الصادرات والواردات يأتي من الأسلحة والمعدات التي تشتريها تركيا من إسرائيل، فمثلا قامت حكومة إردوغان بدفع مبلغ 900 مليون دولار للشركات الإسرائيلية لتحديث أسطولها الحربي من طائرات «فانتوم إف 4 واف 5»، ودفعت أيضا 500 مليون دولار لتحديث 170 دبابة من طراز إم60، كما يوجد اتفاق على شراء صواريخ «دليلة» التي بلغ مداها 400كم، كما أن الكونغرس الأميركي وافق لإسرائيل على بيع تركيا صواريخ «أرو» المشتركة الصنع بقيمة 150 مليون دولار، كما أن تركيا ما زالت تنتظر باقي صفقة طائرات «هارون» دون طيار وهي عشر طائرات بلغت تكاليفها 183 مليون دولار
باختصار التجارة بين البلدين هي لصالح إسرائيل لأنها تصدر وتبيع لحكومة العدالة الأسلحة، ففي عام 2002 لم يكن حجم التبادل التجاري بضعة ملايين من الدولارات اليوم يتعدى خمسة مليارات دولار خلال عشر سنوات.
ويلفت محمد يوفى الأستاذ في العلوم السياسية إلى ما يقوله إردوغان دائما من أنه من السياسيين الذين يتبعون خط عدنان مندريس في السياسة، عادا أن خط سياسة حزبه وحكومته امتداد لهذا السياسة، ويقول يوفي: «هذه المقولة تكفي لأن نفهم أو نقيم علاقة حكومات العدالة مع إسرائيل، لأن العلاقات الإسرائيلية التركية بدأت بعد أن تربع عدنان مندريس على سدة الحكم في تركيا في بداية الخمسينات من القرن الماضي حيث ربطت أميركا تركيا وحكومتها الجديدة آنذاك بإسرائيل مباشرة، وكانت تركيا أول بلد إسلامي يعترف ويقيم علاقات معها. وزادت حميمية هذه العلاقات بعد أن دخلت تركيا حلف شمال الأطلسي عام 1952 خاصة على مستوى تبادل المعلومات الاستخباراتية، ففي تلك الفترة كانت تركيا كدولة مسلمة تقيم هذه العلاقات مع إسرائيل من خلف الكواليس وذلك لخجلها من الدول الإسلامية».
أما بالنسبة للعلاقات الإسرائيلية مع حكومة العدالة والتنمية فقد بدأت منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي عندما كان إردوغان مسؤول فرع حزب الرفاه في إسطنبول الذي كان يترأسه نجم الدين أربكان حيث تعرف إردوغان على السفير الأميركي في أنقرة آنذاك مورتون إبراموفيتس، الذي قام بربط إردوغان بشخصية أميركية مهمة جدا لإسرائيل ألا وهو بول ولفوفيتز، الذي شغل منصب وزير الدفاع الأميركي فيما بعد. وعندما بدأ الأميركيون بالتفكير في دعم الإسلام الليبرالي في المنطقة لم يكن أمامهم إلا أن يدعموا الإسلاميين في تركيا لأن العلمانيين لا يمكن أن يكونوا مثالا للدول الإسلامية في المشروع الأميركي الجديد.
ولهذا السبب يمكن أن نقول إن إردوغان ومنذ أن بدأ حياته السياسية كان مدعوما من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية ولهذا قام المؤتمر اليهودي الأميركي عام 2004 وهو من أهم المحافل اليهودية في أميركا وبخطوة منقطعة النظير بمنح إردوغان وسام الشجاعة وهذا الوسام فقط منح لعشرة أشخاص منذ تأسيس المؤتمر وكان إردوغان أول شخص غير يهودي يمنح هذا الوسام، وقال المسؤول عن المؤتمر اليهودي أثناء تقديم الوسام إلى إردوغان إن هذا الوسام ليس فقط تقديرا للخدمات التي قام بها إردوغان لأميركا بل أيضا يعد تقديرا للخدمات التي قام بها لدولة إسرائيل وموقفه الطيب حيال المجتمع اليهودي في العالم.
ويستغرب يوفي كيف أن الحكومة التركية أكدت الأسبوع الماضي على استمرار العلاقات التجارية مع إسرائيل، رغم كل ما يجري في غزة. موضحا أن الإحصاءات الرسمية التي تصدر عن مؤسسة الإحصاء التركية تقول إنه حتى يونيو (حزيران) من عام 2014 قد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ثلاثة مليارات و100 مليون دولار أميركي، في حين أن العلاقات التجارية بين تركيا وفلسطين لم تتجاوز 44 مليون دولار. وأشار إلى أنه من بين المواد التي صدرتها تركيا إلى إسرائيل معدات عسكرية بقيمة 11 مليون دولار مثل القنابل والغازات الكيماوية التي تستخدم في الحروب، وهذه الأرقام فقط في النصف الأول من عام 2014. كما أن تصريحات وزير الطاقة تنار يلدز حول نقل تركيا للنفط العراقي إلى إسرائيل تؤشر على هذا، إذ قال إننا مجبرون على إيصاله لمن يريد لأننا لا نمتلك القرار في اختيار الجهة التي ستشتري النفط العراقي.
وفي الإطار نفسه يقول الكاتب علي بولاج إنه لا بد من النظر إلى العلاقات التركية الإسرائيلية من اتجاهين، الأول، العلاقات الرسمية، والثاني، العلاقات على صعيد الشعبيين، فمن ناحية العلاقات الشعبية فإن الشعب التركي المسلم ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة احتلال للأراضي الفلسطينية، ولهذا دائما نرى استنكارا شعبيا لما تقوم به إسرائيل من ظلم واضطهاد للفلسطينيين. أما من ناحية العلاقات الرسمية فإنها تختلف تماما بل تكاد تتقارب مع المواقف الشعبية والسبب في هذا أن تركيا دولة حلف شمال أطلسي وتتماشى مواقفها الرسمية مع مواقف الأطلسي حيال إسرائيل. ويضيف: «لو نظرنا إلى الموقف الذي أداه إردوغان في قمة دافوس الاقتصادية واتهم إسرائيل بأنها تتفنن في قتل الأطفال، ثم بدأ حملة لمساعدة الشعب الفلسطيني وإرسال قافلة سفن مرمرة لرفع الحصار عن غزة واقتحام القوات الإسرائيلية لسفينة مرمرة وقتل عشرة من المواطنين الأتراك، لذلك كان يجب أن تكون العلاقات التركية - الإسرائيلية على أسوأ وجه، ولكن العلاقات الرسمية لم يصبها أي تشويه واستمرت العلاقات بين الدولة التركية وإسرائيل على أعلى مستوى خاصة التجارية منها حيث زاد حجم التجارة في عهد حكومة العدالة والتنمية بين البلدين إلى 250 في المائة، هذا الحجم من التجارة لم يقتصر على التجارة العادية بل كان الجزء الأكبر منه معدات عسكرية باعتها إسرائيل إلى تركيا في المقابل تقوم تركيا ببيع المواد الكيماوية لإسرائيل والأهم من هذا وذك والذي يدمي القلوب هول قاعدة الإنذار المبكر التي توجد في مدينة ملاطيا والتي تقوم بنقل جميع المعلومات إلى إسرائيل مباشرة، حسب معلومات الخبراء فإن القاعدة تقوم بإنذار إسرائيل عن أي تحركات أو هجوم يمكن أن تتعرض إليه من دول المنطقة ومن بينها ما يطلق على إسرائيل من غزة وخلال ثوان تعطي المعلومات للقبة الحديدية التي تقوم بالتصدي لأي صاروخ. كما أن جريدة (شالوم) التي تصدر عن جماعة اليهود في تركيا ونقل عنها الإعلام الإسرائيلي أن سفن ابن إردوغان هي التي تنقل النفط الذي يأتي من شمال العراق إلى إسرائيل».
ويؤكد بولاج أن العلاقات الإسرائيلية التركية المستقبلية لن تتغير لأن تركيا لا تمتلك القوة للضغط على إسرائيل، حتى على صعيد التجارة فإن الحكومة التركية لا تمتلك زمام الأمور للتقليل أو الحد من التجارة بين البلدين.
* تاريخ العلاقات بدأ عام 1949
* عرض تقرير صدر عن رئاسة الوزراء التركية لتاريخ العلاقة بين تركيا وإسرائيل، فأشار إلى أن «الحكومات التركية منذ الماضي وحتى الآن، تتبنى مواقف قائمة على مبادئ في علاقاتها مع إسرائيل»، موضحا أن «الجمهورية التركية حينما تعلن عن سياستها تجاه إسرائيل تضع في عين الاعتبار مواقف إسرائيل ذاتها المعارضة للشعب الفلسطيني، وعملية السلام، والقانون الدولي».
وذكر التقرير أن تركيا اعترفت بدولة إسرائيل عام 1949، وأن العلاقات الدبلوماسية بينهما بدأت عام 1950 وكانت البداية عبارة عن ممثلية دبلوماسية، ليتم خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى درجة «القائم بالأعمال» في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956 أثناء العدوان الثلاثي (البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي) على مصر، لتحدث عقب ذلك تطورات إيجابية أدت إلى إعادة فتح الممثلية الدبلوماسية ثانية في يوليو (تموز) 1963، ثم يرتفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لدرجة سفير في يناير (كانون الثاني) 1980.
لكن انخفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين مجددا، في 30 نوفمبر 1980، لكن هذه المرة إلى مستوى «سكرتير ثان»، وذلك عقب ضم إسرائيل القدس الشرقية لها، وإعلانها عاصمة أبدية لها. وقال التقرير إن العلاقات بدأت تتطور بعد ذلك في إطار «عملية سلام أوسلو» 1993، لتعود إلى طبيعتها في الفترات الذي أسهمت فيها الحكومات الإسرائيلية في عمليات السلام، والتي شهدت ارتفاعا ملحوظا في التطلعات والآمال الدولية والإقليمية المنعقدة على عمليات السلام تلك.
وأكد البيان أنه في الفترات التي كانت تعود فيها إسرائيل إلى سياساتها الاستيطانية، وعمليات قتل الفلسطينيين، كانت تركيا تتخذ الخطوات اللازمة، وتندد بتلك الأعمال بشكل شديد اللهجة.



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.