«مسيرات العودة» في غزة و«نصرة القدس» في الضفة

إصابات في صفوف الفلسطينيين بمواجهات في القطاع ومظاهرات قرب نابلس وبيت لحم

خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شمال رام الله (أ.ف.ب)
خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شمال رام الله (أ.ف.ب)
TT

«مسيرات العودة» في غزة و«نصرة القدس» في الضفة

خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شمال رام الله (أ.ف.ب)
خلال مواجهات مع جنود الاحتلال شمال رام الله (أ.ف.ب)

أصيب 18 فلسطينياً برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات أمس (الجمعة)، قرب السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل، في أثناء تجمع ضمن إطار «مسيرات العودة». وقال الناطق باسم وزارة الصحة في القطاع، أشرف القدرة، في بيان: «أصيب 18 مواطناً برصاص الاحتلال الإسرائيلي في أحداث الجمعة السادسة والثلاثين لمسيرات العودة في شرق قطاع غزة»، وأشار إلى أن بين الجرحى صحافياً محلياً «أصيب برصاصة من النوع المتفجر في القدم»، شرق مخيم البريج، وسط القطاع.
وتتكرر المواجهات كل يوم جمعة منذ بدء احتجاجات «مسيرات العودة» في 30 مارس (آذار) الماضي، التي تنظمها «الهيئة الوطنية العليا»، التي تضم حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. وقتل 235 فلسطينياً في غزة على الأقل، معظمهم بنيران الجنود الإسرائيليين، خلال هذه المواجهات، وفي ضربات جوية ومدفعية، منذ اندلاعها، بينما قتل جنديان إسرائيليان خلال الفترة نفسها، أحدهما برصاص قناص فلسطيني، والآخر خلال عملية للقوات الإسرائيلية الخاصة في القطاع.
وشارك آلاف الفلسطينيين في هذه الاحتجاجات التي لم تشهد للأسبوع الثالث على التوالي استخدام الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. وتشهد حدود قطاع غزة بعض التهدئة، في ظل سعي مصري حثيث لتثبيت هدنة. وقال منسق الهيئة العليا، خالد البطش، أمس: «نثمن التزام أبناء شعبنا بالمحافظة على مسيرات العودة بأدواتها السلمية، وتفويت الفرصة على الاحتلال وقناصته المجرمين».
وفي الضفة الغربية، قمعت قوات الاحتلال عدة فعاليات سلمية، فيما واصل المستوطنون أعمال التخريب في البلدات. وأصيب 3 مواطنين بالرصاص الحي، والعشرات بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال لمسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان، التي خرجت أمس نصرة للقدس، وإحياء لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، بأن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي بكثافة صوب المشاركين، عقب اقتحام القرية، واعتلاء أسطح منازل المواطنين، مما أدى إلى إصابة شابين بالرصاص الحي في الأطراف السفلية، وآخر بالوجه، وتم نقلهم إلى مستشفى رفيديا الحكومي بنابلس لتلقي العلاج. وأشار شتيوي إلى أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي باتجاه منازل المواطنين، مما أدى إلى تضرر عدد منها، وإصابة عدد من المواطنين بشظايا الرصاص.
وكانت المسيرة قد انطلقت بمشاركة العشرات من أبناء القرية نصرة للقدس وأهلها، الذين يتعرضون للمضايقات، وعلى رأسهم محافظها عدنان غيث، وعشرات من كوادر حركة فتح والأجهزة الأمنية، الذين اعتقلوا مؤخراً.
كما قمعت قوات الاحتلال، أمس، مسيرة قرية بلعين الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري. وذكرت مصادر محلية أن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة باتجاه المشاركين عند وصولهم بوابة الجدار العنصري الجديد في منطقة أبو ليمون. وأضافت المصادر أن المشاركين قاموا بقرع بوابة الجدار الحديدية، ورفعوا العلم الفلسطيني فوقها.
وشارك في المسيرة التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين، إحياء لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أهالي القرية، ونشطاء سلام، ومتضامنون أجانب. ورفع المشاركون في المسيرة التي انطلقت عقب صلاة الجمعة العلم الفلسطيني، وجابوا شوارع القرية وهم يرددون الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق سراح جميع الأسرى، والحرية لفلسطين، وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هجروا منها.
وفي قرية رأس كركر، غرب رام الله، أصيب عشرات المواطنين بالاختناق خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي للفعاليات السلمية التي ينظمها المواطنون دفاعاً عن أراضيهم المهددة بالاستيلاء لصالح التوسع الاستيطاني. وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال قمعت الاعتصام الأسبوعي الذي نظمته اللجنة الشعبية لمواجهة الاستيطان في الأراضي التي يحاول الاحتلال الاستيلاء عليها في منطقة جبل الريسان في القرية. وأضافت المصادر أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، بكثافة تجاه المشاركين في الاعتصام، الذين أدوا صلاة الجمعة على الأراضي المهددة بالاستيلاء في الجبل.
وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق الشديد جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، أمس، بعد قمع قوات الاحتلال للمشاركين في صلاة الجمعة على الأراضي المهددة بالمصادرة في قرية المغير، شرق رام الله.
وفي قرية الجبعة، قرب بيت لحم، خط مستوطنون، فجر الجمعة، شعارات عنصرية على مسجد وعدد من منازل المواطنين، وأعطبوا إطارات مركبات. وأفاد رئيس المجلس القروي للجبعة، ذياب مشاعلة، بأن المستوطنين خطوا شعارات تقول: «الانتقام» و«ارحلوا»، كما أعطبوا إطارات لست مركبات، وخطوا عليها شعارات أيضاً.
يشار إلى أن المستوطنين صعدوا في الفترة ذاتها من اعتداءاتهم على المواطنين، من خلال خط الشعارات، وإعطاب المركبات، كما جرى في منطقة بيت اسكاريا، القريبة من مستوطنة «غوش عصيون» جنوباً، وبيت إكسا قرب القدس، وقرى قضاء نابلس.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.