توالي الانسحابات من اتفاقية الأمم المتحدة للهجرة

إضراب عن الطعام لنساء ضمن قافلة المهاجرين من أميركا الوسطى

مهاجرون من أميركا الوسطى في مخيمات عشوائية في المدينة المكسيكية تيخوانا على الحدود مع الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
مهاجرون من أميركا الوسطى في مخيمات عشوائية في المدينة المكسيكية تيخوانا على الحدود مع الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

توالي الانسحابات من اتفاقية الأمم المتحدة للهجرة

مهاجرون من أميركا الوسطى في مخيمات عشوائية في المدينة المكسيكية تيخوانا على الحدود مع الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
مهاجرون من أميركا الوسطى في مخيمات عشوائية في المدينة المكسيكية تيخوانا على الحدود مع الولايات المتحدة (إ.ب.أ)

يتألف الميثاق العالمي للهجرة من وثيقة من 34 صفحة تحدد 23 هدفاً لضمان الهجرة «الآمنة والمنظمة والمنتظمة»، بما في ذلك حماية المهاجرين من الاستغلال وانتهاكات حقوق الإنسان. كما يتناول الميثاق أهمية الحد من العوامل السلبية التي تدفع الناس إلى مغادرة بلدانهم، وإدارة الحدود الوطنية «بطريقة متكاملة وآمنة ومنسقة».
وتم التفاوض بشأن الميثاق على مدى فترة 18 شهرًا تقريبًا، ووافقت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ما عدا الولايات المتحدة على مسودة نهائية في يوليو (تموز) 2018.
أما عن كيفية تأثير ذلك على سياسات الهجرة في الدول المختلفة، فالاتفاقية غير ملزمة قانونًا ولا تفرض التزامات قانونية على أي طرف موقّع باستقبال عدد معين من المهاجرين.
وتقول الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للهجرة الدولية، لويز أربور، إن الميثاق لا ينتهك سيادة الدولة بأي شكل من الأشكال.
وبعد تبني الميثاق في مراكش بعد عشرة أيام، سيحتاج النص إلى مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا. وتلتقي وفود من جميع أنحاء العالم في المدينة المغربية، يومي 10و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لاعتماد الوثيقة، لكن قائمة الدول التي تقول إنها لم تعد تدعمها في تزايد مستمر. وتتضمن القائمة نقاطًا تتعلق بجمع البيانات، وتوفير المعلومات للمهاجرين، والتعامل مع تهريب الأشخاص والاتجار بهم، والاستثمار في تنمية المهارات، وتوفير الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتعزيز الاندماج المجتمعي واللحمة الاجتماعية. وتحدثت دول كثيرة عن خطط لرفض الميثاق، وأشارت أغلبها إلى مخاوف حول سياسات الهجرة المحلية، مما ترك بعض المسؤولين في حيرة من أمرهم هو التوقيت. وقد تم الاتفاق على هذا النص قبل عدة أشهر فقط، حيث وافقت جميع الدول الأعضاء على مضمونه، باستثناء الولايات المتحدة، التي أعلنت عن خطط لرفض الاتفاقية في ديسمبر (كانون الأول) 2017، قائلة إنها تنتهك سيادة الولايات المتحدة.
وقالت أستراليا إن الاتفاقية ستشجع دخول البلاد بشكل غير مشروع، في حين قالت إسرائيل إنها بحاجة إلى حماية حدودها. وقالت الحكومات المحافظة بشكل عام في أوروبا في المجر والنمسا وإيطاليا وبلغاريا وكرواتيا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وبولندا وسويسرا إنها لن تدعم الاتفاق بعد الآن. وقالت بولندا إنها لا تميز بوضوح كاف بين الهجرة الشرعية والهجرة غير الشرعية. واستقال وزير خارجية سلوفاكيا ميروسلاف لاجاك، الذي كان رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التفاوض على الوثيقة، احتجاجا على قيام نواب البرلمان في بلاده بتمرير قرار يدين الاتفاق. وكان ميروسلاف لاجاك قد اتهم الحكومة السلوفاكية بالخضوع للضغوط التي يمارسها الشعبويون اليمينيون. وذكرت سويسرا وإيطاليا إن البرلمان يجب أن يصادق على القرار، إلا أنه لن يتوفر للبرلمان الوقت للتصويت عليه قبل المؤتمر. وقالت أربور إن دعم الهجرة أو الوقوف ضدها «ليس هو الغرض» من الموافقة على الاتفاقية أو الخروج منها، كما أن الوثيقة ليست مصادقة على الهجرة.
وأضافت أربور أن هناك «مبدأ منظما» للاتفاقية ينص على أن الدول تتحمل مسؤولية السيطرة على حدودها وتحديد من يمكنه الدخول وتحت أي شروط وأحكام. والاتفاقية ليست حول اللاجئين، فهناك اتفاق منفصل حولهم من المقرر أن يدرسه أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر (كانون الأول).
وأعلنت نساء ضمن قافلة المهاجرين من أميركا الوسطى الساعين لدخول الولايات المتحدة بدء إضراب عن الطعام للضغط على السلطات الأميركية لتسمح لهم بطلب اللجوء. وقالت الهندوراسية كلاوديا ميراندا أمام صحافيين في مدينة تيخوانا الحدودية، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية للأنباء: «حيث إنه لا أحد يصغي لنا، قررنا كحركة نسائية (...) بدء إضراب عن الطعام». ويقيم أكثر من ستة آلاف مهاجر وصلوا إلى المدينة في شمال المكسيك، في خيم عشوائية على أمل طلب اللجوء أو التسلل داخل الولايات المتحدة هربا من الفقر وأعمال العنف في بلادهم. ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي وصف القافلة بأنها «اجتياح» من «مجرمين (...) وبلطجية» إلى إدخال تعديلات على قوانين اللجوء كي يبقى مقدمو الطلبات خارج الأراضي الأميركية بانتظار الموافقة. وحاولت النسوة اللواتي التففن بأعلام بيضاء، التظاهر أمام مكاتب الهجرة على الحدود لكن كتيبة من الشرطة منعتهن. وتطالب النساء أيضا سلطات الهجرة المكسيكية بمنح تأشيرات إنسانية سريعة للمهاجرين الراغبين في البقاء في المكسيك. ولم تقل النساء متى ينتهي الإضراب عن الطعام. وبعد قطع أكثر من 4 آلاف كلم سيرا أو باستيقاف سيارات وصولا إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، حاول قرابة 500 مهاجر اختراق الحدود الأحد. وباءت محاولتهم بالفشل بعد أن استخدم عناصر خفر الحدود الأميركيون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط، ما أجبرهم على التراجع.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.