من ينتصر في ليبيا؟

الأوضاع تتدحرج نحو الهاوية.. والصراع ينحصر بين «الإخوان» و«القاعدة» وحفتر

من ينتصر في ليبيا؟
TT

من ينتصر في ليبيا؟

من ينتصر في ليبيا؟

يقول عيسى عبد المجيد، زعيم قبيلة التبو الليبية، الذي جمد نشاطه السياسي منذ عدة أشهر، في آخر حديث له يوم أمس مع «الشرق الأوسط» من ليبيا، إن الأوضاع في البلاد تتدحرج بشكل متسارع نحو الهاوية.
ويبدو أن عيسى والكثير من زعماء القبائل الليبية آثروا النأي بأنفسهم عن الحرب المشتعلة بين ثلاثة أطراف هي ميليشيات الإسلاميين التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين وقادة موالون لتنظيم القاعدة من جانب، و«الجيش الوطني» الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر من جانب آخر، إضافة إلى كتائب القعقاع والصواعق المحسوبة على منطقة الزنتان التي تقع إلى الجنوب الغربي من طرابلس.

منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في خريف عام 2011، كانت خيوط السلطة المركزية تفلت من بين أصابع قيادات الدولة الجديدة، مما تسبب في خلق كيانات تحولت سريعا إلى ميليشيات وكتائب دينية وجهوية وقبلية، يمكن تقسيمها اليوم، وفقا للصراع المستعر والحرائق المتصاعدة حول مطار العاصمة طرابلس، إلى أربع مجموعات رئيسة، منها ثلاث مجموعات تتقاتل في الوقت الحالي بضراوة، ومجموعة رابعة تراقب الأحداث انتظارا للحظة التحرك المناسبة.
وهذه المجموعات يمكن تقسيمها كالآتي: مجموعة الإسلاميين بكل أطيافها، وتضم ما لا يقل عن عشرين كتيبة وميليشيا، وتنخرط فيها جنسيات ليبية وغير ليبية وتقودها شخصيات محسوبة على تنظيم القاعدة وأخرى على جماعة الإخوان من مدينة مصراتة الواقعة شرق العاصمة، وتسعى في الوقت الحالي للسيطرة على طرابلس، وتخوض أيضا معارك ضارية مع قوات الخليفة حفتر في الشرق الليبي.
وتخوض هذه المجموعة معارك الغرب في طرابلس بواسطة ما يسمى بميليشيات «الدروع»، وفي الشرق داخل مدينتي بنغازي ودرنة بميليشيات ما يسمى بـ«أنصار الشريعة» الذي صنفته الولايات المتحدة أخيرا «تنظيما إرهابيا».
والمجموعة الثانية هي المحسوبة على الليبراليين وأنصار الدولة المدنية، والمقصود بهم القسم الذي يسيطر فعليا على مطار طرابلس الدولي منذ أكثر من سنتين بتنسيق مع الحكومات السابقة، وتتكون هذه المجموعة مما يعرف باسم «كتيبة القعقاع» وكتيبة «الصواعق»، وبعض الميليشيات الصغيرة الأخرى القادمة أساسا من مدينة الزنتان الواقعة إلى الجنوب الغربي من العاصمة، مثل كتيبة «النصر» التي كان يقودها رجل عرف بشدة البأس في معارك الثوار ضد قوات القذافي في 2011 يدعى «جمعة أحسي».
أما المجموعة الثالثة، فهي مجموعة «الجيش الوطني» التي يقودها حفتر، وهذه تتمركز في الجنوب الشرقي من بنغازي وتعتمد على شن غارات بالطائرات والصواريخ وبعض الهجمات البرية على مواقع الإسلاميين المتشددين في كل من بنغازي ودرنة. وعلى خلاف المجموعتين الأولى والثانية، لم تظهر مجموعة اللواء حفتر إلا مع مطلع هذا العام، لكن المصادر تقول إن حفتر تمكن من جمع شمل آلاف الضباط والجنود التابعين للجيش الليبي السابق، وضم إليهم آلافا من المتطوعين الشبان، في محاولة منه لتشكيل أول جيش نظامي في الدولة، لكن المشكلة التي تواجهه تكمن في عدم قدرته على الحصول على اعتراف به من جانب الحكومة أو القبائل الرئيسة التي ترفض هيمنة ميليشيات الإسلاميين على السلطة.
أما المجموعة الرابعة، فتتمثل في القبائل الرئيسة بالبلاد، ومنها قبائل ورفلة والمقارحة وغيرها، التي تعرضت للتهميش والإقصاء من جانب الحكام الجدد، وناصبتهم الكتائب والميليشيات الإسلامية العداء منذ البداية. ورغم وجود توافق وتنسيق بين هذه القبائل، فإنها لم تدخل المعركة بعد، لا إلى جانب «مجموعة الزنتان» ولا إلى جانب «مجموعة حفتر»، وتكتفي حتى الآن بتوجيه انتقادات لـ«مجموعة مصراتة» باعتبار أنها الأكثر تشددا ضد القبائل المتهمة بأنها كانت تساند القذافي خلال مدة حكمه.
وجرى فتح الباب لهذه الكيانات المسلحة بعد مقتل القذافي، بسبب فشل الحكام الجدد في تكوين جيش وسلطات أمنية قوية، سواء عن عمد أو بنوايا طيبة، بالإضافة إلى الفشل في إجراء مصالحة وطنية بين مكونات التراب الليبي. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، استفحل نفوذ الإسلاميين وجرى جلب عدة آلاف من المقاتلين الأجانب، خاصة من مصر وتونس والجزائر ومالي والسودان واليمن. ويقدر بعض مسؤولي الأمن الليبيين عدد هؤلاء الأجانب بنحو 15 ألفا، يتركزون في درنة وبنغازي وجنوب غربي ليبيا على الحدود مع الجزائر، وفي مناطق الكفرة والعوينات على الحدود الليبية مع كل من مصر والسودان، بالإضافة إلى مناطق قريبة من الحدود الليبية مع تونس.
وتضيف مصادر أمنية شاركت في مفاوضات تخص توجيه العمليات القتالية داخل ليبيا، أن القادة الإسلاميين، وكان من بينهم نواب في البرلمان السابق وأعضاء في الحكومات السابقة أيضا، شعروا منذ وقت مبكر، من أواخر العام الماضي ومطلع هذا العام، بأن مجموعة حفتر ومجموعة الزنتان ومجموعة القبائل الرئيسة، يمكن أن تشكل قوة ضاربة ضد الميليشيات الإسلامية، وخاصة ميليشيات مصراتة المعروفة باسم الدروع وميليشيات «أنصار الشريعة» ومن معهم من مجموعات أخرى صغيرة.
وتقول المصادر الأمنية أيضا إنه لهذا السبب ازداد عدد المقاتلين الأجانب في صفوف الإسلاميين بشكل ملحوظ، لدرجة أن بعض الأجانب، خاصة الجزائريين والمصريين، أصبحوا يقودون بعضا من تلك المجموعات الجهادية، في بنغازي ودرنة، وأنه تزامن معه كذلك استدعاء القادة الليبيين المتشددين ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف من الجهاديين الليبيين ممن كانوا قد سافروا للجهاد في سوريا والعراق.
وكانت «دروع ليبيا» تتمركز في مناطق شرق ووسط وغرب ليبيا، لكنها ومنذ نحو شهر أصبحت تتجمع بعتادها كاملا تقريبا على جبهة القتال المحيطة بمطار العاصمة، في محاولة منها للهيمنة على طرابلس وطرد كتائب الزنتان منها. ويعضد هذه الدروع في طرابلس مجموعة ما يسمى بـ«غرفة ثوار ليبيا»، لكن «الدروع» تعد في النهاية الأقرب إلى كل من جماعة الإخوان وجماعة أنصار الشريعة والجماعة الليبية المقاتلة. ويحاول «تنظيم أنصار الشريعة» ملء الفراغ الذي تركته «الدروع» في الجبهة الشرقية، ولهذا السبب بدأ التنظيم تكثيف علمياته لمنع حفتر من تحقيق أي تقدم في معاقل المتشددين في بنغازي ودرنة أو الاتجاه لاستهداف «الدروع» غربا.
ووفقا لمعلومات من قيادات تشارك في ترتيب الأوضاع الداخلية بليبيا، فإن خسارة الإسلاميين الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عجلت أيضا بالحرب والصدام بين مصراتة وحلفائها من الإسلاميين المتشددين، من جانب، وباقي القوى الليبية الأخرى. وأضافت المصادر أنه «كان معلوما لدينا منذ البداية أنه كان ينبغي تأجيل هذه المعركة أملا في الوصول إلى أحد أمرين، إما الاتفاق على مصالحة وطنية شاملة، تنهي مظاهر التسلح وتنهي سياسة الإقصاء والتهميش، وإما الانتظار إلى حين تشكيل تحالف قوي بين قوات الزنتان وقوات حفتر وقوات القبائل، لمواجهة الإسلاميين المتشددين، لكن للأسف نجح الإسلاميون المتشددون، وقادة (الإخوان)، بقيادة مصراتة، في جرنا إلى المعركة مبكرا، ونحن غير مستعدين لها، لكن طالما أجبرنا على القتال فسنقاتل، كل من جانبه»، مشيرا إلى أن «قوات القبائل الرئيسة، ورغم الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، فإنها لم تحسم أمرها بعد».
ويقول خصوم الميليشيات الإسلامية، إن مصراتة وجماعة الإخوان سيطروا على أسلحة بكميات ضخمة من مصادر مختلفة، أهمها مخازن جيش القذافي، وبعضها متطور، جرى استيراده من الخارج خلال السنوات الثلاث الأخيرة عبر موانئ برية وبحرية وجوية خارج سيطرة الدولة. وتابع أحد القادة المقربين من اللواء حفتر قائلا إن ميليشيات مصراتة وضعت يدها منذ وقت مبكر على المئات من الدبابات والصواريخ المضادة للطائرات والآليات العسكرية الأخرى من مخازن الجيش الليبي السابق التي كانت موجودة في منطقة الجفرة جنوب شرقي مصراتة، خاصة في أيام المعارك الأخيرة ضد القذافي في سرت (الواقعة بين مصراتة والجفرة).
وتابع موضحا أن ميليشيات الإسلاميين التي أصبحت تعمل مع «الدروع» ومع «غرفة ثوار ليبيا» و«الجماعة الليبية المقاتلة» تمكنت فيما بعد، وطوال ثلاث سنوات من الفوضى، من تأسيس معسكرات لها وتنظيم صفوفها وتدريب عناصر محلية وأخرى من دول أجنبية اتخذت من ليبيا ملجأ لها، واستفادت إلى حد كبير من التسهيلات التي حصلت عليها من قادة في البرلمان وفي الحكومة، هم في الأساس من الإسلاميين المتشددين وجماعة الإخوان.
لكن جماعة مصراتة تنفي أن تكون تحركاتها العسكرية ذات علاقة بوضعها الجهوي، قائلة إن قواتها وكتائبها تضم مقاتلين من عدة مدن ليبية لحماية الثورة التي قامت ضد حكم القذافي من محاولات الالتفاف عليها من أنصار النظام السابق، وتتهم قوات الزنتان التي تسيطر على مطار طرابلس بأنها تمثل بقايا كتائب القذافي الأمنية التي كانت تقاتل ثوار 17 فبراير، وتزعم أن كتيبة «القعقاع» و«الصواعق» التي يقودها قادة من الزنتان تكونت أساسا من اللواء 32 المعزز الذي كان يقوده خميس نجل القذافي، رغم أن قادة الزنتان كانوا أحد المخالب الرئيسة التي أسهمت في الإطباق على وكر القذافي في مقر حكمه بباب العزيزية في طرابلس.
ومن جانبها، يقول «أنصار الشريعة»، الذي يرفع رايات تنظيم القاعدة السوداء ويسلك سلوكا دمويا ضد خصومه مماثلا لما تقوم به «داعش» في العراق وسوريا، إنه يريد «تطبيق شرع الله»، ويقول إن الانتخابات والأحزاب والديمقراطية «كفر»، رغم أنها اعتمدت في نموها وازدهارها خلال العامين الماضيين على قادة في البرلمان السابق والحكومات السابقة. وعلى أرض المعركة، يقف «أنصار الشريعة» وكتائب أخرى مثل «17 فبراير» و«راف الله سحاتي»، مع توجهات ميليشيات مصراتة و«الإخوان» وأعوانهما في الغرب، لكنها حتى الآن تركز عملها في تعطيل تحركات حفتر واستنزافه في المناطق الشرقية من البلاد.
ووفقا لمعلومات استقتها «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الصلة بحفتر وبالقبائل المتهمة بموالاة القذافي، فإن اللواء المتقاعد قام حتى الشهر الماضي بزيادة عدد المنضوين في «الجيش الوطني» إلى نحو سبعين ألف جندي وضابط، من بينهم نحو أربعين ألف مجند جديد، إلا أن المصادر نفسها تشير إلى أن عدد القوات التي يواجهها حفتر أصبح عددها بالألوف من عناصر ميليشيات الإسلاميين، وأن «العدد والعتاد يتزايد بسبب دعم كبير من بعض الدول الإقليمية».
وتمكنت قوات حفتر من ضرب معسكرات ميليشيات «أنصار الشريعة» في بنغازي ودرنة، خلال الشهرين الماضيين، وكبدتها خسائر فادحة، لكن عناصر هذه الميليشيات، خاصة في بنغازي، تركت معسكراتها وانتشرت بعتادها داخل المدينة، وحولت الحرب مع جيش حفتر إلى حرب شوارع. ووفقا للمصادر، تمتلك عناصر «أنصار الشريعة» والكتائب الموالية لها، صواريخ مضادة للطائرات وأخرى محمولة على الكتف وقذائف آر بي جي، وسيارات مدرعة. وتابعت المصادر أن قوات حفتر كانت لديها القدرة، في بداية المعارك، على عزل عناصر تلك الميليشيات عن مخازن الأسلحة التي كانت ما زالت في معسكرات تابعة للإسلاميين موجودة حول بنغازي، إلا أن عناصر الإسلاميين تمكنت في الأيام الأخيرة من الوصول إليها مجددا ونقلها إلى مواقع، بعضها داخل مناطق سكنية مستأجرة أو في ما يعرف بـ«المزارع» وهي منازل بأفنية كبيرة تنتشر في الضواحي الجنوبية والجنوبية الغربية من بنغازي.
وتتهم القوى الليبرالية والمدنية جماعة الإخوان بأنها أعطت خلال وجودها نحو عامين في البرلمان والحكومة، غطاء لاستفحال قوة الميليشيات وإفشال كل المحاولات التي جرت لتكوين جيش قوي وشرطة قوية. لكن المسؤول العام للجماعة في ليبيا، بشير الكبتي، رد على هذه الاتهامات قائلا إنه ينفيها نفيا قاطعا، لأن الجماعة «لا علاقة لها بالسياسة، بل تدعو إلى حوار شامل بين الليبيين، على أن يكون حوارا وطنيا شاملا، بشرط قبول من يشارك فيه للمسار الديمقراطي ولنتائج صندوق الانتخابات ولإقامة دولة مؤسسات فيها تداول سلمي للسلطة».
وتبدو الحكومة المؤقتة التي يقودها عبد الله الثني، غائبة عن المشهد الذي تديره قوة السلاح على الأرض، رغم أن الحكومة تنشط في التعليق على الأحداث وفي طلب العون الدولي للإسهام في حل الخلافات الطاحنة بين الليبيين. ويحمل الكبتي الحكومة المسؤولية عن الأوضاع الخطرة التي أصبحت تواجه ليبيا، ويقول إنها قصرت في تأدية الدور الذي كان ينبغي أن تقوم به، وعجزت عن تسيير ملفات مهمة مثل ملف الأمن والجيش والثوار، وغيرها من ملفات أخرى عالقة ورثتها الثورة من العهد السابق.
أما «مجموعة القبائل» التي تعرضت للإقصاء بعد مقتل القذافي، وهي قبائل كبرى لديها ميليشيات لم تشارك في أي معارك بشكل واسع أو طويل حتى الآن، فإنها ما زالت تنتظر ولم تحسم أمر مشاركتها في المعركة ضد خصمها الرئيس من جماعة مصراتة والمتحالفين معها من «الإخوان» والمتشددين. وكانت هذه القبائل، التي عقدت عدة مؤتمرات داخل ليبيا وخارجها، دخلت في محاولات لعملية تنسيق منذ مطلع هذا العام مع قوات اللواء حفتر وقوات الزنتان، وغيرها من تيارات مدنية ووطنية.
وكان الغرض تشكيل جبهة واحدة تنهي هيمنة الإسلاميين على مقاليد الأمور، لكن محاولات التنسيق باءت بالفشل عدة مرات بسبب خلافات تتعلق ببنود عن طريقة الحكم وإدارة الدولة في المستقبل. كما تعثرت محاولات أخرى، جرت مشاورات بشأنها مع بعض الدول المعنية، للسيطرة على الفوضى في ليبيا، شارك فيها ممثلون لقبائل ولأطراف قريبة من حفتر وأخرى محسوبة على قوات الزنتان.
ووفقا لمصادر دبلوماسية، كان أحد الشروط التي وضعتها دول غربية، إشراك الإسلاميين، بشكل رئيس وجوهري، في أي اتفاق على الحل في ليبيا، وهو ما جرى رفضه من جانب القبائل وحفتر، بسبب «تعنت الإسلاميين». وعلمت «الشرق الأوسط» أن الاتصالات مع الأطراف الغربية، إضافة إلى روسيا، شارك فيها مسؤولون ليبيون سابقون يقيمون في الوقت الحالي خارج البلاد. وكانت هذه الاتصالات جارية حتى مطلع الشهر قبل الماضي على «أمل تجنب المواجهات الدامية التي تجري الآن على الأرض وأدت إلى حرق الأخضر واليابس»، إلا أن المصادر نفسها تتحدث عن اتصالات جديدة بشروط جديدة، من بينها «الموافقة على استبعاد الإسلاميين المتشددين، وعلى رأسهم (أنصار الشريعة) ومن يحملون رايات (القاعدة) عن أي ترتيبات للحوار»، لكنها تضيف قائلة: «يبدو أن جبهة الإسلاميين لن توافق على مثل هذه الترتيبات»، ليظل حسم الانتصار لفريق على الآخر معلقا في انتظار موازين القوة على الأرض.

* القوى الرئيسة
* «الدروع»
- هي من الأذرع الرئيسة لقوات مدينة مصراتة، واستعانت بها الحكومات التي تولت قيادة ليبيا بعد مقتل القذافي في حفظ الأمن في عدة مناطق؛ أهمها المنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى ومنطقة طرابلس. ولا توجد معلومات مؤكدة عن عدد المنخرطين فيها، لكن العدد يقدر بعدة آلاف. وتعد «الدروع» من القوى الضاربة في المعركة الدائرة في الوقت الحالي حول مطار طرابلس، في سبيل الهيمنة على العاصمة. ويساعد «الدروع» في معركة المطار وفي معارك أخرى داخل العاصمة ما يعرف باسم «غرفة ثوار ليبيا»، وعناصر من الجماعة المقاتلة الليبية. وقادة «الدروع» والموالون لهم من جماعة الإخوان المسلمين، وجماعات جهادية أخرى.

* كتيبتا «الصواعق» و«القعقاع»
- تسيطران على مطار طرابلس، وينتمي القادة البارزون فيهما أساسا لمدينة الزنتان، القريبة من العاصمة. ويقدر عدد المقاتلين فيهما بما بين 10 آلاف و15 ألفا، والعدد في بعض الكتائب غير ثابت بسبب كثرة الدمج وفك الارتباط فيما بينها. وأحيانا تنضم كتائب صغيرة من الزنتان للمشاركة في المعارك التي تقع في العاصمة بين وقت وآخر مع قوات مصراتة أو الموالين لها، مثل معركة المطار الجارية حاليا.

* «أنصار الشريعة»
- تعد قياداتها أكثر تشددا من قادة «الدروع»، ويتركز وجود عناصرها في الوقت الحالي بالضواحي الجنوبية والغربية من مدينة بنغازي وفي جنوب مدينة درنة. ومن أشهر قادتها سجين سابق في غوانتانامو يدعى «جومة»، يتمركز في غابات درنة. ويتولى قيادة بعض المجموعات الأخرى من «أنصار الشريعة» متشددون من الجزائر ومصر وتونس. وتضم في صفوفها آلاف الشبان المقاتلين بينهم أجانب من جنسيات مختلفة.

* «كتيبة 17 فبراير» و«كتيبة راف الله سحاتي»
- يقودهما موالون للإسلاميين، ويتركز وجودهما في بنغازي، وعدد عناصرهما يبلغ عدة مئات، وتعمل كلتاهما عادة تحت ستار «أنصار الشريعة».

* «الجيش الوطني»
- يقوده اللواء خليفة حفتر، وتتركز معاركه في الوقت الحالي ضد «أنصار الشريعة» في بنغازي ودرنة، ويبلغ عدد قواته في عموم ليبيا نحو 70 ألفا، لكن البعض يقول إن العدد لا يزيد على 50 ألفا، والبعض الآخر يقدره بأقل من ذلك بكثير. لكنه يتميز بقوته الضاربة المتمثلة في الطائرات الحربية والقدرة على توجيه الصواريخ «أرض - أرض»، إضافة للعناصر المدربة على الحرب النظامية.

* «ميليشيات القبائل»
- توجد في مدن صغيرة تحت حماية عدة قبائل جنوب وجنوب غربي طرابلس، إضافة إلى منطقة سبها في أقصى الجنوب، ولم تدخل في معارك تذكر منذ الإطاحة بنظام القذافي، وما زالت تنأي بنفسها عن الاشتباكات الجارية الآن. وتقول المصادر إنها تحتفظ بقوة عسكرية لا يستهان بها.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»