البرلمان الليبي يدافع عن تعديل الإعلان الدستوري... والمعترضون يهددون باللجوء للقضاء

خطف مسؤول حكومي تابع لحكومة الوفاق في طرابلس

رئيس المجلس الرئاسي الليبي يبحث مع وفد أوروبي برامج للتعاون الأمني وتأمين الحدود في طرابلس أمس (وال)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي يبحث مع وفد أوروبي برامج للتعاون الأمني وتأمين الحدود في طرابلس أمس (وال)
TT

البرلمان الليبي يدافع عن تعديل الإعلان الدستوري... والمعترضون يهددون باللجوء للقضاء

رئيس المجلس الرئاسي الليبي يبحث مع وفد أوروبي برامج للتعاون الأمني وتأمين الحدود في طرابلس أمس (وال)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي يبحث مع وفد أوروبي برامج للتعاون الأمني وتأمين الحدود في طرابلس أمس (وال)

واصل مجلس النواب الليبي، أمس، الدفاع عن التعديل الأخير الذي أقره على الإعلان الدستوري، باعتباره «قانونيا ونافذا» منذ لحظة اعتماده. لكن بعض المعترضين على التعديل لوحوا باللجوء إلى القضاء للفصل في صحة التصويت المثير للجدل، الذي تم بمقر المجلس بمدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي مؤخرا.
وقال المستشار عقيلة صالح عيسى، رئيس المجلس، في بيان مصور، نشره الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان إن «التصويت قانوني وتم بإجراءات صحيحة، ويمكن لأي جهة تريد التحقق من ذلك بمستندات رسمية صادرة عن مجلس النواب، ومن له مصلحة في الطعن في تعديل الإعلان الدستوري فإن الفيصل هو القضاء».
وأضاف المستشار أن «النصاب القانوني لإجراء تعديل على الإعلان الدستوري، هو الثلثين زائد واحد، أي (115) نائبا. وقد تحقق العدد في جلسة أمس»، مشيراً إلى أن الظروف التي تمر بها ليبيا، تقتضي أن يتحمل مجلس النواب مسؤولياته.
وردا على النواب المشككين في التصويت، قال صالح: «التشكيك في عمل مجلس النواب غير مناسب ويزيد الشقاق بين الليبيين، وبعض الأعضاء محسوبون على مجلس النواب، لكن منهم من تغيب عن الحضور منذ أكثر من عام ونصف».
بدوره، أعلن عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، أن رئاسته صادقت على قانون الاستفتاء على الدستور ليصبح نافذاً منذ الثلاثاء الماضي، مشيرا في تصريحات تلفزيونية إلى أن البرلمان سيقوم بنشر القانون، وتعميمه لإحالته إلى المفوضية الوطنية للانتخابات.
وهدد عدد من أعضاء المجلس في حالة تصويته باللجوء إلى القضاء، بينما كشف مصدر في المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقرا، في تصريحات له أمس، عن تصويت المجلس برفض تعديل مجلس النواب لقانون الاستفتاء على الدستور، لافتا إلى أن المشروع سيتم مناقشته أولا داخل اللجان المختصة بمجلس الدولة، قبل إعلان موقف نهائي.
وكان مجلس النواب قد أقر الاثنين الماضي تعديلا دستوريا، هو العاشر من نوعه له، في جلسة رسمية حضرها 123 نائباً، وتم بمقتضاه تغيير النص الوارد في اتفاق السلام المبرم في منتجع الصخيرات في المغرب نهاية عام 2015 حول آلية إنشاء مجلس رئاسي جديد، مكون من رئيس ونائبين فقط، بدلا من المجلس الحالي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، الذي يضم تسعة أعضاء.
وبموجب هذا التعديل سيتم تقسيم البلاد لثلاث دوائر انتخابية (طرابلس - برقة - فزان)، شريطة حصول مشروع الدستور على موافقة 50 زائد واحد في كل إقليم، وثلثي المقترعين على مستوى البلاد.
إلى ذلك، دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، الاتحاد الأوروبي إلى الإسراع في إعادة بعثته للعمل بجميع قدراتها من داخل ليبيا، مؤكدا أهمية الشراكة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي. وقال مكتب السراج في بيان عقب اجتماعه أمس في طرابلس مع وفد أوروبي رفيع المستوى، ترأسه بيدرو سوريانو، نائب الأمين العام للسياسة الأمنية والدفاعية المشتركة والتصدي للأزمات، التابع لدائرة العمل الأوروبي، إن الاجتماع ناقش مستجدات الوضع السياسي في ليبيا، وبرامج التعاون الأمني، وذلك في إطار عملية التنسيق بين حكومة السراج والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن برامج التعاون تشمل ما وصفه بـ«الدعم المؤسساتي، والمساهمة في مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال (عملية صوفيا) في البحر المتوسط، وتأمين الحدود الجنوبية، ودعم تنفيذ الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس ومحيطها، عبر برامج التدريب، ورفع كفاءة عناصر مركز العمليات المشتركة، التي تتولى تنفيذ هذه الترتيبات، خلال بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا». كما بحث الاجتماع بحسب البيان، المساهمة الأوروبية في برامج دمج وإحلال عناصر التشكيلات المسلحة.
إلى ذلك، أعلنت وسائل إعلام محلية أن وفدا تابعا للجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، قد تعرض أمس لتوقيف مفاجئ من ميليشيات مسلحة في مدينة تازربو، على الرغم من وصول إبراهيم بوشناف، وزير الداخلية في الحكومة الموازية بشرق البلاد إلى المدينة على رأس قوة أمنية، معززة بمختلف أنواع الأسلحة والآليات.
وقالت مصادر محلية وتقارير إعلامية إن الوفد، الذي كان يقوده أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، تم اعتراضه ومنعه من المرور، بينما كان في طريقه إلى المدينة. ولم يرد المسماري على محاولة الاتصال به هاتفيا أمس، كما لم يصدر أي تأكيد أو نفي من قيادة للجيش لهذه المعلومات.
من جهة ثانية، تحدثت مصادر محلية عن قيام مسلحين مجهولي الهوية بخطف العقيد عصام الطياري، رئيس لجنة حصر الأضرار والممتلكات في طرابلس، التابعة لحكومة السراج، المسؤولة عن كشف قيمة الخسائر المادية والبشرية التي تعرضت لها المدينة خلال الاشتباكات الدامية، التي شهدتها في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن مقتل وإصابة المئات.
ونقل موقع صحيفة «المرصد» الإلكتروني عن مصادر أن خطف الطياري تم الاثنين الماضي، دون أن تتلقى عائلته أي تفاصيل، رغم تواصلها مع أعضاء بحكومة السراج وبعض الأجهزة الأمنية، علما بأنه تعرض خلال العام الماضي لعملية خطف دامت بضعة أيام، قبل إطلاق سراحه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.