تفجيرات تعكر احتفالات مسيحيي بغداد بعيد الميلاد

إمرأتان تتبادلان التهاني بمناسبة عيد الميلاد بعد قداس في كنيسة «القديس يوسف» في بغداد أمس (أ.ب)
إمرأتان تتبادلان التهاني بمناسبة عيد الميلاد بعد قداس في كنيسة «القديس يوسف» في بغداد أمس (أ.ب)
TT

تفجيرات تعكر احتفالات مسيحيي بغداد بعيد الميلاد

إمرأتان تتبادلان التهاني بمناسبة عيد الميلاد بعد قداس في كنيسة «القديس يوسف» في بغداد أمس (أ.ب)
إمرأتان تتبادلان التهاني بمناسبة عيد الميلاد بعد قداس في كنيسة «القديس يوسف» في بغداد أمس (أ.ب)

قتل 35 شخصا وأصيب العشرات بجروح أمس في تفجيرات وقعت في منطقة الدورة في جنوب بغداد في سوق شعبية قريبة من كنيسة، فيما قتل خمسة أشخاص آخرون وأصيب 13 بجروح في هجمات متفرقة.
وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن إن «عبوتين ناسفتين انفجرتا في سوق شعبية في الدورة، مما أدى إلى مقتل 35 شخصا وإصابة 56 بجروح»، مشيرا إلى وجود نساء وأطفال بين الضحايا. وأضاف معن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الهجوم استهدف سوقا شعبية وليس كنيسة قريبة من المكان»، مشيرا إلى أن المنطقة المستهدفة «يسكنها خليط من المسلمين والمسيحيين».
وكان ضابط برتبة عقيد في الشرطة ومصدر مسؤول في وزارة الداخلية أفادا في وقت سابق بأن «19 شخصا قتلوا وأصيب 37 آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة استهدف مصلين مسيحيين لدى خروجهم من كنيسة مار يوحنا عقب مشاركتهم في قداس الميلاد». وأشار المصدران أيضا إلى أن ستة أشخاص على الأقل قتلوا في انفجار عبوات ناسفة في السوق الشعبية القريبة من الكنيسة. وأكد مصدر طبي حصيلة الضحايا، مشيرا إلى أن أغلب هؤلاء من المسيحيين وبينهم نساء وأطفال.
غير أن بطريرك الكنيسة الكلدانية، أكبر طائفة مسيحية في العراق، لويس ساكو قال في تصريح إن الهجوم الذي تزامن مع احتفال المسيحيين بعيد الميلاد «استهدف الفقراء في مكان قريب من الكنيسة في الدورة».
وفي الموصل، مركز محافظ نينوى الشمالية، دقت أجراس الكنائس والأديرة اليوم الأربعاء إيذانا ببدء احتفالات عيد الميلاد، ولكن غابت مراسم الاحتفالات في الأحياء والأزقة والنوادي ذات الغالبية المسيحية بسبب تردي الأوضاع الأمنية في المدينة. وقال القس أبلحد عدنان من كنيسة العذراء لوكالة الأنباء الألمانية: «اكتفى المسيحيون بدق الأجراس الخافتة خجلا وحزنا على أرواح شهدائهم، وشهداء الإسلام الذين سقطوا ضحايا الأعمال المسلحة في الموصل، حيث يعيش المسيحيون بأعداد كبيرة عن باقي المحافظات العراقية وبعد إقامة الصلوات وترتيل الشعائر الدينية، عادت العائلات المسيحية إلى منازلها لتكتفي فقط بهذه الدقات بعيدة عن طقوس الأعياد التي غابت عن الموصل منذ عام 2003». وكانت نحو 3000 عائلة مسيحية نزحت من مدينة الموصل باتجاه سهل نينوى هربا من أعمال العنف التي تطالهم.
وفي أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أقامت عشر كنائس قداس ليلة عيد الميلاد في ناحية عينكاوا «ذات الأغلبية المسيحية الكلدانية. وقال جلال حبيب، مدير الناحية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المشاركة في القداس هذا العام فاقت الأعوام الأخرى». وأضاف أن مسؤولي حكومة إقليم كردستان «يحرصون دائما على الحضور لأحياء القداس في هذه الليلة، وهذا ما يؤكد قوة الترابط الموجودة بين المسلمين والمسيحيين في الإقليم». بدوره، قال النقيب كاروان عبد الكريم، المتحدث باسم شرطة أربيل، إن «اليوم الأول من عيد الميلاد مر بسلام من دون أية حوادث والقوات الأمنية في المحافظة ما زالت على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي طارئ». وأشار إلى «انتشار أمني كثيف لقوات الشرطة والأمن الداخلي (الأسايش) في أطراف عينكاوه وداخلها خاصة بالقرب من الكنائس وقاعات الاحتفالات والأماكن العامة».
وفي أعمال عنف أخرى أمس، قتل خمسة أشخاص في هجمات متفرقة. ففي تكريت (160 كلم شمال بغداد) قال ضابط في الشرطة برتبة رائد إن «ثلاثة من عناصر الشرطة قتلوا في هجوم مسلح استهدف دورية للشرطة على الطريق الرئيس غرب المدينة». وفي كركوك (240 كلم شمال بغداد)، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة: «قتل شخص وأصيب سبعة بجروح جراء انفجار ثلاث عبوات ناسفة على الطريق الرئيس جنوب كركوك». كما قتل شخص وأصيب ثلاثة بجروح في انفجار عبوة ناسفة على طريق رئيس في جنوب بغداد. وأصيب أيضا ثلاثة أشخاص بجروح في انفجار سيارة مفخخة مركونة في الحي العسكري وسط قضاء طوزخورماتو (175 كلم شمال بغداد)، وفقا للمصدر ذاته.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.