مخلفات الحرب تهدد سكان قرى محافظة عمران اليمنية

عشرات الألغام والقذائف التي لم تنفجر تنتشر في الحقول الزراعية

مخلفات حرب عمران تهدد حياة أهالي القرى في المحافظة («الشرق الأوسط»)
مخلفات حرب عمران تهدد حياة أهالي القرى في المحافظة («الشرق الأوسط»)
TT

مخلفات الحرب تهدد سكان قرى محافظة عمران اليمنية

مخلفات حرب عمران تهدد حياة أهالي القرى في المحافظة («الشرق الأوسط»)
مخلفات حرب عمران تهدد حياة أهالي القرى في المحافظة («الشرق الأوسط»)

في بادرة تشير إلى بدء المصالحة الوطنية في اليمن اجتمع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح إضافة إلى الجنرال علي محسن الأحمر والشيخ حميد الأحمر، في أول لقاء يجمعهم معا منذ تسليم الرئيس السابق السلطة في فبراير (شباط) 2012.
وبث التلفزيون الرسمي صورا حية لجميع الفرقاء وهم يؤدون صلاة العيد في جامع الصالح بصنعاء ويتبادلون المصافحة والتهاني. وشهدت العلاقة بين هادي وصالح خلال العامين الماضيين اختلافات عميقة كان آخرها إغلاق هادي لقناة فضائية يديرها صالح وهي مملوكة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتميان إليه. وينظر مراقبون إلى التقاء صالح مع خصومه الجنرال علي محسن ونائب رئيس مجلس النواب حميد الأحمر الذين قادوا انتفاضة ضده عام 2011 بأنه بداية مرحلة جديدة من المصالحة بين الفرقاء لمواجهة التحدي الأكبر الذي يهدد البلاد المتمثل في جماعة الحوثيين بعد تمكنهم من السيطرة على محافظة عمران ومحاصرتهم للعاصمة صنعاء من الشمال والغرب.
وفي محافظة الضالع جنوب البلاد شهد أول أيام عيد الفطر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها قائد اللواء 33 مدرع العميد الركن عبد الله ضبعان. ونقل موقع وزارة الدفاع عن مصدر عسكري قوله إن عناصر تخريبية خارجة عن القانون في إشارة إلى الحراك الجنوبي المسلح هاجمت موكب العميد ضبعان بقذائف صاروخية في منطقة (مفرق الشعيب) بالقرب من مدينة الضالع وأصيب خلالها ستة جنود. وقال المصدر بأن الفاعلين فروا عقب الرد من قبل جنود على مصدر إطلاق النار. وتعد الضالع أحد المعاقل الرئيسية للحراك المسلح الذي يطالب بفك الارتباط عن الشمال ودارت فيها مواجهات مسلحة مع الجيش.
من جهة ثانية، يقضي اليمنيون عيد الفطر المبارك في ظل أوضاع معيشية صعبة وظروف بالغة التعقيد بسبب ما شهدت مؤخرا من أحداث عنف، والأزمة الاقتصادية الخانقة إضافة إلى الوضع السياسي الذي شهد تحولات جديدة في التحالفات بين الأطراف السياسية. وتتحول مناطق الريف إلى ساحات لفرحة العيد حيث يفضل اليمنيون قضاء الإجازة فيها والتمتع بأجوائها المناخية المعتدلة، ورغم الوضع المعيشي الصعب فإن ذلك لم يمنع اليمنيين من الاستمتاع بفرحة العيد، فأغلبهم صرف على التسوق للعيد، أضعاف ما يصرفونه طيلة شهر رمضان المبارك.
أما الفارون من معارك عمران التي دارت خلال الشهرين الماضي، فلا يزالون يعيشون أوضاع خوف ورعب في قراهم بعد عودتهم إليها، فكما يقول الحاج أحمد الظفيري من قرية بني ميمون «إن عشرات الألغام والقذائف التي لم تنفجر تعرض الأطفال للخطر ونخشى عليهم من اللعب بها». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك عددا من المدنيين بينهم أطفال قتلوا بسبب مخلفات الحرب في إحدى القرى المجاورة لهم». أما المواطن أحمد الخدري فيقول: إن أطفاله وجدوا أربع قذائف دبابة لم تنفجر في إحدى الحقول الزراعية وقاموا بنقلها إلى المنزل، وطالب الخدري الدولة بتحمل مسؤوليتها وتشكيل لجنة عسكرية لجمع مخلفات الحرب من السكان وإزالة الألغام.
من جانبه أكد محمد العرقي من قرية بيت غفر، في بلدة همدان المحاذية لصنعاء، أن «الحوثيين خلفوا وراءهم الدمار والمآسي وقنابل فردية، إضافة القذائف التي لم تنفجر والتي تشكل خطرا على أرواح المدنيين الأبرياء وخاصة الأطفال»، مشيرا إلى وجود عشرات الصواريخ التي لم تنفجر موجودة في مزارع وحقول المواطنين، وأغلبهم لا يمتلكون الوعي الكافي لكيفية التعامل معها. ولا يزال عشرات المواطنين في مناطق الحروب ينتظرون تعويضات من الدولة لمنازلهم التي دمرت خلال المعارك، تقول السيدة لوزة الميموني بأن أسرتها قضت العيد في منزلها الذي تعرض لقصف بالصواريخ وقذائف الدبابات، مما تسبب بانهيار نصفه، محملة الدولة مسؤولية ذلك، التي لم تقدم لهم أي مساعدات أو تعويضات بسبب ذلك.
إلى ذلك يفضل سكان العاصمة صنعاء السفر إلى مناطق وسط البلاد لقضاء إجازة العيد، خاصة في محافظة ريمة، وإب، وتعز، والتي تعد من أهم المناطق اليمنية التي تنشط فيها السياحة الداخلية، بسبب ما تتمتع به من الطبيعة الخلابة والجو المعتدل، والهدوء، بعيدا عن ضجيج المدن، كما يقول صالح السلامي، ويضيف «قضينا العيد في محافظة ريمة التي تعد جنة الله في الأرض، فالمدرجات الجبلية مكسوة بالخضرة، وتحيط بها حقول خضراء، والجو عليل». مشيرا إلى أنه تكبد عناء الحصول على البنزين لسيارته من أجل السفر، بعد أن فشلت الحكومة في معالجة أزمة الوقود. وفي العاصمة صنعاء، تتزاحم آلاف العائلات داخل الحدائق والمتنزهات، والتي تشكل عائقا أمام الاستمتاع بالعيد، ويستغرب باسم العمري من عدم اهتمام الحكومة بإقامة متنزهات سياحية للمواطنين، في عاصمة البلاد، ويقول: «الحدائق الموجودة عبارة عن مساحات صغيرة، مكتظة بالناس، فيما لا تزال الألعاب كما هي منذ عشر سنوات ولا يوجد تطوير أو إدخال ألعاب جديدة إليها».
وقد انعكست الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الشهر الماضي، على محلات ألعاب الأطفال، وتأثر الأطفال بالمعارك، وبحسب رائد القباطي وهو تاجر ألعاب: «يفضل الأطفال شراء المسدسات والبنادق أكثر من أي شيء آخر»، مشيرا إلى أن «هناك أنواعا كثيرة لهذه المسدسات والبنادق التي يسميها الأطفال، (أسلحة كاذبة)، وقد قام التجار باستيرادها منذ وقت مبكر من هذا الشهر».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.