توتر في أفريقيا الوسطى ومئات السكان يفرون ذعرا

رجال دين مسيحيون يؤدون رفقة أطفال قداسا في مخيم للنازحين ببانغي أمس (أ.ب)
رجال دين مسيحيون يؤدون رفقة أطفال قداسا في مخيم للنازحين ببانغي أمس (أ.ب)
TT

توتر في أفريقيا الوسطى ومئات السكان يفرون ذعرا

رجال دين مسيحيون يؤدون رفقة أطفال قداسا في مخيم للنازحين ببانغي أمس (أ.ب)
رجال دين مسيحيون يؤدون رفقة أطفال قداسا في مخيم للنازحين ببانغي أمس (أ.ب)

أعلنت القوة الأفريقية الموجودة في أفريقيا الوسطى أمس أن الجنود التشاديين المنضوين تحت قوة «ميسكا» ستجري إعادة انتشارهم قريبا، وأنهم سيغادرون العاصمة بانغي التي باتت على شفير الانفجار، وحيث تتكرر أعمال العنف في عدة أحياء. وجاء هذا الإعلان غداة وقوع اشتباكات بين جنود تشاديين وآخرين بورونديين كلهم منضوون ضمن قوة «ميسكا».
وأمام تدهور الوضع الأمني في العاصمة، أعلن عن نشر نحو 10 مدرعات فرنسية بعد ظهر أمس أمام مدخل مطار بانغي في حين شهدت الأحياء المجاورة للمطار إطلاق نار حمل مئات السكان على الهروب ذعرا. وكان قائد القوات البوروندية قال أول من أمس إن رجاله تعرضوا إلى هجوم شنه جنود تشاديون بأسلحة رشاشة وقنابل يدوية، وأكد أن قواته تصدت للتشاديين الذين جرح ثلاثة منهم، مشيرا إلى أنه ليست للجنود البورونديين «أي مسؤولية في تلك الحوادث». ويبلغ عدد القوات التشادية 850 رجلا من أصل أربعة آلاف رجل هم عدد قوات «ميسكا». وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس أن مثل هذه الحوادث المتكررة أدت إلى تنامي مشاعر الاستياء بين سكان بانغي الذين يعدون جنود نجامينا «متواطئين» مع متمردي سيليكا سابقا ومعظمهم من المسلمين الذين قدموا من شمال البلاد واستولوا على الحكم في مارس (آذار) 2013.
وسقط نحو ألف قتيل منذ الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي في بانغي وغيرها من مناطق أفريقيا الوسطى في هجمات الميليشيات المسيحية للدفاع الذاتي التي تلتها عمليات انتقام من عناصر «سيليكا» بحق السكان.
وميدانيا تعد القوات التشادية المدربة والمجهزة جيدا من أهم شركاء القوات الفرنسية الـ1600 المنتشرة في أفريقيا الوسطى منذ بداية ديسمبر الحالي، الهادفة لوضع حد لأعمال العنف. ويتمتع الرئيس التشادي إدريس ديبي، حليف فرنسا الأساسي في المنطقة والنافذ جدا في أفريقيا الوسطى، بحضور قوي في بانغي، حيث يقوم بدور حامي المسلمين، وكذلك الرئيس بالوكالة ميشال جوتوديا (زعيم متمردي سيليكا سابقا).
ورـت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن مراقبين، أن القوات التشادية توشك أن تتحول إلى عنصر زعزعة استقرار، بينما يتوقع أن لا يطرح إعادة انتشارها في المناطق الشمالية الحدودية مع تشاد، مشاكل مع السكان، ومعظمهم من المسلمين، وأن ذلك يشكل بلا شك تراجعا في نفوذ نجامينا على مجرى الأحداث في عاصمة أفريقيا الوسطى حيث ما زال الوضع متفجرا.
وبعد هدوء قصير استؤنفت أعمال العنف نهاية الأسبوع الماضي في بانغي التي تشهد يوميا تبادل إطلاق النار وحوادث مجهولة المصدر بانتظام في بعض الأحياء الساخنة، ما يزيد في الغموض والشعور بانعدام الأمن. وصباح أمس، شهدت عدة أحياء من بانغي إطلاق نار لا سيما قرب المطار وفق مصادر متطابقة.
وبعد ليلة تخللتها عيارات رشاشة معزولة ومتقطعة لم يتبين مصدرها سمعت عيارات أسلحة رشاشة وانفجارات صباح أمس في المنطقة التي تسمى «بي كاي 12» شمال بانغي وفق ما أفاد به بعض السكان. وبعد ذلك بقليل قام جنود من بوروندي في القوة الأفريقية بدورية في المنطقة، حيث لاحظ مراسلون على المحاور الكبرى من المدينة عناصر من الميليشيات المسيحية للدفاع الذاتي وبأيديهم سواطير، بينما كانت جثة ممددة في أحد شوارع الحي. وأفاد شاهد بسماع عيارات كثيفة عند الظهر في منطقة المطار قرب مركز نازحين في دون بوسكو دون أن يتبين الطرف الذي أطلق النار، ثم توقف إطلاق الرصاص لكن التوتر بقي شديدا. كما سمعت عيارات في منطقة تقع عند مدخل بانغي في حيي غوبونغو وغلاباجا.
ومن روما دعا بابا الفاتيكان فرنسيس أمس في رسالته الأولى «إلى المدينة والعالم» بمناسبة أعياد الميلاد، إلى وقف أعمال العنف في أفريقيا الوسطى. ودعا البابا من على شرفته في كنيسة القديس بطرس، الله لـ«إعطاء السلام إلى أفريقيا الوسطى المنسية غالبا من البشر».



بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب، كان إلى وقت قريب مجرد صحافي في التلفزيون الحكومي، في حين أسندت حقيبة الدفاع إلى قائد الجيش السابق.

وزير الدفاع الجديد يتسلم مهامه اليوم من سلفه (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

الوزير الأول الجديد، ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغ، يبلغ من العمر 40 عاماً، اشتهر خلال العامين الأخيرين بأنه من أبرز الوجوه الإعلامية والسياسية المدافعة عن الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، والتحالف مع روسيا، والقطيعة مع المستعمر السابق؛ فرنسا.

وأدى ويدراوغ اليمين الدستورية، الاثنين، بعد أن شكّل حكومة من 24 وزيراً، حملت بعض التغييرات بالمقارنة مع الحكومة السابقة؛ إذ دخلها وزيران جديدان، ورحل ثلاثة آخرون.

الجيش أولاً

التعديل الأبرز في هذه الحكومة الجديدة تمثّل في خروج وزير الدفاع السابق قاسم كوليبالي، وتعيين اللواء سيليستين سيمبوري خليفة له، وهو القادم من قيادة الأركان العامة للجيش.

ويرى مراقبون أن تعيين اللواء سيمبوري في منصب وزير الدفاع وقدماء المحاربين يحمل رسالة واضحة على أن الجيش هو مَن يقود الحرب على الإرهاب، في بلد عاش لسنوات طويلة حالةً من الصراع بين أجنحة المؤسسة العسكرية، خصوصاً حين كان الحرس الجمهوري يتصرّف بصفته فصيلاً مُسلّحاً هو الأقوى في البلاد.

الوزير الأول الجديد وهو يتسلم مهامه أمس (الوزارة الأولى بوركينا فاسو)

رئيس الدولة النقيب إبراهيم تراوري، منذ أن قاد انقلاباً عسكرياً قبل عامين، بدأ إعادة هيكلة الجيش والقوات المسلحة، هدفها المعلن هو تحسين القدرات لمواجهة خطر الإرهاب، ولكن الهدف الخفي ترميم المؤسسة العسكرية، وطي صفحة صراع الأجنحة فيها.

النصر قريب

وفي أول تصريح يدلي به وزير الدفاع الجديد، الثلاثاء، قال إن مهمته الأولى والوحيدة هي «تكثيف الحرب على الإرهاب»، وأضاف اللواء خلال حفل استلام مهمته الجديدة: «بالتعاون مع أصدقائنا في مجموعة دول الساحل (مالي والنيجر)، سنوّجه الضربات اللازمة للإرهاب، حتى يعود السلام الذي عرفناه من قبل، ويمضي بلدنا قدماً نحو التنمية لتحقيق سعادة شعبنا».

اللواء الذي كان يقود الأركان العامة للجيش، تحدّث عن انتصارات تحققت مؤخراً في مواجهة الجماعات الإرهابية، وقال إنها مؤشر واضح على «قرب هزيمة الإرهاب»، ثم أضاف: «أعتقد أننا نقترب من نهاية النفق، وهناك بصيص أمل يلوح في الأفق، وأنا واثق بأنها مسألة وقت فقط».

وتعهّد الوزير الجديد بالعمل على «إصلاحات عميقة داخل الجيش، لمواجهة التحديات الأمنية التي تعيشها البلاد منذ نحو عقد من الزمن»، وفق تعبيره.

تحديات كبيرة

بوركينا فاسو تواجه هجمات إرهابية متصاعدة منذ 2015، ولكن وتيرتها تصاعدت خلال السنوات الأخيرة حتى سيطرت جماعات مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» على نحو 40 في المائة من مساحة البلاد، لتدخل بوركينا فاسو منذ مطلع 2022، حالة من عدم الاستقرار السياسي، وسط سلسلة من الانقلابات العسكرية.

وفيما يبدو أن الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي يزداد تعقيداً، يواصل الحكام الجدد في بوركينا فاسو حربهم ضد الإرهاب، بالاعتماد على شراكة أمنية وعسكرية مع روسيا؛ اللاعب الجديد القوي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.

الوزير الأول الجديد في أول تصريح له، الاثنين، قال إن جميع سكان بوركينا فاسو «يرغبون في رؤية البلاد هادئة مرة أخرى، لمزاولة أنشطتهم بسلام؛ إنهم يريدون العيش في دولة ذات سيادة كاملة، يستعيد فيها الجيش السيطرة على جميع أراضيها».

ولكنّه في الوقت ذاته، تحدّث عن تحديات أخرى «ترتبط بالصحة والتعليم والاكتفاء الذاتي الغذائي والبنية التحتية»، وأضاف: «لذلك فإنني أتولّى منصبي في هذا السياق الصعب؛ إذ يتعيّن علينا أن نشنّ الحرب بينما ندير أدوات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتناغمة».