أثار إعلان شركة «جنرال موتورز»، عملاق السيارات الأميركي، عن خططها لإغلاق خمسة مصانع ومراكز إنتاج، وتسريح ما يقرب من 15 ألف عامل، عاصفة من الانتقادات والغضب في واشنطن، وبخاصة أن الشركة حصلت على مليارات الدولارات مساعدات من الحكومة الفيدرالية لإنقاذها من الإفلاس أثناء الأزمة المالية العالمية التي ضربت الولايات المتحدة في 2008.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه تحدث إلى الرئيسة التنفيذية للشركة ورئيسة مجلس الإدارة للشركة، ماري بارا، وحثها على الاستمرار في إنتاج السيارات في مدينة لوردزتاون بولاية أوهايو، التي تخطط الشركة لإغلاق مصنعها بها. وأضاف في تصريحات للصحافيين، أول من أمس: «تعلمون أن الولايات المتحدة أنقذت (جنرال موتورز)، وخروجها من أوهايو ليس جيداً. لقد تحدثت مع (بارا) وشددت على أنني غير سعيد بما قالت... أعتقد أنها ستعد شيئاً قريباً».
وأضاف، إنه سيضع ضغوطاً مكثفة على «جنرال موتورز» لإبقاء مصنع التجميع في لوردزتاون مفتوحاً، ووقف إنتاج السيارات في الصين، حيث تمتلك الشركة عدداً من وحدات التجميع المركزية. وقال: «هذا البلد فعل الكثير لـ(جنرال موتورز)، فمن الأفضل أن تعود إلى هناك قريباً. هذه هي ولاية أوهايو، ومن الأفضل أن تعود إلى هناك قريباً. ليس لدي شك في أنه في المستقبل غير البعيد سيفعلون شيئاً آخر».
من جانها، قالت بارا، الاثنين: إن خطة الشركة ستسمح لها بالاستمرار في التحول إلى مزيد من المرونة والربحية وقدرة أكبر على الاستثمار في المستقبل. وأعلنت «جنرال موتورز»، الاثنين، أنها سوف تتوقف عن إنتاج بعض السيارات بدءاً من العام المقبل، ويتضمن ذلك إغلاق وحدات التجميع في ولايات أوهايو، وميتشيغان، وميريلاند ومقاطعة أونتاريو الكندية، فضلاً عن مصانع قطع غيار السيارات في وارن في ميتشيغان، ووايت مارش بولاية ميريلاند. كما كشفت الشركة عن خطتها لتخفيض 15 في المائة من القوى العاملة لديها، أي نحو 15 ألف وظيفة، وتوفير 25 في المائة من أدوارها التنفيذية. الأمر الذي من شأنه أن يوفر للشركة نحو ستة مليارات دولار بحلول نهاية عام 2020.
وتسعى «جنرال موتورز»، في خطتها المستقبلية، إلى التكيف أكثر مع رغبات المستهلكين وتفضيلاتهم التي تتجه أكثر نحو الشاحنات الكبيرة والـ«هاتشباك». وتتضمن أنواع السيارات التي سوف تتوقف الشركة عن إنتاجها كلاً من: «كاديلاك سي تي 6»، و«كاديلاك إكس تي إس»، و«تشفروليه كروز»، و«تشفروليه إمبالا»، و«تشيفروليه فولت»، و«بويك لاكروس»... وجميعها سيارات من طراز الـ«سيدان».
وأثار إعلان «جنرال موتورز» غضب المسؤولين الحكوميين وعمال صناعة السيارات والنقابات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتسبب في إضراب في مصنعها بمدينة أوشاو. ورغم انتقادات الرئيس والمشرعين من كل الحزبين، فإن الإفصاح عن خطط الشركة المستقبلية، التي تضمن إعادة هيكلة بشكل كبير، جاء بنتائج طيبة مع المستثمرين، وأغلق سهم الشركة في بورصة وول ستريت على ارتفاع بنسبة 4.8 في المائة في تداولات الاثنين، وهناك توقعات بهوامش ربح مرتفعة.
واتهم الأعضاء الديمقراطيون والجمهوريون بالكونغرس، شركة «جنرال موتورز»، بـ«خيانة العمال الذين كرّسوا حياتهم المهنية للشركة التي تعد رمزاً للصناعة الأميركية»، كما اتهموها أيضاً بخيانة دافعي الضرائب الأميركيين الذين أنقذوها من عثرتها أثناء وبعد الكساد العظيم. وتلقت «جنرال موتورز» نحو 51 مليار دولار من الحكومة الفيدرالية بعد أن كانت على وشك الإفلاس في عام 2009، وفي حين ساعدت حزمة الإنقاذ الحكومية في استعادة «جنرال موتورز» لعافيتها، قامت الشركة بشكل ثابت بتقليص عملياتها التصنيعية في الولايات المتحدة وسط تباطؤ المبيعات.
وقال مسؤولون في ولايتي أوهايو وميتشيغان: إنهم سيدفعون الشركة للتخلي عن خططها، التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في مارس (آذار) 2019. وقال السيناتور شيرود براون، من ولاية أوهايو: «هذا القرار هو جشع الشركات في أسوأ حالاتها». وقال النائب الديمقراطي تيم ريان: «لقد ناضلنا سوياً للحفاظ على (جنرال موتورز) واقترب دافعو الضرائب الأميركيون منها عندما كانت على وشك الإفلاس. لقد ضحت الآلاف من الأسر لبناء (جنرال موتورز) إلى ما هي عليه اليوم. وفي المقابل، أدارت (جنرال موتورز) ظهرها لنا عندما نحتاج إليها أكثر».
في حين قال السيناتور الجمهوري روب بورتمان، إنه «محبط للغاية» من قرار «جنرال موتورز»، وإن الشركة «تسمح لشمال شرقي أوهايو بالهبوط». وقالت النائبة الديمقراطية ديبي دينغل: إن إعلان «جنرال موتورز» كان بمثابة تحذير بأن الكونغرس يجب أن يعمل سوياً لإحياء صناعة السيارات الأميركية المتعثرة. وأضافت: «إذا أردنا أن تستمر صناعة السيارات في أن تصبح الرائدة عالمياً، فإن السياسة الفيدرالية يجب أن تضمن أننا نحتفظ بها في طليعة الابتكار والتكنولوجيا».
أحد أسباب قرار الشركة بتخفيض العاملين وإغلاق بعض مصانعها هو التباطؤ في مبيعات السيارات الجديدة، التي دفعت صانعي السيارات إلى تقليل عملياتهم وتخفيض الوظائف، وبخاصة في ظل الحرب التجارية التي تشهدها الولايات المتحدة مع الكثير من شركائها التجاريين حول العالم، والتي دفعت شركات صناعة السيارات ضريبتها.
وتسببت التعريفات التي فرضها ترمب على الفولاذ والألمنيوم المستورد في زيادة تكاليف الإنتاج لصانعي السيارات الأميركيين، الذين يناضلون أصلاً من أجل المنافسة ضد المنافسين الأجانب. وإذا استمر الرئيس في خططه لفرض رسوم جمركية على شركات السيارات الأجنبية، من المتوقع أن ترتفع الأسعار في جميع أنحاء القطاع بشكل هائل وتهز الاقتصاد العالمي.
في حين يرى البعض أن قرار «جنرال موتورز» في هذا التوقيت يعد الضربة الأخيرة لصناعة السيارات الأميركية التي تعاني من الكثير من التحديات، وتواجه تهديدات كبيرة. كما أن التوترات التجارية المتزايدة مع شركاء أميركا التجاريين الرئيسيين، التي أدت بالفعل إلى تراجع النمو العالمي، يمكن أن تشكل خطراً على القطاع الصناعي الأميركي، وصناعة السيارات بشكل خاص.
«جنرال موتورز» تخطط لغلق خمسة مصانع في أميركا وتسريح 15 ألف عامل
أثارت انتقادات وغضباً في واشنطن
«جنرال موتورز» تخطط لغلق خمسة مصانع في أميركا وتسريح 15 ألف عامل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة