الفلسطينيون يرفضون مشروعاً أميركياً يندد بـ«حماس» في الأمم المتحدة

TT

الفلسطينيون يرفضون مشروعاً أميركياً يندد بـ«حماس» في الأمم المتحدة

كثّفت الإدارة الأميركية جهودها الدبلوماسية بهدف الحصول على أوسع تأييد ممكن في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قرار يندد بحركة «حماس» بسبب إطلاقها الصواريخ من غزة في اتجاه إسرائيل و«تحريض» الفلسطينيين على العنف، في خطوة رفضتها السلطة الفلسطينية لأنها «خارج أي سياق» و«استفزازية»، إذ إنها «تتجاهل الأسباب الجذرية للنزاع» وتهدف إلى «إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها» كدولة تحتل أراضي الفلسطينيين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية نيكي هيلي تريد الحصول على موافقة عدد كبير من الأعضاء الـ193 في الجمعية العامة قبل توزيع مشروع القرار المقترح، سعياً إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي كبير يسجل باسمها قبل انتهاء مهمتها مع نهاية السنة الحالية، علماً بأنه لم يسبق للجمعية العامة أن نددت بـ«حماس». وتأتي هذه الخطوة الأميركية في سياق جهود أخرى لتقليص عدد القرارات الـ16 الخاصة بالقضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعوض توزيع مشروع القرار، سلمت البعثة الأميركية عدداً من الدول نص «مذكرة»، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تنص على أنه خلال «كل عام في الجمعية العامة، هناك عدد غير متناسب من القرارات التي تنتقد إسرائيل»، مضيفة أن «هذه القرارات المعادية لإسرائيل تضر بصدقية الأمم المتحدة، ولا تقربنا من هدف التوصل إلى سلام شامل، الذي نشترك فيه جميعاً».
وأفادت بأنه «في هذا العام، وبغية إعادة التوازن إلى الأمم المتحدة، ندرس اقتراح قرار مستقل يندد بنشاطات (حماس)»، لأنه «من قرابة 20 قراراً تنتقد إسرائيل كل عام، لا يأتي أي منها على ذكر (حماس)»، بل «في الواقع، لا يوجد قرار من الجمعية العامة يشير إلى (حماس)». وأوضحت أن مشروع القرار الذي تعتزم واشنطن توزيعه «سيتضمن العناصر التالية؛ إعادة تأكيد دعم السلام العادل والدائم والشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، بالإضافة إلى «التنديد بـ(حماس) لإطلاقها صواريخ متكررة على إسرائيل والتحريض على العنف، ما يعرض المدنيين للخطر». وكذلك «يطالب (حماس) بالكف عن كل الأعمال الاستفزازية والنشاطات العنيفة، بما في ذلك استخدام الوسائل الحارقة المحمولة جواً».
وتندد المذكرة الأميركية بـ«تحويل الموارد في غزة إلى بنية تحتية عسكرية، بما في ذلك الأنفاق، من أجل التسلل إلى إسرائيل، ومعدات إطلاق الصواريخ على المناطق المدنية، في حين يمكن استخدام هذه الموارد لتلبية الحاجات الماسة للسكان المدنيين». وتدعو إلى «وقف كل أشكال العنف والترهيب الموجهة ضد العاملين في المجال الطبي والإنساني»، مؤكدة على «أهمية احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وحيادها». وتحض على «مزيد من انخراط الأمين العام (للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش) والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط (نيكولاي ملادينوف)، بالتعاون مع الشركاء المعنيين، من أجل المساعدة في الجهود المبذولة لتهدئة الوضع وتلبية الحاجات الملحة للبنية التحتية والإنسانية والاقتصادية». وتعبر أخيراً عن «التقدير» لمن يرغب في دعم مشروع القرار، وفي «الوقوف معنا في معارضة أي عمليات إجرائية من شأنها تعطيل عملية التصويت» في الجمعية العامة، واعدة بأنها «ستأخذ في الاعتبار» أي اقتراحات لإدخال تعديلات على نص القرار الذي سيقترح.
ورداً على هذه المذكرة الأميركية، وجّهت بعثة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة مذكرة مضادة إلى الدول الأعضاء أفادت فيها بأن المسودة الأميركية تمثل «امتداداً للمقررات السياسية التي تنتهجها الإدارة الأميركية الحالية ضد الشعب الفلسطيني، منذ اتخاذ قرارها في شأن القدس في ديسمبر (كانون الأول) 2017، والتي تضر بقضية السلام وتفاقم الجمود السياسي»، محذرة من أن «التصويت لمصلحة مشروع القرار ستصوره الولايات المتحدة برهاناً على أن المقررات السياسية هذه، التي تتجاهل الأسباب الجذرية للنزاع والإجماع الدولي القديم، تحظى بالدعم الدولي». وأكدت أن المسودة التي تقدم في ظل «استمرار فشل الإدارة الأميركية في الاعتراف بالانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين»، تهدف إلى «إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها» على الصعيد الدولي. ورفضت «بشدة الادعاءات بأن قرارات الجمعية العامة بشأن القضية الفلسطينية والنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني معادية لإسرائيل أو منحازة أو متحيزة»، موضحة أن هذه القرارات «تستند بقوة إلى القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2334. وهي واقعية، وتعالج كل جوانب القضية في إطار القانون وسياق الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، منذ عام 1967. وحصارها على قطاع غزة لمدة 11 سنة». وأسفت لأن المشروع الأميركي «يتجاهل كل ما سبقه، ما يقوض عقوداً من الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم يقوم على أساس حل الدولتين على حدود ما قبل عام 1967، والذي ترفض الإدارة الأميركية توضيح موقفها منه». وبالتالي، تعتبر هذه المبادرة «استفزازية»، وفيها «أهداف مشكوك فيها ولا تساهم بأي حال من الأحوال في الجهود الجادة التي تبذلها الأطراف المعنية لتخفيف حدة التوتر والمصالحة والسلام». وناشدت المذكرة الفلسطينية كل الوفود «التصويت ضد مشروع الولايات المتحدة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.