رئيس الوزراء الإسرائيلي يتمسك بجبال الضفة الغربية في أي تسوية ويعتبرها «السور الواقي لأمننا»

TT

رئيس الوزراء الإسرائيلي يتمسك بجبال الضفة الغربية في أي تسوية ويعتبرها «السور الواقي لأمننا»

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمسكه بجبال الضفة الغربية، في أي تسوية سياسية للصراع في الشرق الأوسط. وقال إن هذه الجبال تعتبر الجدار الواقي لإسرائيل. ورفض المطلب الفلسطيني بأن تكون هذه الجبال جزءاً من الدولة الفلسطينية العتيدة، علماً بأنها تمتد في قلب الضفة. وقال: «أي محاولة لحرمان إسرائيل منها ستبقي دولتنا من دون القدرة على الدفاع عن نفسها، وستسمح لقوى الإسلام المتطرف بتهديد الشرق الأوسط بأسره».
وكان نتنياهو يتكلم في حفلة أقيمت في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس الثلاثاء، لتكريم الرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، الذي يقوم منذ أربعة أيام بزيارة رسمية للدولة العبرية. وقد أجرى مقارنة بين وضع تشيخيا في الحرب العالمية الثانية، وبين وضع إسرائيل، مذكراً بأن الحلفاء وافقوا على التضحية بتشيخيا على أمل إرضاء الزعيم النازي أدولف هتلر وكف شره عنهم وعن بلادهم؛ لكن هتلر فسر هذه التضحية كنقطة ضعف، وانتهز أول فرصة للهجوم على جيرانه الأوروبيين.
وقال نتنياهو: «إننا نواجه بكامل قوتنا تلك التهديدات التي يشكلها الإسلام المتطرف. إنه ليس مجرد صراع محلي نخوضه ويخوضه جيراننا. فإسرائيل عبارة عن موقع أمامي للعالم الحر في المعركة، لضمان الحرية والتنور في العالم برمته». وأضاف: «خلال هذه الأيام تحيي التشيك ذكرى 80 عاماً على ضم إقليم السوديت الاستراتيجي من قبل ألمانيا النازية. وقد شكل ذلك الوسيلة التي لجأ إليها هتلر للسيطرة على تشيكوسلوفاكيا برمتها. فقد أرهب وعيد الطاغية بأنه في حال عدم تسليمه إقليم السوديت سيشن حرباً، الدول الحرة في أوروبا؛ حيث تبين أن كافة وعودها بالتكفل بأمان تشيكوسلوفاكيا كانت مجرد حبر على ورق. إن زعماءها قد أبرموا (اتفاقية ميونيخ) سيئة السمعة، وقد بذلوا كل شيء في سبيل إحلال الهدوء المؤقت، إلا أن الهدوء لم يتم إحلاله أبداً؛ حيث أسفرت سياسة المهادنة الكاذبة عن ترك تشيكوسلوفاكيا – التي أطلق عليها ضمن تلك المقالة المشهورة من صحيفة (التايمز) اللندنية: (دولة صغيرة وغير مهمة في مكان بعيد) – وحدها. وقد زاد سقوطها من وتيرة دواليب آلة الحرب النازية. فوراء مزاعم حق تقرير المصير العائد إلى سكان السوديت، حققت النازية السيطرة على جبال السوديت بسهولة، مما مهد الطريق مفتوحاً أمامها إلى قلب أوروبا».
وتابع: «إننا نعرف هذا التاريخ جيداً، ونعرفه عندما حدث بقدر ما نعرفه في سياق التوازي مع إسرائيل. فمحاولة حرماننا من الحائط الواقي المتمثل بجبال يهودا والسامرة في قلب موطننا التاريخي، ستبقي دولتنا دون دفاع، وستسمح لقوى الإسلام المتطرف بتهديد الشرق الأوسط بأسره. وفي حالتنا أيضاً هناك من يريد شراء الهدوء، وحتى الهدوء المؤقت إذا وُجد أصلاً، مقابل ثمن مهادنة أنظمة الطغيان العدوانية، وفي المقام الأول نظام الطغيان الإيراني. ولعلهم لم يستنبطوا الدروس التاريخية، ولكننا قد استنبطناها بالتأكيد. واستنبطناها جيداً، مما دفعني إلى الاعتراض بشدة على الاتفاقية النووية التي تم إبرامها مع إيران، والتي مهدت طريقها نحو حيازة ترسانة من الأسلحة النووية، وزادت الطين بلة بمنحها أموالاً طائلة لتمويل ممارساتها العدوانية في المنطقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».