غلق مقرات أحزاب ومنظمات مرتبطة فكرياً بـ«العمال الكردستاني» في السليمانية

مصادر عزتها إلى ضغوط تركية على «الاتحاد الوطني» الحاكم في المحافظة

TT

غلق مقرات أحزاب ومنظمات مرتبطة فكرياً بـ«العمال الكردستاني» في السليمانية

باشرت قوات الأمن الكردي «الأسايش»، أمس، إغلاق مقرات الأحزاب والمنظمات المدنية، المرتبطة بـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، وذلك تنفيذاً لقرار مباشر من نائب رئيس حكومة إقليم كردستان المنصرفة قوباد طالباني، النجل الأصغر للرئيس العراقي الأسبق وزعيم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الراحل جلال طالباني.
ويقضي القرار الصادر في 29 من أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، بإغلاق مكاتب ومقرات كل الأحزاب والمنظمات غير الحاصلة على ترخيص رسمي من حكومة إقليم كردستان. لكن اللافت في تنفيذ القرار أنه اقتصر على بعض الأحزاب والمنظمات المدنية، المرتبطة فكرياً بنهج «حزب العمال الكردستاني» المناهض لتركيا، التي تتبنى أفكار زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان، مثل حزب «حرية كردستان» ومنظمته النسوية المدنية، في حين ما زالت هناك عدة أحزاب انبثقت مؤخراً في إقليم كردستان، ولم تحصل إلى الآن على تراخيص رسمية من سلطات الإقليم وتمارس أنشطتها السياسية دون عراقيل.
ووصف حسين كركوكي، القيادي في حزب «حرية كردستان»، المرتبط فكرياً بـ«حزب العمال الكردستاني»، قرار السلطات الكردية بأنه سياسي ويفتقر إلى أي سند قانوني، ذلك أن حزبه حاصل على ترخيص رسمي من السلطات الاتحادية في بغداد منذ عام 2018 يسمح للحزب بمزاولة العمل والنشاط السياسي في كل أرجاء العراق، وقد شاركنا في الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق. وتحدث كركوكي لـ«الشرق الأوسط» أثناء اقتحام قوات الأمن لمقر حزبه في مدينة السليمانية: «منذ عام 2014 وحزبنا يطالب حكومة الإقليم بمنحه ترخيصاً رسمياً لممارسة نشاطاته، ولكن سلطات الإقليم تتجاهل طلبنا، بينما ينص القانون المتبع في الإقليم على أن وزارة الداخلية مكلفة بالرد على أي طلب من هذا القبيل في غضون 45 يوماً، إما بالرفض أو الموافقة، وبخلافه يعتبر الحزب مرخصاً رسمياً، لذا فإن حزبنا يعتبر مرخصاً من الناحية القانونية ولن نغادر مقرنا ولن نغلقه مهما كانت طبيعة الضغوط».
وأوضح كركوكي، أن سلطات الأمن التابعة لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الحاكم في السليمانية، طلبت من حزبه الامتثال للقرار تفادياً للإحراج مع الجانب التركي، لأن «الاتحاد الوطني» يتعرض لضغوط مباشرة من جانب تركيا، لحظر أنشطة الأحزاب والمنظمات الموالية أو المرتبطة بـ«حزب العمال» في نطاق محافظة السليمانية، مقابل تطبيع العلاقات مع «الاتحاد الوطني»، ورفع الحظر الجوي المفروض على مطار السليمانية الدولي، من جانب السلطات التركية. وتابع كركوكي: «حتى لو أغلقوا مقراتنا في السليمانية، فسنواصل أنشطتنا السياسية في المحافل والأوساط الأخرى، فالمقرات بالنسبة لنا أمر ثانوي وحزبنا متوغل في صفوف الجماهير في كل أرجاء الإقليم، حتى في دهوك وزاخو وأربيل التي لا يسمح لنا فيها بالنشاط السياسي».
وتقول وزارة الداخلية إن القرار يشمل كل الأحزاب والمنظمات السياسية والمدنية غير المرخصة رسمياً من قبل حكومة الإقليم حصراً، وسينفذ بحق الجميع دون استثناء.
وكانت أحزاب سياسية قد انبثقت في الإقليم، منتصف العام الماضي، ولم تحصل على تراخيص رسمية من سلطات الإقليم إلى الآن، مثل حزب «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة» الذي أسسه الرئيس العراقي الحالي برهم صالح ربيع العام الماضي، والذي غير اسمه قبل أسابيع إلى حزب «التحالف الوطني»، بعد استقالة زعيمه برهم صالح وعودته إلى صفوف «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وكذلك حراك «الجيل الجديد» الذي أسسه رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد في السليمانية منتصف العام الماضي أيضاً.
من جانبه، أوضح آرام سعيد، القيادي في حراك «الجيل الجديد»، أن حزبه الذي لم يحصل على إجازة رسمية من سلطات الإقليم خاض الانتخابات النيابية في العراق وحصد أربعة مقاعد في مجلس النواب العراقي، كما حصد ثمانية مقاعد في برلمان الإقليم في الانتخابات التي جرت في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وهذا في حد ذاته يعتبر ترخيصاً وتفويضاً له بالعمل السياسي، وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «حراكنا يمارس نشاطه السياسي دون أي عراقيل، ولم تبلغنا أي جهة أمنية بإغلاق مقراتنا، وفي حال تم تبليغنا بذلك فستكون لنا كلمتنا حينذاك».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.