إسرائيل تصعّد ضد وجود السلطة في القدس الشرقية

اعتقالات بالجملة على خلفية تسريب ممتلكات وتهديدات متبادلة حول معتقل فلسطيني أميركي

معتقلون فلسطينيون في القدس لدى اقتيادهم إلى المحكمة الإسرائيلية أمس (ا. ب)
معتقلون فلسطينيون في القدس لدى اقتيادهم إلى المحكمة الإسرائيلية أمس (ا. ب)
TT

إسرائيل تصعّد ضد وجود السلطة في القدس الشرقية

معتقلون فلسطينيون في القدس لدى اقتيادهم إلى المحكمة الإسرائيلية أمس (ا. ب)
معتقلون فلسطينيون في القدس لدى اقتيادهم إلى المحكمة الإسرائيلية أمس (ا. ب)

صعدت إسرائيل حربها المفتوحة ضد الوجود الرسمي الفلسطيني في القدس الشرقية، واعتقلت 32 فلسطينيا في المدينة منتمين للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، وحركة «فتح».
والاعتقال غير المسبوق لهذا العدد من عناصر السلطة في القدس جاء بعد يوم واحد فقط من اعتقال محافظ القدس عدنان غيث، الذي يعتبر أعلى مسؤول للفلسطينيين في المدينة بصفته ممثل الرئيس محمود عباس.
وقالت الشرطة الإسرائيلية بأنها اعتقلت «مشتبهين» بالتجنيد والخدمة في أجهزة الأمن الفلسطينية.
وجاء في بيان للشرطة أنه «مع نهاية تحقيق سري أجرته وحدة التحقيق المركزية للواء القدس، تم إلقاء القبض على 32 مشتبهاً من سكان شرقي القدس، يحملون بطاقات هوية زرقاء (هوية إسرائيلية)، وعملوا كنشطاء في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبعضهم يحصل على خصائص (مخصصات) من دولة إسرائيل، كل ذلك بشكل منافٍ للبند 7 لقانون التطبيق، الذي يحظر التجنيد لصفوف القوات المسلحة التابعة للسلطة الفلسطينية».
وتابعت الشرطة أن «بعض الأنشطة المنسوبة للمشتبهين، تضر بشكل مباشر بالمواطنين العرب الإسرائيليين وأمنهم الشخصي».
واقتحمت القوات الإسرائيلية الكثير من المنازل في القدس في أوسع حملة من نوعها ضد السلطة، واعتقلت الشبان ثم نشرت صوراً لبطاقات عضوية في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبزات عسكرية فلسطينية، ومعدات مختلفة.
وهددت إسرائيل بأنها ستتعامل «بشكل حازم دون هوادة ضد السكان والمواطنين الإسرائيليين الذين يعملون باسم السلطة الفلسطينية» وما اعتبرته «منظمات إرهابية أخرى» الأمر الذي رأت أنه «يشكل انتهاكا للقانون بما في ذلك المس بسيادة دولة إسرائيل وأمنها».
وتمنع السلطات الإسرائيلية، أي عمل رسمي للسلطة في القدس باعتبار المدينة عاصمة موحدة لإسرائيل، وبالتالي فإن السيادة على المدينة إسرائيلية، لكن السلطة تتعامل مع المدينة باعتبارها العاصمة المستقبلية للدولة العتيدة.
والحرب على التمثيل في القدس ليست جديدة لكنها تصاعدت وتأججت بعد بدء السلطة تحقيقات واسعة حول تسريب عقارات هامة في المدينة لمستوطنين.
وقال الناطق الرسمي لقوات الأمن الفلسطيني اللواء عدنان ضميري بأن ما تقوم به قوات الاحتلال في مدينة القدس من اعتقالات وملاحقات لضباط المؤسسة الأمنية وأبناء فتح، لن تثني الشعب عامة والمقدسيين خاصة عن أداء واجبهم الوطني والأخلاقي والإنساني.
واتهم الضميري السلطات الإسرائيلية، بمحاولة «ثني أبناء قوى الأمن عن واجبهم المقدس في الكشف عن مخططات السلب والنهب والتزوير لتسريب الأراضي للمستوطنين وخاصة في مدينة القدس».
وأضاف «أن الاحتلال يجب أن يدرك أن كل إجراءاته التعسفية لن تحول دون مواصلة الشعب الدفاع عن مدينته القدس العربية والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين وعن كنيسة القيامة، وسيقف بكل صلابة في مواجهة مسربي العقارات، والمستوطنين المدعومين من حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، وسينتصر في كل معاركه العادلة كما انتصر في معركة البوابات الإلكترونية قبل عامين».
وأكدت حركة «فتح» على موقف الأجهزة الأمنية، وقالت بأن اعتقال أبنائها وأغلبهم أعضاء في الأجهزة الأمنية، لن يجعلها تتراجع.
ووجهت «فتح» رسالة واضحة لـ«أدوات الاحتلال الإسرائيلي وأعوانهم وعملائهم الذين يساعدونهم في تسريب العقارات الفلسطينية» قائلة «إن التاريخ والأرض والشعب لن يرحموا كل من باع نفسه رخيصة، وباع عرضه مقابل حفنة من الدولارات التي لن تستر وجهه فوق الأرض وجسده تحتها، الخزي والعار سيلاحقهم في كل مكان».
وأكد منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم: «ستستمر الحركة في نهجها النضالي ضد الاحتلال وأعوانه وضد مسربي الأراضي ولن تثنيها هذه الاعتقالات عن محاسبة كل من يحاول المساعدة في تهويد المدينة».
ويعتقد أن اعتقال أبناء السلطة في القدس جاء في نفس السياق الذي اعتقل فيه المحافظ وهو التحقيق معهم حول إجراء تحقيقات واعتقال مواطن من سكان القدس الشرقية للاعتقاد بأنه ساعد على بيع أراض لليهود ونقله إلى سجن المخابرات العامة الفلسطينية.
اعتقال أميركي - فلسطيني
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن اعتقال المواطن الإسرائيلي عصام عقل يشكل خطرا على أمن الدولة، وأن الإجراءات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية تهدف إلى إجبارها إلى إطلاق سراحه.
ونقلت الصحيفة عن اللفتنانت كولونيل (احتياط) باروخ يديد، الذي خدم في وحدة منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق أن إسرائيل بحاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لضمان إطلاق سراح عقل. لكن السلطة ترفض التجاوب مع الضغوط.
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن المؤسسة الأمنية «استطاعت أن تضرب على الوتر الحساس فيما يتعلق ببيع ونقل العقارات داخل مدينة القدس المحتلة خاصة بلدتها القديمة، وتمكنت من وضع اليد والتحفظ على إحدى أدوات الاحتلال المستخدمة في عملية الإقناع والبيع ونقل الأملاك، ما شكل ضربة قوية لمنظومة الاحتلال، وأظهرت من التحدي ما يكفي عندما أصرت على إبقاء هذا الشخص في سجون السلطة، رغم أنه يحمل الهوية المقدسية ويحمل أيضا الجنسية الأميركية، رغم الضغوطات الكبيرة والتهديدات التي وصلتها بشكل مباشر أو غير مباشر».
لكن الحرب في القدس ليست متعلقة فقط بهذا الشخص، بل حول تحقيقات واسعة بدأتها السلطة هناك على خلفية تسريب عقار تاريخي يقع بجانب المسجد الأقصى للمستوطنين الشهر الماضي.
والعقار المعروف بعقار آل جودة خلف جدلا كبيرا واستياء عارما في أوساط الفلسطينيين، وقاد إلى اتهامات متبادلة حول الجهة المتسببة في ذلك.
ونجحت جمعية استيطانية بالاستيلاء على العقار المكون من 3 طوابق على أرض بمساحة 800 متر بعد إبراز وثائق طابو إسرائيلية رسمية تثبت شراءهم له من فلسطينيين.
وتم شراء العقار من آل جودة بمليوني دولار ونصف ولا يعرف كم بيع للمستوطنين. ويمنع القانون الفلسطيني تسريب عقارات لليهود في أي منطقة فلسطينية.
والى جانب التهديد وملاحقة مسربي العقارات، استعانت المؤسسة الرسمية الفلسطينية، بالمؤسسة الدينية لمحاربة مسربي العقارات.
وأطلقت المرجعيات الدينية في الفترة الأخيرة عدة فتاوى شرعية ضد المسربين، وأفتى مفتي القدس والديار محمد حسين بأن «بيع الأرض للأعداء والسمسرة عليها لهم يدخل في المكفرات العملية، ويعتبر من الولاء للكفار المحاربين، وهذا الولاء مخرج من الملة، ويعتبر فاعله مرتداً عن الإسلام خائناً لله، ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ودينه، ووطنه، يجب على المسلمين مقاطعته، فلا يعاملونه ولا يزوجونه، ولا يتوددون إليه، ولا يحضرون جنازته، ولا يصلون عليه، ولا يدفنونه في مقابر المسلمين».
وهذه الفتوى أدت إلى رفض أهل القدس الصلاة على أحد المشتبهين قبل أسابيع بعد وفاته في حادث. وأمس، حذر إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس الشيخ عكرمة سعيد صبري، من إعلانات تبثها شركات إسرائيلية عبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تدعي فيها وتطرح إمكانية منح قروض مالية مغرية تصل إلى مئات الآلاف، بسهولة ويسر مقابل رهن ممتلكاتهم سواء كانت بيوتا أو عقارات أو أراضي.
وأضاف في بيان «هذا الأسلوب مشبوه ومرفوض، ويُقصد من ورائه تسريب هذه الممتلكات إلى عصابات المستوطنين».
وطالب صبري المواطنين «بعدم التعامل مع هذه الشركات الاستيطانية، وأن يكونوا حذرين من التوقيع على أي ورقة لا يعرفون مضمونها؛ إضافة إلى أن هذه المعاملات غير شرعية». وأردف «السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه، ويتحمل هذا الشقي مسؤولية تصرفه».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.