وزير الداخلية اللبناني: ننعم باستقرار أمني قلّ نظيره

وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مَثَّل الرئيس عون في مؤتمر «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على أفريقيا» (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مَثَّل الرئيس عون في مؤتمر «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على أفريقيا» (الوكالة الوطنية)
TT

وزير الداخلية اللبناني: ننعم باستقرار أمني قلّ نظيره

وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مَثَّل الرئيس عون في مؤتمر «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على أفريقيا» (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مَثَّل الرئيس عون في مؤتمر «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على أفريقيا» (الوكالة الوطنية)

قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، نهاد المشنوق: «إننا اليوم في لبنان ننعم باستقرار أمني قل نظيره بهذا الجزء من العالم، وحتى في كل العالم»، مشدداً على أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية تمثّل صورة لبنان الحقيقي، لبنان المبادرة والمثابرة والإبداع»، لافتاً إلى أن «الجيش والقوى الأمنية نجحوا في مواجهة الإرهاب وحماية لبنان من الحريق السوري وحرائق المنطقة».
وفي كلمة بافتتاح مؤتمر الأمن العام، بعنوان «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الأفريقية»، أشار المشنوق إلى أن «الرئيس عون مؤمن بضرورة مواجهة الإرهاب، بالتكاتف الوطني وبالعقل وبالسياسة وبالمؤسسات الأمنية والعسكرية».
وعلّق على حديث رئيس الجمهورية ميشال عون الأخير، حول مَثَل «سليمان الحكيم» و«أمّ الصبي»، بالقول: «الرئيس عون واحد من هؤلاء الرجال المسؤولين عن حماية لبنان من أي كبوة يقع فيها، وهو على قدر هذه المسؤولية بصفته المؤتمن على الوطن وحامي الدستور»، مؤكداً أن «(الصبي) لن يضيع، وهذه ليست الأزمة الأولى التي يمرّ بها لبنان»، ومعتبراً أنه: «لا بدّ للفراغ الحكومي أن ينتهي».
وقال: «صحيح أننا نواجه عثرات بعد مرور أكثر من 5 أشهر دون تشكيل الحكومة؛ لكن هذا التعطيل لا بد أن ينتهي، وأن تكتمل الحكومة. يعرف العالم أننا اليوم في لبنان ننعم باستقرار أمني قل نظيره في هذا الجزء من العالم، وبكل ثقة يمكننا القول إننا نعيش قصة نجاح في لبنان بجوانب كثيرة».
واعتبر أن هناك ثغرات في عملية التنسيق في المدّة الأخيرة، تحتاج إلى القدرة على التفاهم بين الأجهزة الأمنية، لافتاً إلى أنه لا يمكن للبنان أن ينتصر على الإرهاب لولا التكاتف الوطني. وشدد على أن «طرابلس هي مدينة الاعتدال، والشمال هو شمال الولاء للدولة».
وكان المؤتمر قد افتُتح بكلمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أكد فيها أن الإرهاب عدو مشترك بين البشر، والمجتمع الدولي مدعو للتوقف عن توجيه التعليمات عن بُعد، والتدخل عن قرب، مشدداً على أن «العالم بأكمله مدعو لفهم أن الإرهاب المتنقل إلى أفريقيا، هو تهديدٌ مميت للسلام في العالم أجمع». وقال: «استطعنا من خلال عملياتنا الاستباقية إحباط العشرات من العمليات الدامية، وطوّرنا مهاراتنا لمكافحة الإرهاب». وشدد على «ضرورة الانتقال إلى مرحلة مهاجمة الإرهاب، والمطلوب منع انتقال الإرهابيين، ومنع وصول إمداداتهم وملاحقتهم بلا هوادة، واعتماد نظام موحد لتبادل المعلومات، وتوقف بعض الدول عن الاستثمار في الإرهاب».
ولفت إبراهيم إلى أن مكافحة الإرهاب بحاجة لتلازم الإرادة السياسية مع الإدارة الأمنية، معتبراً أن «الإرهاب نجح في احتلال أراضينا، وتوجيه ضربات موجعة في الداخل، إلى أن كانت عملية (فجر الجرود) التي حررت الأرض وأعادت السيادة».
وشدد اللواء إبراهيم على أهمية منع انتقال الإرهابيين، وقطع خطوط تواصلهم ومنعهم من الحصول على الموارد، ومتابعة ما يفعلونه على الإنترنت، معتبراً أن الإرهاب لا يزال قادراً على تنفيذ بعض العمليات: «لا سيما ما يسمّى (الذئاب المنفردة) والدهس»، وهو ما زال قادراً على التسلّح وتجنيد مقاتلين وانتحاريين، وزرع الأفكار المتطرفة لحصد العدد الأكبر من الأرواح. وشدد على أن «مؤتمرنا للتنبيه ولضرورة التعاون». وأضاف أن الوقت قد حانَ ليُعلن العالم الحرب على الإرهاب، وأن هناك ضرورة للتعاون الدولي في مجال تبادل التقنيات والمعلومات الاستخبارية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.