رحيل عادل أمين «رمانة ميزان» دراما الثمانينات المصرية

عادل أمين
عادل أمين
TT

رحيل عادل أمين «رمانة ميزان» دراما الثمانينات المصرية

عادل أمين
عادل أمين

على طريقة لاعبي كرة القدم في وسط الملعب، ممن لا يحرزون الأهداف بكثافة؛ لكن خبراتهم تظل عاملاً رئيساً في فوز أو خسارة الفريق، أمضى الفنان الراحل، عادل أمين، حياته الفنية في ملعب الدراما. فالرجل الذي غيبه الموت، أمس، عن عمر يناهز 83 عاماً، ظلت صورته لصيقة بذاكرة متابعي المسلسلات التلفزيونية المصرية، وعلى الأخص في حقبة الثمانينات.
حقق أمين معادلة تليق بسماته الشخصية والمهنية. فمن جهة لم يكن يملك صفات البطل المتصدر للأعمال الفنية، وذلك وفق معايير يتفق البعض أو يختلف معها؛ لكنه على الجهة الأخرى استطاع أن يكون «رمانة ميزان» في الأعمال التي شارك فيها، وبات الجمهور الذي لا يعرف اسمه على وجه الدقة لا ينسى صورته.
جنباً إلى جنب مع أقرانه الفنانين، أمثال: سيد عبد الكريم، ومحمد متولي، وسيد عزمي، ومحمود الحديني، ومحمد كامل، شكّل عادل أمين «تكتلاً درامياً» لم يُعلن عن تأسيسه؛ لكن اثنين من أبرز صناع الدراما، وهما الراحل أسامة أنور عكاشة، وتوأمه الفني المخرج إسماعيل عبد الحافظ، استندا إليه في كثير من أعمالهما.
أكد أمين طوال رحلته المهنية الممتدة لنحو نصف قرن، على حضور دائم في المرحلة الذهبية للدراما المصرية، وذلك بأدوار لا تزال مذكورة في «ليالي الحلمية» بأجزائه الخمسة من 1987 – 1995، و«رحلة أبو العلا البشري» 1986، و«ضمير أبلة حكمت» 1991، و«أرابيسك» 1994، و«زيزنيا» 1997.
ولم يقصر أمين مشاركاته على الثنائي الدرامي «عكاشة - عبد الحافظ»، إذ إن واحدة من أبرز إطلالاته الدرامية كانت في مسلسل «رأفت الهجان 1988»، الذي كتبه صالح مرسي، وأخرجه يحيى العلمي. وقدم الفنان الراحل شخصية اليهودي الصهيوني، عزرا صامويل، المشكك دائماً في ولاء وانتماء بطل القصة، رأفت الهجان، الذي أدى دوره الراحل محمود عبد العزيز.
ويبدو أن إتقان أمين لأدوار الشر مهد الطريق طويلاً لاستمراره على الشاشة محصوراً في المساحة نفسها، غير أنه ومع ذلك ظل حاضراً وإن كان بشكل خافت طوال السنوات القليلة الماضية. وبنظرة على مجمل مشاركاته، يستطيع الراصد أن يدرك كيف أنه قدم في العام الجاري 3 أعمال، هي «أبو عمر المصري»، و«فوق السحاب»، و«الرحلة».
ورغم أن التكريم لم يطرق كثيراً باب أمين طوال رحلته الفنية، فإن نقابة الفنانين نوهت برحيله، ولفتت إلى أعماله البارزة.



الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
TT

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

تعود أحداث فيلم «صيفي»، الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات، حيث يأخذ المشاهد في رحلة درامية مشوقة تسلط الضوء على طموح الثراء السريع والتحديات التي تواجهها المجتمعات في تلك الحقبة.

الفيلم، المرشح لجائزة مسابقة الأفلام الطويلة، يحكي قصة رجل أربعيني يُدعى صيفي محمد، الذي يعيش وهم تحقيق ثراء سريع باستخدام مهاراته المحدودة، إلا أنه يجد نفسه محصوراً بين فرقته الشعبية التي تُحيي الأفراح الجماعية، وإدارة متجره الخاص «شريط الكون» الذي يبيع فيه أشرطة كاسيت متنوعة، لا سيما تلك التي تتعلق بالخطب الإسلامية الممنوعة، التي يحصل عليها من المهدي حسام الحارثي، المستشار الديني لرجل الأعمال الشيخ أسعد أمان.

وفي خضم حياة مليئة بالتجارب الفاشلة، يعثر صيفي على شريط يحتوي على تسجيل سري بين الشيخ أسعد والمهدي، يكشف عن فضيحة تضع مكانة الشيخ الاجتماعية على المحك، بعدها يقرر صيفي خوض مغامرة خطيرة لابتزاز المهدي مالياً، مستغلاً سراً يمكن أن يُدمّر حياة الجميع. ومع تسارع الأحداث يضطر صيفي للاختباء في منزل طليقته رابعة، التي تشارك في جلسات تطوير الذات واستشفاء الطاقة، إلى جانب أختها رابية، حينها يجد في علاقتهما المضطربة فرصة للبقاء عندها أطول فترة ممكنة.

مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، وائل أبو منصور، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن فكرة الفيلم جاءت من شخصية صيفي التي كانت مثيرة بالنسبة لي، فهو شخص يعيش وهم النجاح ولكنه لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، وهذا التناقض جذبني لشخصيته، وحاولت أن أقدم شخصية معقدة ترسخ في ذاكرة المشاهد.

وأوضح أبو منصور أن الفيلم يناقش قضايا حساسة مثل الابتزاز والفساد الديني، وهي مواضيع قد تثير الكثير من الجدل، وأضاف: «كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو الحفاظ على التوازن في طرح هذه القضايا دون الإساءة للمعتقدات أو المجتمع أو الأجيال المختلفة، في المقام الأول، لقد كان من الضروري أن نكون حذرين في تقديم هذه المواضيع، بحيث لا نوجه اتهامات مباشرة أو نظهرها بطريقة يمكن أن تضر بالمجتمع أو تؤذي مشاعر الناس».

وتابع مخرج العمل: «حاولنا أن نعرض هذه القضايا من خلال السياق الدرامي الذي يثير التساؤلات ولا يقدم إجابات قاطعة، بل يحفز المشاهد على التفكير والنقد بشكل مفتوح، كانت هناك حاجة لإيجاد طريقة لتقديم هذه المواضيع بشكل واقعي، مع الحفاظ على احترام الأبعاد الاجتماعية والدينية. لكن الأهم من ذلك هو إيجاد الأسلوب الذي يعكس التعقيد البشري لهذه المواضيع، بدلاً من أن نقدمها بشكل سطحّي أو مسيء».

وفي ختام حديثه يقول أبو منصور إنه حرص على أن يكون «صيفي» متوازناً بين إظهار الحقيقة التي قد تحيط بهذه القضايا، والتأكيد على أن هذا لا يعكس المجتمع ككل، بل يعكس جزءاً من واقعه المعقد، وكان الهدف فتح حوار بنّاء بين الأفراد والمجتمع حول هذه القضايا، بدلاً من استغلالها لأغراض إثارة الجدل أو الهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي تم تصويره في مدينة جدة الساحلية مطلع عام 2023، واستغرق العمل عليه 28 يوماً، روعي فيه اختيار مواقع تصوير تعكس تلك الحقبة الزمنية لتجنب إرباك المشاهد؛ حيث تم اختيار أحياء ومواقع قديمة من المدينة، ومنها حي الرويس وحي البغدادية العتيقة لتكون ساحات لتصوير مشاهد الفيلم».