ألبرتو فرنانديز لـ «الشرق الأوسط»: ليست لدينا خطوط حمراء لكن المنطقة العربية مليئة بالألغام

مدير الشبكة المشرفة على قناة «الحرة» يؤكد أهمية مواجهة أذرع إيران الإعلامية

ألبرتو فيرنانديز («الشرق الأوسط»)
ألبرتو فيرنانديز («الشرق الأوسط»)
TT

ألبرتو فرنانديز لـ «الشرق الأوسط»: ليست لدينا خطوط حمراء لكن المنطقة العربية مليئة بالألغام

ألبرتو فيرنانديز («الشرق الأوسط»)
ألبرتو فيرنانديز («الشرق الأوسط»)

كانت مهمة الدبلوماسي والمحلل والمؤرخ السياسي ألبرتو فرنانديز عندما تولى منصب مدير {شبكة الشرق الأوسط للإرسال} المشرفة على قناة الحرة في يوليو (تموز) 2017 هي إعادة الحياة في الشبكة وتطويرها وإرساء هوية جديدة تستطيع بها الحرة المزاحمة بين فضاء إعلامي يغلب عليه الاستقطاب السياسي أحيانا والطائفية أحيانا وتحقيق أجندة سياسية في أغلب الأحيان. كانت مهمته أن يقود فريقا محترفا لجذب المشاهد بتقنيات وبرامج جديدة وتقديم الأخبار ومناقشة الموضوعات بتوازن وموضوعية ومن دون خطوط حمراء.
انطلقت قناة الحرة في أوائل الشهر الجاري لتطل على مشاهديها بوجوه جديدة ومضمون مختلف وينطلق البث من كل من مقر القناة في ولاية فيرجينيا وفرع القناة في دبي. وفي هذا الحوار يشرح فرنانديز كيف قام بهذه المهمة وما هي الهوية الجديدة للقناة وأهدافها ويرد على الانتقادات والاعتراضات التي واجهت قناة الحرة وفيما يلي نص الحوار:

> توليت منصبك منذ يوليو (تموز) 2017 واعتمدت خطة لتجديد شبكة الشرق الأوسط لتخرج في ثوب جديد مع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري فما هي الخطة التي اعتمدتها وما هي الهوية الجديدة للشبكة؟
- هذه هي فقط بداية التطوير، فقد مرت شبكة الشرق الأوسط للإرسال وقناة الحرة بأزمة وجودية، وراءها عدة أسباب، وكان أمامنا تحديات تقنية وإدارية وفنية مرتبطة بجمالية الصورة وتحديات مع البرامج والأخبار وطبيعة هذه الأخبار. بصراحة كان الوضع كارثيا وإنتاجا هامشيا وضعيفا. وتجربتي كدبلوماسي وكمشاهد للإعلام والصحافة العربية لعدة سنوات وعملي كمتحدث للخارجية وكمستشار إعلامي ومدير الدبلوماسية في الشرق الأوسط، كان واضحا أن ما تقدمه الشبكة لم يكن به شيء مشوق وإنما كان نسخة مكررة لما هو موجود في القنوات الأخرى.
كان التحدي أمامنا في البداية، أن نصنع هوية للشبكة لتقديم شكل ومحتوى مشوق ومختلف ومتوازن، وبدأنا في أخذ خطوات في مواجهة كل هذه التحديات. وكان لدينا تغييرات كبيرة بلغت 50 في المائة من العاملين واستبدالهم.
كان لدينا برامج من دون جمهور تم إلغاؤها. وكان افتقاد الرؤية جزءا أساسيا من المشكلة. ووضعنا هدفا أن تكون لنا هوية إصلاحية وتنويرية، ونحن لا نقارن أنفسنا بالمحطات الأخرى وإنما نضع تحديا بين ما كنا فيه وما نصبو إليه في المستقبل.
كانت الخطوة الأولى هي أن ننافس ونطور في التقنيات والغرافيك وأداء المذيعين والمذيعات وطبيعة الأخبار وقدمنا 12 ساعة من الأخبار بدلا من 4 ساعات بما يحقق المرونة والحرية في تغطية الأحداث. كان بعض الشكوى أن الحرة متأخرة في تقديم الأخبار لأنها تبث من ولاية فيرجينيا بأميركا مع اختلاف التوقيت مع منطقة الشرق الأوسط، وعالجنا هذا الأمر، ولأول مرة في تاريخ الشبكة أصبح عندنا طاقم أخبار في دبي ويتم بث الأخبار من المنطقة بما يحقق انسجاما في الجهد الإعلامي والإخباري بما يتوافق مع الأحداث في المنطقة.
> مقر الحرة الرئيسي في فيرجينيا ومكتبها في المنطقة افتتح في دبي. هل هناك تفكير في فتح مكاتب أخرى في عواصم عربية وهل هناك زيادة في الميزانية التي تبلغ 112.7 مليون دولار حاليا؟
- لدينا مراسلون من المحيط للخليج والفكرة ليست في إنشاء مكاتب وإنما الحصول على تغطيات متميزة من خلال زيادة المراسلين في أماكن لا نملك مراسلين بها مثل ليبيا على سبيل المثال. الميزانية كما هي وليست لدينا مشكلة في تمويل التغييرات التي نقوم بها هذا العام والعام المقبل وسنقوم بتحسينات تقنية وربط بين المواقع الإلكترونية والراديو والتلفزيون والتواصل الاجتماعي وتبادل التقارير. فالمشاهد ينوع في مصادر حصوله على المعلومات ما بين مشاهدة التلفزيون والاستماع للراديو وقراءة مواقع التواصل والمواقع الإخبارية لذا يجب أن يكون لدينا مرونة دون جدران ما بين الحرة وسوا وتبادل وتناقل المعلومات بطريقة سهلة وسريعة. وليس لدينا خطوط حمراء في عملنا بالحرة، التمويل من الحكومة الأميركية لكن الحرة وسوا لا تترتب عليها توجهات سياسية مباشرة أو غير مباشرة من الحكومة الأميركية ولدينا الحرية. وجزء من عملنا تغطية الأحداث الأميركية بطريقة جادة وعميقة لكن هذا لا يعني الترويج للإدارة الأميركية.
> عندما تقيم مدى نجاح القناة هل تقيم بنسب المشاهدة أم القدرة على التأثير؟
- أولا لا بد أن نعترف أننا بدأنا تقريبا من الصفر، فباستثناء العراق الذي نملك فيه نسب مشاهدة عالية، فإن الحرة ليس لها جمهور في المنطقة فنحن نريد زيادة نسب المشاهدة وزيادة القدرة على التأثير لكننا في مرحلة الآن يجب أن نأخذ خطوات كثيرة قبل أن ننطلق. كان لدينا أخطاء تقنية وفنية أمام ووراء الشاشة وأريد جمهورا أكبر وتأثيرا أكبر ولكن الأهم من ذلك نحن نحاول أن نقدم الاختيار للمشاهد وليس نسخا من قنوات أخرى وبرامج أخرى، فالمحطات متشابهة والحرة لها أسلوب وطبيعة عمل متميزة ومختلفة عن الآخرين وهذا ما أريد أن أقدمه وللمشاهد الاختيار. أنا لا أهتم بنسب المشاهدة، فلسنا محطة تجارية فالهدف أولا وأخيرا هو تقديم منتج جيد بهوية خاصة.
> قلت إنه ليس لدى القناة خطوط حمراء في تناول الأحداث، لكن ماذا بشأن تناول قضايا يمكن أن تثير جدلا داخل المنطقة العربية التي لديها بالفعل خطوط حمراء؟
- هذا صحيح نحن ليس لدينا خطوط حمراء لكن المنطقة العربية مليئة بالخطوط الحمراء والألغام وهذا هو الواقع ونحاول أن نمارس الموضوعية والتوازن لكن المشكلة أن هناك تيارا اعتاد على التملق وليس على التوازن ويعتبر الموضوعية والتوازن نوعا من الانتقاد. نقوم بتغطية كل الأمور الجيدة والسلبية، فعلى سبيل المثال قرار الرئيس ترمب نقل السفارة الأميركية إلى القدس قمنا بتغطية كل تصريحات الرئيس الأميركي وأيضا استضفنا محللين ومعلقين قدموا رؤيتهم سواء اتفقوا مع القرار أو انتقدوا الرئيس ترمب بشدة. وهي محاولة للحصول على أقصى قدر من المصداقية.
> هل صادفت الشبكة مشاكل مع الحكومات العربية فيما يتعلق بمستويات الحرية؟
- أحيانا يوجد مستوى معين من التوتر، أحيانا مسؤولون يشتكون من طريقتنا بصورة غير مباشرة، وأحيانا هجمات من صحافة موالية لأصدقاء إيران وشهدنا ذلك في لبنان والعراق ونحن نغطي العدوان والتغلغل الإيراني في المنطقة والبعض كان يعتقد أن الحرة لن تغطي هذه الأمور لكن تحت قيادتي سنغطي هذه الأحداث وما يتعلق بالميليشيات الإيرانية في بعض الدول العربية. وقد واجهنا بالفعل انتقادات وهجوما من الشبكات الإعلامية التي تمولها إيران.
> هذا يقود للسؤال عن الطائفية والاستقطاب السياسي، فإذا كانت الحرة تهاجم النفوذ الإيراني وميليشيات إيران وقنوات أخرى تهاجم الحرة فيقع المشاهد في خضم الاستقطاب والطائفية؟
- الفارق أننا ننتقد الطائفية بكل أشكالها فإحدى الكوارث في المنطقة هي نمو التطرف والعنف السياسي من الحركات التي تسمي نفسها إسلامية وإخوان مسلمين ونغطي ذلك ونقدم قصص الضحايا لدى الشيعة ولدى السنة والمسيحيين والإيزيديين بسبب الطائفية والتطرف وهذه هي فرصة لنمارس التوازن لأننا مؤمنون بحرية التعبير ونحاول أن نحقق هذا الهدف وهو الموضوعية واحترام كل الأصوات.
> قلت إن هوية شبكة الشرق الأوسط هي هوية إصلاحية وتنويرية هل هذا ينطبق على توجه الشبكة لتقديم رؤية جديدة للإسلام من خلال برامج مثل إسلام حر وبرنامج مختلف عليه، ألا تخشى أن يتم اتهام الشبكة وقناة الحرة بالترويح لنسخة جديدة للإسلام؟
- إطلاقا لا أخشى من هذا الاتهام، فنحن نريد أن نقدم منبرا حرا للأصوات المستقلة، والهدف أن كل شيء مباح للنقاش والحديث، فلدينا جمانة حداد وإسلام بحيري وإبراهيم عيسى وآخرون نقدم لهم منبرا للحديث عما يريدون طرحه، وعندنا برامج أخرى مع شخصيات أخرى نقدم لهم الحرية الكاملة للحديث عما يريدون.
الهدف ليس تقديم الإسلام بطريقة مختلفة وإنما ترسيخ مبدأ التفكير النقدي وهو أمر ليس مرتبطا فقط بالدين وإنما أيضا بالسياسة والحياة. نحن نقدم منبرا مفتوحا للأفكار المنفتحة للعالم والأفكار الإصلاحية وأعتقد أن المنطقة بحاجة للإصلاح.
> تقدم الشبكة برنامج «الحكي سوري» وكثيرا من الموضوعات في برنامج من داخل واشنطن وبرنامج عاصمة القرار تتعلق بالوضع السوري ما الذي تستهدفه القناة؟
- الوضع السوري موضوع كبير ومهم، وقد عشت ثلاث سنوات في الشام ولدي أصدقاء كثيرون وهناك أسباب كثيرة لهذا الوضع السوري منها القمع الذي مارسه النظام لعدة سنوات والتدخل الأجنبي والطائفية وحركات متطرفة وتمويلات خارجية مع الحلم الإيراني للهيمنة على المنطقة، فالوضع معقد وتركيزنا على الأفراد. إحدى مشاكل سوريا أن كل طرف ينظر إلى الآخرين بتعميم وإطلاق توصيف عام إما أنصار النظام أو معارضو النظام، ونحن ننظر إلى الجانب الإنساني، إلى الفرد والمأساة الشخصية، إلى الأبرياء الذين ليس لهم ذنب في تلك الأوضاع المعقدة. نحاول أن نقدم هذا الواقع المعقد ونحترم الفردية والكرامة الإنسانية. نقدم صورة غنية بالتفاصيل عن الأفراد كبشر وليس مجموعة من الأبرياء أو مجموعة من المذنبين.
> في الوقت الذي تروج فيه الشبكة لحرية الرأي والتعبير نجد انتقادات من الرئيس ترمب في وصف الإعلام الأميركي أنه ينشر أخبارا مزيفة وأنه عدو للشعب الأميركي كيف تفسر هذا الأمر؟
- أولا التوتر بين الرئيس والإعلام ليس أمرا جديدا والاستقطاب السياسي بين الإعلام والإدارة الأميركية ليس أمرا جديدا وهو موجود منذ أكثر من 200 عام، وكان دائما هناك اتهامات وقضايا توتر وهجوم وفي الوقت نفسه توجد بنية تحتية قانونية وفكرية تهتم بوجود الصحافة الحرة. لذا التوتر موجود والحرية أيضا موجودة. وقد كانت هناك محاولات للهيمنة على الصحافة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية. ومؤخرا شاهدنا الرئيس ترمب يطرد صحافيا مثيرا للجدل وماذا حدث؟ شبكة سي إن إن لجأت إلى المحكمة وأصدر القاضي قراره بإرجاع الصحافي إلى عمله كمراسل بالبيت الأبيض.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تساؤلات بشأن اعتماد مقاطع الفيديو الطولية في الأخبار

مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
TT

تساؤلات بشأن اعتماد مقاطع الفيديو الطولية في الأخبار

مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)

أثار اعتماد مواقع إخبارية كبرى، أخيراً، على مقاطع الفيديو الطولية تساؤلات بشأن أسباب ذلك، ومدى تأثيره في الترويج للمحتوى الإعلامي وجذب أجيال جديدة من الشباب لمتابعة وسائل الإعلام المؤسسية. وبينما رأى خبراء أن مقاطع الفيديو الطولية أكثر قدرة على جذب الشباب، فإنهم لفتوا إلى أنها «تفتقد لجماليات الفيديوهات العرضية التقليدية».

معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام أشار، في تقرير نشره أخيراً، إلى انتشار مقاطع الفيديو الطولية (الرأسية) في مواقع إخبارية كبرى مثل «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز». واعتبر أن «مقاطع الفيديو الطولية القصيرة، التي تُعد عنصراً أساسياً في مواقع التواصل الاجتماعي تشق طريقها بشكل كبير».

ولفت معهد «نيمان لاب» إلى أن «مقاطع الفيديو التي تنتشر بكثرة على (إنستغرام) و(تيك توك) و(يوتيوب)، تلقى نجاحاً عند استخدامها في مواقع الأخبار»، مستشهداً باستطلاع نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، العام الماضي، أفاد بأن 66 في المائة من عينة الاستطلاع يشاهدون مقاطع فيديو إخبارية قصيرة كل أسبوع، لكن أكثر من ثلثي المشاهدات تتم على منصات التواصل.

رامي الطراونة، مدير إدارة الإعلام الرقمي في «مركز الاتحاد للأخبار» بدولة الإمارات العربية المتحدة، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن اتجاه المواقع الإخبارية لاستخدام مقاطع الفيديو الطولية «يعكس تغيراً في طريقة استهلاك الجمهور للمحتوى، ومحاولة للتكيف مع تطور سلوكياته»، وأرجع هذا التطور في سلوكيات الجمهور إلى عوامل عدة، أبرزها «الاعتماد على الهواتف الجوالة في التفاعل الرقمي».

وتابع الطراونة أن «وسائل الإعلام تحاول الاستفادة من النجاح الكبير للفيديوهات القصيرة على منصات التواصل، وقدرة هذا المحتوى على جذب الجمهور»، وأشار إلى أن «استخدام مقاطع الفيديو الطولية غيّر تجربة تلقي الأخبار وجعلها أكثر جاذبية وبساطة وتركيزاً وسهولة في الاستهلاك، نظراً لمحاكاتها التجربة ذاتها التي اعتاد عليها المتابعون في منصات التواصل». ونبه إلى أن المستخدمين يميلون إلى تمضية وقت أطول في مشاهدة الفيديوهات الطولية القصيرة والمتنوعة والتفاعل معها مقارنة بالفيديوهات العرضية التي تتطلب تغيير وضع شاشة الجوال لمتابعتها.

وأضاف الطراونة، من جهة ثانية، أن غالبية الجهات الإعلامية بدأت بتوجيه مواردها نحو هذا النمط من الفيديو، الذي يعزز فرص الانتشار والاستهلاك، وأن «مقاطع الفيديو الطولية تعتبر أداة فعالة لجذب الشباب، الذين يميلون للمحتوى البصري الموجز والمباشر، كما أن الفيديو الطولي يعكس أسلوب حياة الشباب الرقمي الذي يعتمد على الهواتف الجوالة».

هذا، وفي حين أرجع الطراونة التأخر في اعتماد مقاطع الفيديو الطولية - رغم انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي منذ سنوات - إلى «القيود التقنية والأساليب التقليدية لإنتاج الفيديو»، قال إن معظم الكاميرات والشاشات والمعدات كانت مصممة لإنتاج الفيديو الأفقي ذي الأبعاد 4:3 أو 16:9، وكان هذا هو الشكل المعياري للإعلام المرئي سابقاً. ثم أوضح أن «إدراك منصات الإعلام التقليدية لأهمية الفيديو الطولي لم يترسخ إلا بعد بزوغ نجم منصات مثل (تيك توك) إبان فترة جائحة كوفيد-19، وبعدها بدأت تتغير أولويات الإنتاج وباشرت بدعم هذا الشكل الجديد من المحتوى تدريجياً».