السراج يخلي معسكرات الجيش في طرابلس

مدير أمن العاصمة الليبية السابق يتعرض لمحاولة اغتيال

السراج يخلي معسكرات الجيش في طرابلس
TT

السراج يخلي معسكرات الجيش في طرابلس

السراج يخلي معسكرات الجيش في طرابلس

سعى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، أمس، إلى تأكيد سيطرته على العاصمة طرابلس التي تعرض مدير أمنها السابق لمحاولة اغتيال، بعد ساعات فقط من إشادة المبعوث الأممي غسان سلامة بتحسن الوضع الأمني فيها.
وأصدر السراج تعليمات بإخلاء معسكرين تابعين لقوات الجيش في المدينة ونقل تبعيتهما إلى جهات مدنية تابعة لحكومته التي تحظى بدعم من الأمم المتحدة. وقال السراج الذي زار معسكر الجيش في طريق السواني بطرابلس، برفقة مسؤولين عسكريين وحكوميين، إنه أمر بإخلاء المعسكر خلال 72 ساعة وتسليمه والمقار العسكرية المقامة داخله لصندوق الإنماء، وانتقال الشرطة العسكرية إلى معسكر آخر.
وأوضح السراج الذي يُعتبر بموجب منصبه القائد الأعلى للجيش الليبي أنه «يجب الاستفادة من المساحة الشاسعة للمعسكر وإقامة مرافق مدنية يستفيد منها المواطنون في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم وغيرها».
وأمر لدى زيارته إلى معسكر النقلية في طريق مطار طرابلس الدولي بإخلاء المعسكر وتسليمه إلى صندوق الإنماء، معتبراً أن هذه الإجراءات تنطبق على المعسكرات كافة في طرابلس، وسيعاد تمركز القوات التي تشغلها في مواقع أخرى «ليتولى صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي استثمارها بما يفيد ويخدم المواطنين».
وكان مدير أمن طرابلس السابق العميد صلاح السموعي تعرض لمحاولة اغتيال قرب منزله جنوبي طرابلس. وقالت مصادر أمنية وسكان إن السموعي «أصيب إصابة بالغة» بعدما تعرض لإطلاق نار من مسلحين مجهولين لاذوا بالفرار.
وتمنى الناطق الرسمي باسم «كتيبة ثوار طرابلس» عبد الرحمن المزوغي الشفاء العاجل للسموعي الذي يبدو أنه خضع أمس لعملية جراحية. وأطاح وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشا أغا السموعي من منصبه بشكل مفاجئ مطلع الشهر الجاري، في إطار تغييرات شملت معظم قيادات الأمن في الوزارة.
وكان المبعوث الأممي غسان سلامة أبلغ ممثلين عن مدينة ترهونة لدى زيارته لها، أول من أمس، «لبحث الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس وخطة الأمم المتحدة، بما فيها الملتقى الوطني والانتخابات»، أنه «منذ اتفاق وقف إطلاق النار، تحسن الوضع في طرابلس وانسحبت مجموعات مسلحة من بعض الأماكن». وأضاف: «صحيح الأمور لا تحدث في ليلة وضحاها إلا أننا نرى تغييرات فعلية».
وشهدت أطراف طرابلس نهاية أغسطس (آب) الماضي اشتباكات دامية بين قوات تابعة لحكومة الوفاق و«اللواء السابع» المتحدر من مدينة ترهونة، تسببت بمقتل أكثر من 100 شخص وإصابة نحو 500 بجروح متفاوتة معظمهم من المدنيين.
ونجحت وساطة قادتها الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار، على أن تنسحب المجموعات المسلحة من المقار الحكومية في العاصمة وتكليف قوات نظامية بمهمة حمايتها.
وأعرب سلامة عن أمله بعقد «الملتقى الوطني من أجل أن يتمكن الليبيون من اتخاذ قرار بشأن تحديد موعد الانتخابات وإطار العمل الدستوري وآلية لحسن توزيع الموارد ومواضيع أخرى»، لافتاً إلى أنه سيرفع هذه التوصيات إلى مجلس الأمن للضغط من أجل تنفيذها.
إلى ذلك، نفت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق تقارير صحافية عن طلب وزير الداخلية من السراج مراقبة هواتف بعض قيادات الأجهزة الأمنية. واعتبرت ما نشر «ضمن حملة مغرضة للتقليل من حجم الجهود المبذولة لاستتباب الأمن عبر إجراءات وقرارات صائبة وشجاعة».
من جهة أخرى، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم على بلدة تازربو في صحراء جنوب شرقي ليبيا، وزعم في بيان عبر «وكالة أعماق» التابعة له أن 29 شخصاً من عناصر الجيش الليبي «إما قتلوا أو أصيبوا» في الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي. وتوعّد التنظيم قوات الجيش بهجمات أخرى، لافتاً إلى أن ضحايا الهجوم الأخير هم «ضبّاط وعناصر» من قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
في المقابل، قالت «كتيبة سبل السلام» التابعة للجيش في الكفرة إن «عناصر الجيش هاجموا بوابة وادي الحطب وتم القضاء على 9 أشخاص من العصابات الإرهابية وحرق سيارة مسلحة»، مشيرة إلى أنه «بعد تتبع أثر السيارات التي هاجمت مدينة تازربو بالتزامـن مع وجود سيارتين للعصابات المسلحة التشادية تم الاشتباك معهم والقضاء على نحو 14 شخصاً، وبذلك يكون العدد الإجمالي للقتلى 23 قتيلاً».
وأدانت بعثة الأمم المتحدة «الهجوم الإرهابي الدامي»، وقالت في بيان مساء أول من أمس إنها «تدين الهجوم الإرهابي الدامي الذي طال واحة تازربو... ونسب إلى تنظيم داعش وفقاً للسلطات المحلية». وقتل تسعة أفراد من الشرطة على الأقل وخُطف 11 في هجوم على مركز للشرطة في تازربو، حيث جرت اشتباكات في محيط المركز، قبل أن يتمكّن أفراد «داعش» الذين كانوا على متن عشر سيارات رباعية الدفع مدجّجة بالأسلحة من الانسحاب وخطف 11 شخصاً بينهم مدير أمن المنطقة ومدنيون.
على صعيد آخر، اعتبر قائد ميليشيات «لواء الصمود» صلاح بادي أن إدراج اسمه ضمن قائمة عقوبات مجلس الأمن والإدارة الأميركية لا يستهدفه شخصياً «بل يستهدف ثورة 17 فبراير ويدعم الثورة المضادة»، معرباً عن شكره لمفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني ومواقفه الداعمة له.
وأضاف خلال اجتماعه مع قيادات من جماعة «الإخوان المسلمين» والميليشيات المسلحة وممثلين عن مدينة مصراتة مسقط رأسه، عقب عودته من تركيا أن «هذه العقوبات وسام شرف ولن تثنيني عن مواقفي الداعمة للثورة وتحقيق الأهداف التي قامت لأجلها وعلى رأسها الوقوف ضد مشروع عسكرة الدولة».
وخلال الأسبوع الماضي، انضمت الإدارة الأميركية إلى مجلس الأمن في فرض عقوبات على بادي، متهمة إياه بتقويض الأمن عبر توجيه هجمات إلى جماعات موالية لحكومة السراج.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».