احتفاء إسرائيلي بزيارة الرئيس التشادي

تدشين مرحلة تعاون أمني واقتصادي وأنباء عن قرب استئناف العلاقات مع نيجيريا ومالي

نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي مع ديبي (أ.ف.ب)
نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي مع ديبي (أ.ف.ب)
TT

احتفاء إسرائيلي بزيارة الرئيس التشادي

نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي مع ديبي (أ.ف.ب)
نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي مع ديبي (أ.ف.ب)

استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأحد، الرئيس التشادي إدريس ديبي، واعتبر في حفلة عشاء ودية زيارته المفاجئة «تاريخية»، ووجه شكرا خاصا لرئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات ورئيس «الموساد» (المخابرات الخارجية)، على مساهمتهما الحاسمة في ترتيب هذه الزيارة.
وقال نتنياهو إن الرئيس التشادي لم يكن أبدا في إسرائيل في السابق ولكنه التقاه قبل أسبوعين في المراسم التي عقدت في باريس لإحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى. ثم راح يمتدح نفسه على هذا الإنجاز قائلا: «هذه الزيارة تعكس مكانة إسرائيل المتصاعدة في العالم. أكرر ذلك مرة تلو الأخرى ونرى أسبوعيا أن رؤيتنا تتحقق على الأرض، بفضل قوتنا الاقتصادية والتكنولوجية إلى جانب قوتنا الأمنية والاستخباراتية. فهذا المزيج بين الأمرين، يخلق لنا قوة سياسية ودبلوماسية متراكمة على الأرض يوما بعد يوم».
وقال نتنياهو: «نفتح اليوم صفحة جديدة في علاقاتنا مع تشاد وأقول لكم إنه ستكون هناك دول أخرى في القريب العاجل». وذكرت مصادر سياسية مطلعة أن هذه الزيارة جاءت «لتعزز التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين. فتشاد تحتاج إلى النصائح والخبرات الإسرائيلية ووسائلها القتالية حتى تنجح في مكافحة الإرهاب. فهي محاطة بدول غير مستقرة، خصوصا ليبيا، وتحتاج إلى وسائل لحماية نفسها منها».
وكان الرئيس التشادي إدريس ديبي، وصل أمس إلى تل أبيب في أول زيارة علنية لمسؤول تشادي رفيع المستوى إلى البلاد، منذ 46 عاما. وبهذه الزيارة يتم استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، التي كانت قد انقطعت في سنة 1972. واستقبله في المطار وزير التعاون الإقليمي تساحي هنغبي. وحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن الرئيس ديبي كان قد طلب من إسرائيل أن يتم تعيين نجله رئيسا للبعثة الدبلوماسية لبلاده في إسرائيل. وكشف مصدر في الخارجية الإسرائيلية، أمس، بأن هناك جهودا جارية مع دول أخرى ستسير وراء تشاد أبرزها نيجيريا ومالي.
وأوضح موظف إسرائيلي أمس أن من توسط لاستئناف العلاقات مع تشاد، هو موظف كبير سابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، وهو المبعوث الخاص لرئيس مجلس الأمن القومي بإسرائيل مئير بن شبات، للعالمين العربي والإسلامي.
وقام المبعوث الخاص بمهمته عن طريق نجل الرئيس التشادي، الذي عرفه عليه رجل أعمال فرنسي من أصول يهودية، يدعى فيليب سولومون، والحاخام إبراهام مويال. وقالت القناة العاشرة، إن لدى إسرائيل مصلحة بتجديد العلاقات مع تشاد، التي تعتبر كبرى الدول الأفريقية المسلمة، وتبدي استعدادا لإبرام صفقات أسلحة وتقنيات أمنية مع إسرائيل.
ونشرت في تقريرها أمس الأحد، أن في شهر مايو (أيار) الماضي، وصلت رسالة مفاجئة من تشاد، حيث توجه سولومون ومويال إلى مندوب إسرائيل لدى منظمة «اليونيسكو»، كرمل شاما هكوهين، في حينه، وطلبوا نقل رسالة سلام من نجل الرئيس التشادي. وقالوا إنهم اجتمعوا بالرجل قبل أيام، فأبدى خلال اللقاء استعداد بلاده تجديد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. بدوره، بلغ هكوهين، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، بحقيقة الرسالة والذي بدوره منحه الضوء الأخضر لمواصلة الاتصالات، بالمقابل تم تبليغ جهات عليا في مكتب رئيس الحكومة ومجلس الأمن القومي. وفي مطلع أغسطس (آب) الماضي، نقل سولومون ومويال رسالة من الرئيس التشادي، جاء فيها أن «بعثة من طرف الرئيس التشادي معنية بالوصول إلى القدس وإيصال رسالة شخصية لرئيس الحكومة نتنياهو». وبحسب القناة العاشرة، فإن الرئيس التشادي أكد في رسالته بأن سولومون ومويال يعملان بموافقته من أجل تسريع تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي الجانب الإسرائيلي، تمت مناقشة فحوى الرسالة في مكتب رئيس الحكومة ووزارة الخارجية، واتفقوا على مطالبة الرئيس ديبي بأن يبعث برسالة خطية يتعهد من خلالها الموافقة على تجديد وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وفي 24 من الشهر نفسه، حول مويال وسولمون عبر هكوهين برقية معدلة من جانب تشاد موجهة إلى مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، جاء فيها: «زيارة الوفد التشادي إلى إسرائيل تعكس رغبة تشاد تجديد وتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».